وزير المالية والاقتصاد الوطني الدكتور محمد سليمان الركابي

مع دخول المهلة المقررة للرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان إلى ساعاتها الأخيرة، ترتفع حمى الترقب في الأوساط السودانية انتظاراً ليوم غد الأربعاء، وهو الموعد المقرر من قبل الإدارة الأميركية لإصدار قرار بالرفع الكلي للعقوبات التي خضع لها السودان على امتداد نحو 20 عاما. وبدأ رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية جزئيا في يناير/كانون الثاني الماضي، مما مهد لانفتاح السودان جزئيا على المؤسسات والمصارف الدولية الاقتصادية. ومنحت الإدارة الأميركية السلطات السودانية مهلة لمدة 6 أشهر من أجل تنفيذ عدة التزامات، فيما يعرف بـ"المحاور الخمسة"، وذلك قبل إعلان القرار النهائي يوم غد 12 يوليو/تموز.

وخلال هذه الفترة لمهلة الرفع الجزئي، استعدت قطاعات الدولة والقطاع الخاص، بسيناريوهين، الأول في حالة الموافقة، والثاني في حالة التعثر وتمديد فترة الرفع الجزئي إلى ستة أشهر أخرى. وأوضح الدكتور محمد سليمان الركابي وزير المالية والاقتصاد الوطني لـ"الشرق الأوسط" أمس أن السودان نجح خلال الستة أشهر الماضية في الانفتاح على منظومة التمويل والمال العالمية، بعد أن اتخذ تدابير أولية لتفعيل وتحديث القوانين، مثل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فيما شرع البنك المركزي في إعادة المعاملات المالية مع مصارف عربية وعالمية.

وأضاف الركابي أن بلاده مستمرة في الاتصالات والمفاوضات مع المؤسسات المالية الأميركية والصناديق الدولية للاستثمار في السودان في كلتا الحالتين، بعد أن كانت إحدى معوقات هذا الاتصال الأساسية تكمن في الحصار الاقتصادي، مؤكداً تفاؤل الجانب السوداني برفع العقوبات نهائيا في موعدها، حيث أوفي السودان بكل التزاماته المقررة، والتي شملها قرار يناير المشروط. وقال إن رفع العقوبات الجزئي قد ساهم في الاندماج في الاقتصاد العالمي، أما الرفع الكلي فسيفتح فرص كبيرة حرم منها السودان منذ عشرون عاما، مثل التمويل الميسر والمنح والمساعدات الفنية التي تقدم للدول المماثلة للسودان وإعفاء ديونه.

وتسيطر حالة من الترقب على اتحاد أصحاب العمل السوداني انتظارا للقرار، إلا أن سمير حمد قاسم، أمين الخارجية ونائب رئيس الغرف التجارية، قال لـ"الشرق الأوسط" أمس، إن الاتحاد مستعد للتعامل مع القرار، إن كان بالموافقة أو بالتمديد، إذ أن الاتحاد لديه اتصالات حاليا مع عدد من الشركات الأميركية التي أبدت رغبة رغبتها للاستثمار في السودان بعد اكتمال الرفع النهائي للعقوبات، والذي سيكون بردا وسلاما علي الاقتصاد والمواطن السوداني.

وأضاف أن الاتحاد يترقب قرارا إيجابيا، خاصة فيما يتعلق بدعم ملف العلاقات الاقتصادية المشتركة، حيث شهدت الفترة الأخيرة اجتماعات واتصالات تنسيقية مختلفة، كما شهدت العلاقات مع أميركا ودول العالم حراكا لتهيئة المناخ لرفع العقوبات، بجانب أن هناك ترتيبات لزيارة وفد أميركي استثماري للبلاد في غضون اليومين المقبلين. وتابع قاسم يقول إن اتحاد أصحاب العمل في نقاش مستمر مع السفارة الأميركية في الخرطوم لتنفيذ هذا الأمر في موعده، كما شارك في احتفالها بعيد الاستقلال الأربعاء الماضي، وتم التطرق لهذا الملف. وحول الخيارات الثلاثة التي وضعها أصحاب العمل السوداني، حسب القرار الأميركي، قال بكري يوسف، الأمين العام للاتحاد، لـ"الشرق الأوسط": في حال رفع العقوبات سيواصل الاتحاد علاقاته مع المؤسسات والشركات الأميركية والعالمية الأخرى، وفي حالة تمديد المهلة سيتم التعامل بنفس منهج التواصل، وغيرك ذلك، فإن قطاع الأعمال السوداني يملك الخبرات التراكمية للتعامل معها.

من جهته، يشير مبارك الفاضل، مسؤول القطاع الاقتصادي في مجلس الوزراء السوداني، إلى أهمية اطلاع المجتمع الاقتصادي الدولي على أن البلاد يتوافر بها مناخ آمن وجاذب ومجدي للاستثمار، حيث تمت مراجعات للسياسات في قانون الاستثمار الجديد، بما يمكن من حل كافة المشكلات والمعوقات التي تواجه العملية الاستثمارية والمستثمرين الأجانب في البلاد، وعلى رأسها التضارب في المصالح بين المركز والولايات وبيروقراطية الإجراءات وتحويل الأموال.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن السودان تقدم كثيراً في ملفات رفع العقوبات كلياً، ومارس سياسات محكمة لتجاوز فترة السماح، مما أدى إلى زيادة التدفقات النقد الأجنبية وارتفاع طلبات الاستثمارات الخارجية، وفتح المصارف والمؤسسات المالية. ويشير المراقبون إلى أن التراجع الذي حصل للعملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني خلال الستة أشهر الأخيرة، كان بسبب التحسن الذي طرأ على العلاقات السودانية الأميركية، حيث بدأ القطاع الاقتصادي والاستثمار في التعافي، كما أن هناك إقبالا كبيراً من الشركات الأجنبية، خاصة القطاع التجاري الأميركي، الذي أكد رغبته في الاستثمار بخطوات عملية مع نظرائه بالسودان.