دبي - العرب اليوم
بدأ مصرف الإمارات المركزي، الخميس، تخفيض أسعار الفائدة على شهادات الإيداع، التي يصدرها بـ25 نقطة أساس (ربع في المئة)، كما خفض سعر إعادة الشراء (الريبو)، الذي ينطبق على اقتراض السيولة قصيرة الأجل، التي يصدرها بضمان شهادات الإيداع 25 نقطة أساس، وذلك تماشياً مع قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بـ 25 نقطة أساس.
وتمثل شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي للبنوك العاملة في الدولة أداة السياسة النقدية، التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي بالدولة.
زيادة الإقراض
ومن المتوقع، وفقاً لخبراء ماليين واقتصاديين، أن تزيد البنوك في إقراضها لعملائها، سواء حكومة أو شركات أو أفراد، وأن تتقلص استثماراتها في شهادات إيداع المصرف المركزي بعد التطبيق الكامل لقرار خفض أسعار الفائدة، وذلك بعد أن وصلت ارتفاعات غير مسبوقة خلال العام الجاري في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، حيث ارتفعت وفق أحدث إحصاءات المصرف المركزي أمس إلى 155.8 مليار درهم بنهاية يونيو مقابل 125.2 ملياراً بنهاية يونيو 2018 بزيادة قدرها 30.6 ملياراً وبنمو سنوي 24.4%.
اقرا ايضا:
مصرف الإمارات المركزي يعلن أن السيولة في البنوك كافية
ويجيء قرار خفض الفائدة في ظل سيولة إجمالية غير مسبوقة بلغت بنهاية يونيو الماضي مستوى لم تحققه في تاريخ الإمارات وهو 1.645 تريليون درهم، وسيولة متخمة بالبنوك تم تفريغ جزء منها في شهادات الإيداع.
محفز
ورأى نجيب الشامسي، الخبير الاقتصادي مستشار غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، أن قرار تخفيض سعر الفائدة في الدولة سيعزز النشاط الاقتصادي بشكل كبير، حيث سيدفع نحو المزيد من الاقتراض، وهو قرار لا شك في أنه يشكل محفزاً للحركة المصرفية والاقتصادية، خاصة أن للقطاع المصرفي دوراً مهماً في دعم مشاريع التنمية، كما أنه شريك أساسي في دعم النشاط في الدولة.
وأكد الشامسي أن القطاع المصرفي بالإمارات تميز خلال الفترة القليلة الماضية بسيولة غير مسبوقة، منوهاً بأن قرار التخفيض سيساعد على توظيف جزء من هذه السيولة في تسريع النشاط التجاري والاقتصادي والتنموي بالدولة.
ولفت إلى الأهمية الكبيرة لتخفيض سعر الفائدة على شهادات إيداع المصرف المركزي، مشيراً إلى أن هذه الشهادات تمثل إحدى الوسائل التي يستخدمها المركزي لتقليص السيولة في الدولة أو زيادتها، وهي أداة نقدية مهمة لدى المصرف، فقد يرفع الفائدة عليها حينما يرى أن هناك سيولة تؤثر على الوضع الاقتصادي لتشتري المصارف تلك الشهادات، وحينما يرغب زيادة السيولة يخفض سعر الفائدة عليها، وبلا شك فإن الوضع الحالي يشير إلى أن المركزي بتخفيضه سعر الفائدة على شهادات إيداعه يدفع البنوك لتوظيف الأموال الكبيرة، التي لديها بشكل أفضل، وأن تتوسع في الإقراض.
معدلات نمو
من جانبه، قال الدكتور علي الصادق الخبير الاقتصادي، إن الإقراض في الإمارات رغم نموه الإيجابي العام الماضي، إلا أن نسبة نموه أقل من نسبة نمو اقتصاد الدولة، ووفقاً لإحصاءات المصرف المركزي، فإن نسبة النمو السنوي لإقراض القطاع الخاص لا تتجاوز 2.5%، بينما تتفق مؤشرات المركزي وصندوق النقد الدولي على أن اقتصاد الإمارات ينمو بنسبة لا تقل عن 3%.
وأكد أن المطلوب اليوم زيادة الإقراض بشكل أكبر لينمو بنسبة تفوق نمو الاقتصاد، حتى يكون نظامنا الاقتصادي صحياً، وبلا شك فإن قرار تخفيض سعر الفائدة سيدفع البنوك والمؤسسات التمويلية المحلية إلى زيادة إقراضها، كما سيشجع المستثمرين والعملاء على المزيد من الاقتراض بهدف الاستثمار والاستهلاك بسبب انخفاض تكلفة التمويل، وبلا شك فإن كل القطاعات الاقتصادية في الإمارات، وخاصة السياحة والعقارات، سوف تستفيد بشكل كبير من قرار الخفض، خاصة وأن السياسة النقدية للدولة تشجع حالياً على النمو المتواصل بقوة.
وتوقع الدكتور علي الصادق أن توجه البنوك جزء لا يستهان من السيولة المتوفرة لديها للإقراض وليس لشهادات الإيداع، وقال إنه على الرغم من أن شهادات الإيداع مضمونة العائد بالنسبة للبنوك، حيث يضمنها المصرف المركزي، إلا أن انخفاض سعر الفائدة عليها سيدفع البنوك لخلق فرص أكبر للإقراض.
تنافسية الصادرات
من ناحيته، رأى أسامة آل رحمة، الرئيس التنفيذي لشركة «الفردان للصرافة»، نائب رئيس مجلس مجموعة الصيرفة والتمويل المالي، أن تأثير قرار خفض سعر الفائدة يحتاج إلى وقت لتظهر آثاره الإيجابية، مشيراً إلى أن التأثير الأكبر للقرار سيكون على تكلفة التمويل، وطالما انخفضت هذه التكلفة فسنرى تنافساً بين البنوك على تمويل المشاريع وسنرى ضخاً كبيراً للسيولة في اقتصاد الدولة، وسوف تستفيد المشاريع الاستثمارية والعقارية الجديدة بشكل كبير.
ولفت إلى أن قرار الخفض له آثار غير مباشرة على تنافسية الصادرات، إضافة إلى الآثار الإيجابية للقرار على قطاع السياحة، وبكل تأكيد فإن تكلفة السياحة والزيارة للإمارات ستكون أقل عما هو سابقاً وانخفاض العملة مقابل عملات أخرى نتيجة قرار خفض أسعار الفائدة سيجذب المزيد من السياح للإمارات.
أسواق المال
فيما توقع عميد كنعان، المحلل المالي، أن تظهر آثار قرار تخفيض أسعار الفائدة على أسواق المال سريعاً، مشيراً إلى أن هذا القرار طال انتظاره منذ أكثر من 10 سنوات، وستكون له آثار سريعة على السيولة المتخمة المتوفرة في البنوك، حيث سيوفر المزيد من السيولة ويخلق فرصاً أكبر في أسواق المال، ما سيساعد على دفع أسواق المال نحو التحسن.
وأكد أن قرار خفض أسعار الفائدة يشكل خطوة جيدة تساعد في كبح جماح ارتفاع تكلفه التمويل التي كانت عائقاً، وتشكل مأزقاً حقيقياً للشركات المقترضة خلال السنوات السابقة، كما تساعد في تخفيف العبء عن الشركات المثقلة بالديون وتعطيها فرصة لإعادة التمويل، كما أن القرار يساعد بشكل كبير على ضخ سيولة للأسواق ويشجع على المزيد من الاستثمار، ومن المتوقع أن تتواصل آثاره الإيجابية خاصة مع وجود مؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية متجهة لتخفيض إضافي وواحد على الأقل قبل نهاية العام، ما يعطي إشارة إيجابية لقطاع الأعمال ورسالة اطمئنان تقضي على مخاوف التكلفة العالية، ما يشجع على الاستثمار والاقتراض، علماً بأن تخفيض سعر الفائدة جاءت محاولة من المجلس الفيدرالي الأمريكي للحفاظ على معدلات النمو الحالية.
كما توقع أن تبحث السيولة الكبيرة الموجودة في البنوك الإماراتية حالياً على شكل ودائع عن فرص أفضل في الأسواق، سواء المالية أو العقارية أو قطاع الأعمال، وإذا تم التخفيض بربع أو نصف نقطة قبل نهاية العام، فإن ذلك التخفيض الكبير على مدار مرتين سيمهد الطريق للشركات للعودة إلى البنوك.
خبرات كبيرة
أما عصام قصابية، المحلل المالي الأول بشركة «مينا كورب» فقد رأى أن خفض أسعار الفائدة عالمياً قد يضر بالبنوك في غالبية دول العالم، لكن في الإمارات الوضع مختلف وقال: «إن البنوك لن تتضرر من خفض الفائدة ولن يؤثر قرار التخفيض سلبياً على هامش صافي أرباح فوائد البنوك، فبنوك الإمارات تمتلك خبرات كبيرة في كيفية التعامل مع هذا الوضع، وبكل تأكيد فإن هامش الربح لديها لن ينخفض بشكل ملحوظ بنسبة انخفاض الفوائد نفسها لأن لديهم آليات معينة للمحافظة على هامش ربح جيد».
وذكر أن قرار التخفيض سيكون له دور كبير في تحفيز الاستثمار، وسيحرك السيولة التي تتخم البنوك حالياً، وسيكون لدينا سيولة أكبر بتكلفة أقل، وستتراجع تكلفة الإقراض على المقترضين بشكل واضح ما يخفف عنهم الأعباء وتتوفر لديهم قدرات شرائية أفضل، كما ستستفيد قطاعات مهمة، خاصة القطاع العقاري من هذا التخفيض، لأن الفوائد المرتفعة كان لها آثار سلبية على أرباح المستثمرين العقاريين، وقد تراجع العائد الاستثماري للقطاع العقاري في غالبية إمارات الدولة من أكثر من 10% إلى ما دون 6% حالياً وأدى انخفاض هذا العائد إلى توقف استثمارات كبيرة في قطاع العقارات، وبلا شك فإن قرار تخفيض سعر الفائدة سيحفز المستثمرين العقاريين على شراء المزيد من العقارات عبر تمويلات من البنوك، ما سيؤدى على المدى القصير والطويل إلى التخلص من الفائض من الوحدات السكنية في القطاع العقاري وتحقيق المستثمرين العقاريين والشركات العقارية لأرباح أفضل كما ستربح البنوك أيضاً.
إنعاش العقار
من جانبه، أكد خليفة سيف المحيربي، رئيس مجلس إدارة شركة «الخليج العربي للاستثمار» أن قرار خفض الفائدة اليوم سيكون له دور كبير في إنعاش القطاع العقاري، حيث سيقبل الكثير من المستثمرين على البنوك لتمويل شراء العقارات لهم بشروط أفضل في ظل فائدة منخفضة.
وأعرب المحيربي عن أمله بأن يؤدى قرار تخفيض أسعار الفائدة آثاره الإيجابية سريعاً على إقراض الشركات العقارية والعملاء الأفراد سواء الحاليين أو المحتملين مستقبلاً، مؤكداً أن القرار سيؤدى إلى إنعاش الإقراض العقاري بصفة خاصة والإقراض المحلى بصفة عامة، وسنرى قروضاً إضافية سواء لأغراض الاستهلاك أو الاستثمار وسيكون اقتصاد الإمارات هو المستفيد.
شرايين الاقتصاد تستعد لضخ سيولة جديدة
أكد الخبراء استفادة اقتصاد الإمارات من قرار خفض أسعار الفائدة، حيث سيدفع البنوك لضخ سيولة جديدة في شرايين الاقتصاد عبر إعطاء دفعة قوية للاستثمار والاستهلاك، إضافة إلى خلق فرص أكبر في أسواق المال، ما سيساعد على نموها، إضافة إلى إنعاش القطاع العقاري وزيادة عوائده الاستثمارية، كما أن خفض سعر الفائدة سيؤدى إلى توجه الشركات بشكل أكبر للبنوك للحصول على التمويل، وتقليص التوجه نحو إصدار صكوك وسندات ذات تكلفه عالية على تلك الشركات لمتابعة ونمو أعمالها.
وأشار الخبراء الاقتصاديون إلى أن أسعار الفائدة لدى البنوك في الدولة كانت مرتفعة ما لم يشجع بعض عملاء البنوك على الإقراض، وهو ما أثر على حالة الاقتصاد العامة، والواقع خلال الفترة الماضية كان يشير بوضوح إلى أن لدى البنوك ودائع كبيرة بتكلفة عالية، والبنوك تحاول إقراض العملاء بتكلفة أعلى لتحقق الأرباح، ما أدى إلى عدم نمو الإقراض بنسب عالية كما هو مطلوب، وبلا شك فإن خفض سعر الفائدة لن يضر البنوك ولا بد أن تبادر إلى تشجيع الإقراض لأن لديها هامش ربح جيد جداً يمكنها من خلق المزيد من التخفيض حتى تسهم في تحفيز الإقراض.
قد يهمك ايضا:
مصرف الإمارات المركزي يطلق "برنامج قروض المواطنين" لتخفيف أعباء الديون