الجنيه الإسترليني

تحوّل الجنيه الإسترليني إلى ضحية دائمة لمغامرات الحكومات البريطانية منذ المفاجأة القاسية التي أحدثها استفتاء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي قبل عام، وبالأمس الجمعة، تراجع الإسترليني بنسبة نحو 2 في المائة، إثر خسارة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الغالبية المطلقة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس، في نتيجة مدوية تجعل مستقبل البلاد غامضًا قبيل بدء مفاوضات "بريكست"، خصوصًا في ظل ارتفاع مستويات التضخم مع تقلص مقدرات الأسر البريطانية على الإنفاق الاستهلاكي، وعدم مقابلة الناتج الصناعي للتوقعات خلال الفترة الأخيرة.

وأصبح الاقتصاد البريطاني أسوأ الاقتصادات أداءً بين مجموعة الدول السبع بسبب التباطؤ في الأشهر الثلاثة الأولى من 2017، بعد أن تفوق على نظرائه في 2016 رغم صدمة التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغامرت ماي بالدعوة إلى الانتخابات أملًا في امتلاك غالبية برلمانية مريحة، تطلق يدها خلال المفاوضات مع قادة الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بلادها من الاتحاد، لكن النتائج المحبطة لماي تفضي إلى "عدم استقرار" سياسي، يتبعه قلق اقتصادي، وانخفض الجنيه الإسترليني أمام الدولار من 1.2959 إلى 1.2674 بعد أن تأكدت خسارة المحافظين للغالبية البرلمانية، كما تراجع بنسبة 2 في المائة أمام اليورو، وعلى الرغم من ذلك، فتحت بورصة لندن "إف تي إس إي 100"، مسجلة زيادة نسبتها 0.7 في المائة، بعد أن ساعد ضعف الجنيه الشركات الدولية المدرجة على لائحته، وقال كريغ إرلام، كبير محللي الأسواق في شركة "أواندا"لتداول العملات، لوكالة الصحافة الفرنسية إن برلمانًا معلقًا هو أسوأ نتيجة بالنسبة للسوق، إذ يزيد ذلك الغموض قبل مفاوضات "بريكست"، وتضيع ما هو بالفعل فترة زمنية قصيرة لتأمين اتفاق بريطانيا.

وتلقي هذه النتيجة مرة أخرى ببريطانيا في اضطراب بعد أقل من عام على قرار البلاد مغادرة الاتحاد الأوروبي، وفي حينه، خسر الجنيه الإسترليني 15 في المائة مقابل الدولار في الفترة بين يونيو /حزيران وأكتوبر /تشرين الأول 2016، لكن مينوري أوشيدا، كبير المحللين لدى بنك "طوكيو - متسوبيشي يو إف جي"، قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن تراجع ماي قد يؤدي إلى خروج أيسر من بريكست، وهو أمر ليس سيئاً للاقتصاد البريطاني على المدى البعيد، وبشأن العالم، ارتفعت بورصة باريس 0.3 في المائة، فيما بقيت فرانكفورت دون تغيير، وارتفعت بورصة طوكيو بنسبة 0.5 في المائة، وشنغهاي 0.3 في المائة وسنغافورة 0.4 في المائة، وارتفعت بورصة سيول بنسبة 0.8 في المائة، فيما تراجعت هونغ كونغ بنسبة 0.1 في المائة بعد يوم من إغلاقها بأكثر من 26 ألف نقطة لأول مرة خلال عامين، ويقول رئيس استراتيجيات تداول النقد في البنك الوطني الأسترالي راي استريل" حتى مع توقعنا تقلبًا في الجنيه الإسترليني، هناك احتمال أقل أن يمتد ذلك لأسواق أوسع"

 ويضيف "لا يزال هناك قليل من الصعوبة المحلية، أكثر من كونه حدثا ذي تأثير عالمي"، في غضون ذلك، أظهرت بيانات رسمية أمس الجمعة أن الناتج الصناعي البريطاني زاد بوتيرة أقل من المتوقعة في أبريل /نيسان الماضي، بعد أن هبط على مدى الأشهر الثلاثة السابقة، بما يشير إلى أن الاقتصاد يكافح لاكتساب الزخ، وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الناتج الصناعي زاد بوتيرة شهرية بلغت 0.2 في المائة في أبريل/نيسان، بينما كان خبراء اقتصاديون شاركوا في استطلاع توقعوا نمو الناتج 0.8 في المائة

.وسجل قطاع الصناعات التحويلية، وهو جزء من الناتج الصناعي الكلي، زيادة بواقع 0.2 في المائة في أبريل/نيسان، وهو ما يقل عن توقعات بنمو شهري نسبته 0.9 في المائة في استطلاع، وفي ثلاثة أشهر حتى أبريل، انخفض الناتج الصناعي 1.2 في المائة وهو أول هبوط من نوعه منذ نوفمبر /تشرين الثاني، كما تراجع قطاع الصناعات التحويلية 0.7 في المائة