الشركات الأجنبية الكبرى ترفع حجم استثماراتها

رفعت الشركات الأجنبية الكبرى، المتخصصة في الصناعة، حجم استثماراتها في السوق السعودية، ليصل إلى نحو 15 في المئة من إجمالي حجم الاستثمارات في هذا القطاع، الذي يزيد حجمه عن 285 مليار دولار، فيما أبدت شركات عالمية متخصصة في الصناعات الثقيلة والمتوسطة، رغبتها الدخول في السوق المحلية لما تمتلكه من مقومات.

وقال مختصون في الصناعة، إن عموم الشركات العاملة في السوق المحلية، بما في ذلك الشركات الوطنية، تتجه إلى رفع استثماراتها، في ظل الخطوات التي انتهجتها المملكة، لتخفيف الضغط على «الريال السعودي»، من جراء ارتباطه بالدولار الأميركي، وذلك من خلال تقليص حجم الاستيراد والتحول من الاستهلاك في عموم الصناعات إلى الإنتاج وتغطية حاجة السوق السعودية، ومن ثم التصدير.

كما يرى المختصون أن هناك كثيرا من العوامل التي دفعت بهذه الشركات إلى رفع حجم استثماراتها، أبرزها دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لهذا القطاع، إضافة إلى كثير من الحوافز التي تتمثل في إنشاء وتطوير المدن الصناعية في مختلف المناطق، وكذلك تدني أسعار الخدمات المقدمة للمستثمرين في هذا القطاع، وهو ما رفع إجمالي عدد المصانع العاملة إلى أكثر من سبعة آلاف مصنع مع نهاية عام 2015، في حين ارتفع رأس المال المستثمر إلى نحو 285 مليار دولار (تريليون ريال)، وفقا لآخر إحصائيات وزارة التجارة والاستثمار.

وقال عضو مجلس هيئة المدن الصناعية سعيد بن زقر، إلى «الشرق الأوسط»، إن «البنية التحتية للاقتصاد الصناعي في السعودية وصلت إلى مرحلة متقدمة بدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين، إذ نشهد اليوم تنوع المصانع وانتشار أكثر من 34 مدينة صناعية متطورة، منها مدن رئيسية تتمركز في جدة والدمام والرياض وسدير ومكة المكرمة والمدينة المنورة».

وأضاف بن زقر أن هذه القوة دفعت كثيرا من الشركات العالمية والدولية الكبرى الموجودة في السوق المحلية إلى زيادة استثماراتها في القطاع الصناعي، وهو ما يؤكد مدى ما تتميز به السوق السعودية وجاذبيتها لمثل هذه الاستثمارات، خصوصا أنه في عصر العولمة تكون الصناعة لمنتج موزعة على عدد من الدول، متابعا أن «الفكرة التي نعمل عليها في البلاد هو جذب المستثمرين، على أن تتكون أكبر نسبة من المنتج في السوق المحلية».

وأشار عضو مجلس هيئة المدن الصناعية إلى أن السعودية تتميز بكثير من المقومات، ومنها ارتفاع الناتج المحلي، والقوة الشرائية العالية، إضافة إلى موقع السعودية المتميز الذي جعلها حلقة وصل ما بين الشرق والغرب، موضحا أن هذه المقومات تدفع بالقول إن عوائد القطاع الصناعي ستشكل ما نسبته 22 في المئة من الناتج المحلي، بحلول عام 2020، مع نمو حجم الاستثمار الأجنبي في السوق المحلية، الذي يتوقع أن يرتفع خلال السنوات المقبلة بشكل كبير.

وحول التحول من الاستهلاك إلى الإنتاج، قال بن زقر إن السعودية تسير في الطريق الصحيحة لرفع حصتها على المستوى العالمي من الإنتاج المحلي، خصوصا بعد أن اتخذت خطوات عدة لتصحيح مكانتها في ميزان التبادل الدولي، موضحا أن هذه الخطوات سترفع القيمة الصناعية وتقلّص حجم الاستيراد.

كما تطرق إلى أن السعودية كانت معتمدة في السابق على النفط، وعوائده مرتبطة بالدولار الأميركي، وعندما انخفض سعر النفط كان لا بد من إيجاد طريقة لتقليص هذه السيولة، لأن ما نسبته 80 في المئة من الأطعمة المستهلكة مستوردة، إضافة إلى الكماليات (إلكترونيات والمركبات)، وهذا يضغط على «الريال السعودي» لارتباطه بالدولار، لذا جاءت خطوة سحب السيولة من خلال إصدار صكوك، وتبعها إخراج السيولة من الجهاز المصرفي، إضافة إلى إيجاد حالة من التقشف، لأنه من غير المنطقي أن الدخل ينخفض والاستيراد يرتفع بشكل كبير وملحوظ.

وأضاف بن زقر أن الخطوات مهمة وقوية لوقف النزيف، من خلال تعديل ميزان التبادل وتقليص الاستيراد، ومن ثم يتنوع الاقتصاد وترفع الإنتاجية حتى نصل في العام 2030 إلى قوة صناعية لديها القدرة على التصدير لمختلف المنتجات الثقيلة والمتوسطة، وهذا ما تصبو إليه الحكومة في تقليص حجم الاستيراد من خلال إيجاد البدائل محليا، في توسيع خريطة الصناعة.

هذا ويُعدّ تنوع الصناعة في السعودية عامل جذب للشركات الكبرى، وتحديدا في صناعة منتجات المعادن اللافلزية، التي تجاوز عدد مصانعها نحو 1340، وباستثمار يتجاوز 40 مليار دولار.

كذلك صناعة المواد والمنتجات الكيميائية، التي يصل حجم الاستثمارات فيها إلى قرابة 114 مليار دولار، فيما حققت الصادرات الصناعية السعودية نموًا سريعا بمعدل 14.7 في المئة سنويا، ليصل إلى قرابة 80 مليار دولار للصناعات غير النفطية.

وزادت وتيرة التصدير مع بدء تطبيق الاتحاد الجمركي الخليجي الموحد، إضافة إلى انضمام السعودية في 2005 إلى منظمة التجارة العالمية.

وبهذا الشأن يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي، مروان الشريف، إن الحكومة السعودية دعمت القطاع الصناعي بشكل كبير، إيمانا منها بأهمية هذا القطاع، وتأثيره على الاقتصاد الوطني، الذي يتوافق مع التنمية الاقتصادية الشاملة للدولة، في توسيع القاعدة الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل، خصوصا أن المملكة تُعدّ من الدول القليلة التي سخّرت كلّ الإمكانات لخدمة هذا القطاع، الأمر الذي دفع كثيرا من المستثمرين للدخول بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

وأضاف الشريف أن الناتج الصناعي شهد نموا بشكل كبير وملحوظ في السنوات الأخيرة، ومعدلات نمو القطاع الصناعي تتصاعد، ما رفع معه نسبة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي، ليصل إلى نحو 13.5 في المئة، ويُتوقع أن يرتفع خلال السنوات المقبلة، في ظل الدعم ما يلقاه من الدعم والتنوع الكبير في الصناعة.