نائب رئيس البنك الدولى حافظ غانم

كشف  تقرير صادر عن البنك الدولي، أن الصراع في سورية، حتى أوائل عام 2017، قد ألحق أضرارًا أو دمارًا فى نحو ثلث المساكن ونحو نصف المنشآت الطبية والتعليمية، مشيرًا إلى أن النتائج الرئيسية  أكدت أن انهيار أنظمة الاقتصاد والمجتمع، والثقة التي تربط الناس معًا، لهما أثر اقتصادي أسوأ من تدمير البنية التحتية المادية.

وأشار التقرير، إلى أن الصراع الدائر فى سورية منذ ست سنوات، أسفر عن وقوع خسائر فادحة فى الشعب السورى، حيث قتل أكثر من 400 ألف شخص، واضطر أكثر من نصف السكان إلى مغادرة منازلهم فى أكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، وقال حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولى لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "إن الحرب فى سورية تمزق النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، مشيرًا إلى  أن عدد الضحايا مدمر ولكن الحرب تدمر أيضًا المؤسسات والنظم التي تحتاجها المجتمعات لتقوم بوظائفها، وسيشكل إصلاحها تحديًا أكبر من إعادة بناء البنية التحتية، وهو تحدٍ سيظل ينمو ويتعاظم مع استمرار الحرب".

ويخلص التقرير إلى أن ما يقرب من 538 ألف وظيفة تعرضت للتدمير سنويًا خلال السنوات الأربع الأولى من الصراع، وأن الشباب الذين يواجهون الآن نسبة بطالة تبلغ 78% لديهم خيارات قليلة للبقاء، ووفق التقرير أدى الاستهداف المحدّد للمنشآت الصحية إلى تعطيل النظام الصحى بشكل كبير، مع عودة الأمراض المعدية كشلل الأطفال إلى الانتشار، ويُقدّر أن عدد السوريين الذين يموتون بسبب عدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية أكبر من عدد المتوفين كنتيجة مباشرة للقتال، كما تعطل النظام التعليمي بسبب الأضرار التي لحقت بالمنشآت التعليمية واستخدام المدارس كمنشآت عسكرية، إضافة إلى أن نقص الوقود أدى إلى خفض إمدادات الكهرباء للمدن الرئيسية إلى نحو ساعتين في اليوم مما أثر على مجموعة من الخدمات الأساسية.

وقال مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جا "إن وجود تسعة ملايين سوري عاطلين عن العمل سيكون له عواقب طويلة الأجل بعد توقف المعارك، كما أن من شأن رحيل ما يقرب من خمسة ملايين لاجئ، بالإضافة إلى عدم كفاية التعليم وسوء التغذية وأمكانية التقزم، أن يؤدي إلى تدهور طويل الأجل فى الأصول الأكثر قيمة للبلاد، وهي رأس المال البشري، وفي المستقبل، عندما تشتد حاجة سورية إليها، سيكون هناك نقص جماعي في المهارات الحيوية".

ومن خلال مقارنة بين الأوضاع الراهنة وبين توقع تطور الوضع في سورية في غياب الصراع، يحسب التقرير أن الحرب تسببت في خسارة في إجمالي الناتج المحلي بما قيمته 226 مليار دولار، أو أربعة أضعاف هذا الإجمالي عام 2010، واُستخدمت النماذج الاقتصادية أيضًا في تفكيك الآثار المتعددة للحرب وقياس آثارها منفصلة، وتحديد عواقب الصراع الممتد لسنوات طويلة، ففي حين أن معدل التدهور الاقتصادي يتراجع مع مرور الوقت، تصبح آثاره أكثر استمرارًا مما يجعل التعافي أكثر صعوبة.

وذكر هارون أوندر، الخبير الاقتصادي الأول في البنك الدولي والمؤلف الرئيسى للتقرير "تظهر نتائجنا أنه إذا انتهت الحرب هذه السنة، فإن الاقتصاد سيستعيد على مدى السنوات الأربع التالية 41% من الفجوة مقارنة مع مستواه قبل الصراع، وستبلغ الخسائر الناجمة عن الصراع 7.6 أضعاف إجمالي الناتج المحلي قبل نشوب الصراع على مدى عقدين من الزمن، لكن إذا استمرت الحرب إلى السنة العاشرة، فإن أقل من ثلث هذه الفجوة سيتم تعويضها بعد أربع سنوات من نهاية الحرب، وستصل الخسائر الإجمالية إلى 13 ضعف إجمالي الناتج المحلي عام 2010 على مدار عقدين، كما نقدر أن عدد السوريين الهاربين عبر الحدود بحثًا عن الأمان سيتضاعف بين السنة السادسة والسنة العشرين من الصراع".