الدولار الأميركي

تضاعف سعر الدولار الأميركي في سوق الصرف الموازية بالسودان من 20 جنيها إلى 40 جنيها خلال الفترة الماضية، لتتسع من جديد الفجوة مع السعر الرسمي الذي يقف حاليا عند 18 جنيها. وكان السودان خفض السعر الرسمي للعملة المحلية في يناير /كانون الثاني الماضي، في محاولة للاقتراب من أسعار السوق السوداء، ليصعد سعر الدولار من 6.9 جنيه إلى 18 جنيها.

ويتهم مسؤولون حكوميون جهات خارجية استخباراتية وشبكات تجار عملة، بأنهم وراء انهيار قيمة الجنيه السوداني لهذا المستوى. ونقل عن نائب رئيس وزراء القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء السوداني وزير الاستثمار، مبارك الفاضل المهدي، أن جهات استخباراتية تسعى لتخريب الاقتصاد السوداني من خلال تدمير عملته وتزويرها وتخفيضها أمام الدولار.

ويرى خبراء أن رفع العقوبات الأميركية عن السودان في أكتوبر /تشرين الأول الماضي ساهم في زيادة أزمة العملة لما ساعد عليه من زيادة نشاط الاستيراد، خصوصا مع عدم تدفق التحويلات البنكية من الخارج بالعملات الصعبة بالمستويات المتوقعة حتى الآن.

ومع زيادة الطلب على العملة الصعبة من المسافرين للعلاج والدارسين بالخارج واشتراطات فتح الاعتمادات في بنك السودان المركزي، اتجه قطاع مهم من المواطنين والعاملين في النشاط الاقتصادي إلى السوق الموازية لتوفير العملات الصعبة. ومنذ رفع العقوبات الأميركية والسودان يسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية للأنشطة الإنتاجية لزيادة حصيلة العملة الصعبة وتخفيف حدة الاستيراد.

وبلغ العجز التجاري للبلاد في 2017 نحو 2.7 مليار دولار، وتطمح موازنة 2018 لتقليصه إلى 2.2 مليار دولار، كما تتطلع لتخفيض التضخم خلال تلك الفترة إلى 19.5 في المائة مقابل 34.1 في المائة خلال 2017.

ووافقت أخيرا الحكومة السودانية على إقامة تجمع للشركات الكندية للاستثمار في مجال النفط والغاز والتعدين، وكشفت وزارة النفط والغاز عن تدابير لزيادة الإنتاج النفطي من الحقول الكائنة في هجليج والراوات، وحفر عدد من الآبار الاستكشافية والتطويرية. وبحث الفريق أول ركن بكري حسن صالح، نائب الرئيس السوداني رئيس مجلس الوزراء، مع وفد من شركة ستيت أويل الكندية الحكومية خطة الشركة لإقامة مجمع للشركات الكندية في السودان للاستثمار في مجالات كثيرة على رأسها النفط.

وأوضح لطف الرحمن خان، رئيس الشركة الكندية، أن لديهم الرغبة في الاستثمار في العديد من المجالات الزاخرة بالموارد الطبيعية في السودان. وأضاف المسؤول الكندي أنهم سيعملون على دعوة الشركات الكندية للعمل في السودان في ثلاث مجالات هي الطاقة الشمسية وتكنولوجيا النفط والغاز والمعادن الزراعية، مشيرا إلى أنهم وجهوا الدعوة لوزراء النفط والتعدين والزراعة بالسودان لزيارة كندا خلال الشهر المقبل.

من جهته، أشار عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، وزير النفط السوداني، إلى تبني البلاد لخطة طموحة للاستفادة من الحقول الكائنة في حقلي هجليج والراوات، وإضافة خمسة آلاف برميل من حقل "ب2" خلال العام الجاري. واعتبر الوزير أن زيادة الإنتاج النفطي هي المخرج للحد من استيراد الطاقة، مشيرا إلى أن أي زيادة في الإنتاج تحد من تنامي ديون الشركاء.

بينما أكد مدير شركة الراوات، فهمي عبد الله، اكتمال حفر آبار تطويرية خلال الربع الأول من العام الجاري، مشيرا إلى وجود مؤشرات على جودة الخامات في حقل الراوات وفقا للاستكشافات الأولية التي تجرى على نوعية الخام في الحقل، وقال إنه لأول مرة يتم استخدام المسح ثلاثي الأبعاد بحقل الراوات.

ووقعت وزارة النفط السودانية نهاية الشهر الماضي عقدا مع شركة /بيكر هيوز الأميركية للاستثمار في مجال النفط، وآخر مع بيلاروسيا لإقامة مشاريع لاستغلال الغاز. وتضع الشركة الأميركية حاليا اللمسات النهائية للدخول في مجال خدمات المنبع وتنفيذ مشروعات الغاز والغاز المصاحب، إضافة إلى التعاون في قطع الغيار وسوائل الحفر.

وأعلن السودان نهاية الشهر الماضي عن ارتفاع مخزونه من البترول من 19 إلى 165 مليون برميل. وجاء الإعلان عن الزيادات في المخزون النفطي عقب اختبار أول بئر في حقل الراوات، الواقع على الحدود بين السودان وجنوب السودان. وينتج السودان حاليا 115 ألف برميل نفط يومياً، بعد انفصال جنوب السودان في 2011، وانتقال ملكية 75 في المائة من الآبار النفطية لغوبا.

ودخلت عدة اكتشافات جديدة دائرة الإنتاج النفطي أواخر العام الماضي، وأصبح السودان يمتلك منشآت نفطية ضخمة تمثل ركيزة الاقتصاد، ما دفع وزارة النفط والغاز للتوسع في العمليات الاستكشافية من أجل زيادة الإنتاج. واستقبلت وزارة النفط السودانية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقب الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية، شركات عالمية تعمل في القطاع، أبدت رغبتها في الاستثمار في 15 مربعاً نفطياً، طرحها السودان عبر مناقصة عالمية منذ مارس/آذار العام الماضي، ثم أعاد طرحها في أكتوبر /تشرين الأول في العام نفسه.

وتشمل القائمة التي تقدمت بالمناقصات، شركات نفط من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وماليزيا والسعودية والإمارات. ومن أبرز المشروعات المطروحة للاستثمار في القطاع مشروع إنشاء مدينة للغاز الصناعي، للاستفادة منها في الصناعات المرتبطة بالغاز، وذلك بـ"مربع 8"، الذي يقع بولاية سنار في جنوب شرقي البلاد. ويقوم مشروع مدينة الغاز الصناعي على تكنولوجيا الزيت الصخري الأميركية في استخراج الغاز الطبيعي.

وتتضمن الفرص الأخرى، زيادة السعة التخزينية لمصفاة الخرطوم التي تعمل حاليا بطاقة 90 ألف برميل يومياً، وتغطي استهلاك البلاد من المواد البترولية بنسبة 80 في المائة، ومد خطوط الأنابيب من مناطق الإنتاج والتخزين للوصول إلى أطراف البلاد، بجانب استخراج نفط وغاز في عدد من المواقع التي أكدت شواهد بها على وجودهما.

وكان وزير النفط السوداني، عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، قال في حديث سابق لـ"الشرق الأوسط"، إن لوزارته رؤية في زيادة السعة التخزينية، ومدَّ خطوط الأنابيب للوصول إلى أطراف البلاد، وإدخال التكنولوجيا لاكتشاف مزيد من الموارد النفطية. موضحا أن استراتيجية وزارته خلق تكامل في قطاعات النفط لتعظيم الفوائد الاقتصادية منه.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد قررت تخفيف العقوبات المفروضة على السودان لأسباب تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وممارسات تتعلق بالإرهاب، وفي إطار هذا التوجه رفعت إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب الحظر عن مؤسسات وشركات سودانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.