الذهب

مع بلوغ أسعار الذهب  أعلى مستوياتها في عام، نتيجة لزيادة المخاطر التي تدفع المستثمرين حول العالم للتمسك بالملاذات الآمنة، يشير بعض المحللين بأصابع الاتهام إلى التوترات التي تسببت فيها كوريا الشمالية منذ أن أطلقت صاروخا هدد جيرانها قبل نحو أسبوعين، ثم أتبعت ذلك بتجربة هيدروجينية كبيرة منذ يومين، لكن بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي يرى أن التوترات الجيوسياسية الناجمة عن تهديدات بيونغ يانغ ليست السبب الأساسي وراء الارتفاع الكبير في قيمة الذهب، إنما وجه الاتهام إلى حالة عدم اليقين التي تتسبب فيها سياسات الإدارة الأميركية وعلى رأسها الرئيس دونالد ترمب، قائلا إنها السبب الأبرز لجنون الذهب.

وجاء في مذكرة المصرف: إننا نرى أن الأحداث التي وقعت في واشنطن خلال الشهرين الماضيين لعبت دورا أكبر في ارتفاع الذهب الأخير، تليها ضعف قيمة الدولار، وهو ما ينبئ بانقضاء هذه الموجة الصعودية في وقت قريب. وفي مذكرة صدرت أمس الأربعاء، قال بنك الاستثمار إن تهديدات كوريا الشمالية ساهمت بزيادة تصل إلى 15 دولارا فقط من كل 100 دولار ربحها الذهب خلال الفترة الماضية، التي بلغ خلالها أعلى مستوياته السعرية في عام، متخطيا حاجز 1340 دولارا للأوقية، فيما كان عدم اليقين الذي تسبب فيه ترمب هو الدافع الأساسي لانتعاش المعدن الأصفر بشكل بالغ.
وخلال الفترة ما بين يوليو/تموز الماضي ومطلع سبتمبر/أيلول الجاري، قفزت أسعار الذهب بأكثر من 100 دولار للأوقية، حيث كان متوسط أسعار التسليم الفوري للأوقية في مطلع يوليو يبلغ نحو 1215 دولار. لكن البنك توقع، في مذكرته، أن تتلاشى تلك الحالة قريبا نسبيًا، حيث توقع أن يبلغ سعر أوقية الذهب 1250 دولارا بحلول نهاية العام الجاري حال تم تجنب تصعيد الخلاف مع كوريا الشمالية.

وخلال العام الجاري، كانت أدنى قيمة للأوقية تحت مستوى 1200 دولار في 14 مارس/آذار الماضي، فيما كان أعلى مستوى بلغه الذهب عندما تخطى 1290 دولارا بقليل في 6 يونيو/حزيران الماضي، لكن المعدن الأصفر لم يكسر أبدا حاجز 1300 دولار، وهو الحاجز الذي كسر ليلة 27 أغسطس/آب الماضي.
وكان الذهب يحلق فوق مستويات 1300 دولار في أوائل ومنتصف عام 2014، لكنه استمر في التراجع منذ ذلك الحين، ولم يصله إلى بشكل استثنائي في يوم 22 يناير/كانون الثاني عام 2015، ثم شهد فترة مقاومة طويلة نسبيا في الربع الثالث من عام 2016 حين ظل فوق تلك المستويات على مدار أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر، ثم عودة لكسر الحاجز بشكل استثنائي وأخير في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وتتعرض الولايات المتحدة خلال الفترة الحالية إلى أزمة احتمالية إغلاق الحكومة نتيجة تمسك ترمب ببعض بنود الميزانية التي لا يوافق عليها الأغلبية في الكونغرس، مثل البند الخاص بتمويل الجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وكان الذهب قد ارتفع بنسبة 7.9 في المائة خلال النصف الأول من العام الجاري، محتفظا بالأرباح التي حققها للمرة الأولى منذ 3 سنوات في عام 2016. وقفزت أسعار الذهب يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوى في عام مع تراجع الدولار، وصعد سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.43 في المائة إلى 1340.06 دولار للأوقية (الأونصة) في أواخر التعاملات في سوق نيويورك، بعدما سجل في وقت سابق من الجلسة ذاتها 1344.21 دولار، وهو أعلى مستوى منذ الثامن من سبتمبر/أيلول 2016. فيما قفز الذهب في العقود الأميركية الآجلة 1.0 في المائة، ليبلغ عند التسوية 1344.50 دولار للأوقية.
وتراجع الدولار أمام الين أمس، متجها صوب أدنى مستوى له في أربعة أشهر ونصف الشهر بفعل التوترات حول كوريا الشمالية وتصريحات مسؤول في مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) حول ضعف معدل التضخم. وأشار صناع السياسات داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى الحذر من ضعف التضخم، وأيد القليل منهم تأجيل المزيد من الزيادة في أسعار الفائدة الأميركية. ومن شأن رفع الفائدة دعم الدولار وزيادة العائد على السندات، مما يضع ضغوطا على أسعار الذهب من خلال زيادة تكلفة الفرصة البديلة الضائعة على حائزي المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدا.