الاقتصاد السوري على حافة الانهيار

يعيش سكان العاصمة دمشق في حالة تخبط ورعب  حقيقية، ليس خوفا من تقدم تنظيم "داعش" أو من قصف محتمل قد يبدأ قريبا ،بل من مستقبل مجهول قد يكون اسوأ من جميع كوابيسهم .

إشاعات بانهيار الإقتصاد بشكل مفاجئ و سقوط الدولة ومؤسساتها تنتشر بسرعة في الشارع السوري بعد الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية و ما رافقه من إرتفاع  جنوني بأسعار جميع المواد الإستهلاكية و الغذائية و امتناع جميع المواقع الإلكترونية الحكومية و شبه الحكومية عن نشر سعر الصرف في السوق السوداء و الاتهامات المتبادلة بين المسؤولين الحكومين والتجار بالمسؤولية عن انهيار الإقتصاد .

وبدأت تلوح بوادر (ثورة جياع) و تكتمل مقومات انفجارها بعد عجز أغلب المواطنين عن شراء الحاجات الأساسية لحياة أطفالهم (حليب أطفال وأدوية ) فضلا عن عجزهم عن تأمين أبسط وجبات الطعام لأسرهم بعد تقلص قيمة الدخل الشهري لأقل من 40 دولار وارتفاع  الأسعار بنسبة 35% خلال أسبوع فقط  و عجز الحكومة عن ضبط الأسواق و اتخاذها لإجراءات يراها معظم المواطنيين تصب في مصلحة التجار ضد المواطن الفقير ..وخرج النقد و التململ من الدوائر الصغيرة و بدأ يتحول لاحتجاج علني و شتم لمسؤولي الحكومة و فضح لممارساتهم و علاقاتهم المشبوهة ببعض تجار العملة في ( دمشق و شتورا اللبنانية ) .

و لأول مرة يتحدث خبير إقتصادي على الهواء مباشرة عبر إذاعة محلية ويتهم الحكومة بدفع الموظفين الحكوميين للفساد و تلقي الرشاوي و جر المواطن إلى حافة الجنون بإهمالها المتعمد و فسادها الذي فاق الوصف، حيث قال الدكتور "عمار يوسف"  إن الحكومة مسؤولة عن فقدان المواطن لولائه للوطن و عن دفعه للتمرد ، وأشار إلى أن ثورة الجياع المرتقبة هي أخطر ما يمكن أن يحصل لسورية في الوقت الحالي ﻷنها ستفقدها كل المواطنيين (الشرفاء) الذين صبروا لخمس سنوات ..وطالب يوسف برفع فوري لرواتب وتعويضات عناصر القوات الحكومية و ضباطها خوفا من انحراف بوصلتهم نتيجة الفقر و الحاجة ،و ذهب يوسف بعيدا حين طالب بإقالة الحكومة و تعيين حكومة عسكرية لإدارة شؤون البلاد (كون الحكومة الحالية و التجار المرتبطين بها فقدوا الحس الوطني ) ..ولم يستبعد أن سعر الدولار الأمريكي قد يصل الى 10000 ليرة سورية  في حال استمرت الحكومة الحالية باستنزاف الإحتياطي النقدي لخدمة مصالحها الضيقة .

وكان البنك المركزي قد نشر بيانًا فاجئ جميع من كان يترقب خروج الفريق الإقتصادي بقرارات مهمة بعد الاجتماع الطارئ الذي عقده البنك الأحد نتيجة الإرتفاع الكبير بسعر الصرف ..حيث قال البنك المركزي " إن الحرب الشرسة التي تشن على البلاد هي السبب الرئيسي لانخفاض قيمة الليرة و أن على المواطنيين التوقف عن شراء المواد المستوردة و دعم الإنتاج الوطني"، ورأى معظم خبراء الإقتصاد المحليين في هذا البيان إنفصالا عن الواقع و تهربا من المسؤولية و استغباءا للمواطن 

وكتبت وزيرة الإقتصاد السابقة لمياء عاصي في صفحتها الشخصية : نفس العقليات ستدرس أسباب ارتفاع الدولار، وهي نفسها ستتوصل لنفس النتائج وستقترح وتطبق نفس الحلول ، ولا شيء جديد ، لا عزاء للسوريين وهم بين مطرقة وحشية الحربوسندان غباء السياسات الاقتصادية" .