الطاقة المتجددة الإيرانية

تراهن حكومة طهران على الطاقة المتجددة لاستقطاب استثمارات دولية، وبما أن للسويسريين مشاريع تجارية واستثمارية في أنحاء العالم وفي مجالات مختلفة، نرى أن عدداً من شركاتهم بدأ جدياً درس إمكان المشاركة في تطوير هذا القطاع الواعد في إيران هذه السنة، في الحقيقة، تنوي إيران أن تصبح "إلدورادو" الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي مطلق الأحوال، ينتظر المستثمرون السويسريون خطوات زملائهم الأوروبيين في ايران، قبل اتخاذ القرارات المواتية لهم، ولحسن الحظ، ستستقبل إيران قريباً، أول مجموعة من المستثمرين الأوروبيين، الراغبين في ترسيخ أعمال الطاقة النظيفة على أراضيها، وفي حين لايزال المستثمرون السويسريون، يتوخّون الحذر حيال أي خطوة رامية الى ضخ ملايين الفرنكات السويسرية في الطاقة المتجددة الإيرانية، نرى تحركات غربية "واقعية" هناك، لبناء أول منشأة للطاقة الشمسية بقوة 600 ميغاواط ساعة وتشغيلها.

وستحتل هذه المنشأة المرتبة السادسة عالمياً من حيث الحجم، صحيح أن ما يبنيه عمالقة الطاقة المتجددة، من هنود وصينيين، يجعل من الصعب منافسته، لكن ما يشجع المستثمرين السويسريين على الانخراط في أعمال الطاقة المتجددة في ايران، يتمحور حول التنافس الإيراني- الأميركي، في هذا المجال.

بحيث أن منشأة إيران المقبلة ستتفوق على أكبر منشأة أميركية للطاقة المتجددة، من حيث الحجم، لدى تشغيل معملها الأول، في السنوات الثلاث المقبلة. في الوقت الحاضر، أوشكت إيران على تخطي وضع "الحظر" الدولي الذي كان مفروضاً عليها سابقاً. وهكذا، بدأت طهران البحث عن مستثمرين أجانب لإعادة إنعاش اقتصادها. وسيلعب السويسريون، على غرار زملائهم الغربيين، دوراً إستراتيجياً في المرحلة الحساسة المقبلة.

ويبدو أن أعمال الطاقة المتجددة، لا سيما تلك الفوتوضوئية يراها الإيرانيون فرصة ذهبية لتعزيز مرتبة دولتهم عالمياً، حتى أمام الولايات المتحدة. إذ حتى عام 2020، تسعى إيران إلى تغطية 5 في المئة من حاجاتها الطاقوية بفضل الطاقة الشمسية، مستغلة بالتالي ما معدله 300 يوم سنوياً، من الأيام المشمسة التي ستكون مثابة وقود طبيعي ومن دون كلفة، لتغذية مولدات طاقتها النظيفة.

وسيكون صندوق الاستثمار الإيطالي- البريطاني، واسمه "كويرسوس"، مثابة المحرّك الحيوي لكل من يريد التوغل في أعمال الطاقة المتجددة في إيران. فالصندوق سيتولى بناء المنشأة الطاقوية المتجددة فيها. ولليوم، تبلغ قدرة الصندوق الاستثمارية نحو 685 مليون دولار، وهو يريد اصطياد الفرص المُتاحة له كافة، في منطقة الشرق الأوسط.

ولم تغازل إيران هذا الصندوق الاستثماري لأهداف صناعية، فحسب إنما لأغراض اقتصادية وجيوسياسية. فطهران تريد "خلط" مواردها الطاقوية (الهيدروكربونية والنووية) بأخرى على أمل بخفض انبعاثات الغازات السامة في الجو.

ويؤمن المستثمرون السويسريون بسياسة إيران الطاقوية المحقّة، لكنهم يعتقدون أيضاً، أن إيران تريد التخفيف من اعتمادها على الغاز والنفط لتوليد الطاقة، بهدف تخصيصهما للبيع في الخارج بهدف تمويل بنيتها التحتية وتطويرها، في فترة ما بعد الحظر الدولي عليها.

وفي حال نجح صندوق الاستثمار الإيطالي- البريطاني في المضي قدماً من دون عقـبات، في مشروعه الإيراني، سيشهد العـالم إقبالاً غير مسبوق للمستثمرين الســويسريين على الأعمال الإيرانية. إذ نرى قيد التحضير في سويسرا، صندوقاً خاصاً بمنطقة الشرق الأوسط، تتجاوز قدراته المالية 15 بليون فرنك سويسري، وهذا حـدث يعتبره الجميع، هنا، تاريخياً.