منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

وضعت "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، آفاقًا إيجابية لاقتصادات الدول الأفريقية، على المدى المتوسط، واستندت في ذلك، إلى تحسن متواصل في أسعار المواد الأولية ومنتجات الطاقة في السوق الدولية، وزيادة التدفقات المالية والاستثمارات الخارجية وانتعاش الطلب الداخلي وتطور مناخ الأعمال والصادرات غير التقليدية وتنويع الإيرادات، على رغم استمرار بعض التحديات الأمنية جنوب الصحراء والتداعيات السلبية للأزمة الليبية على اقتصاد شمال أفريقيا.

وتوقعت المنظمة في تقرير حول "الآفاق الاقتصادية في أفريقيا"، لهذه السنة، أن تحقق القارة نمواً نسبته 3.5 في المئة نهاية السنة، ونحو 4.4 في المئة العام المقبل"، ورجحت حصول تدفقات مالية ومساعدات خارجية بقيمة 180 بليون دولار واستثمارات مباشرة بنحو 57.5 بليون دولار، وتحويلات لرؤوس الأموال بنحو 66 بليون دولار:.

وأشار التقرير إلى أن العام الماضي "حمل صعوبات على القارة، إذ تضررت من انخفاض أسعار النفط، ومن الأزمة الليبية وتراجع الدعم الخارجي، وبطء النمو في الاقتصاد الصيني، لأن بكين تمثل المستثمر الأجنبي الأول في القارة، والزبون التجاري الأول للمواد الأولية والمعدنية والطاقة، إذ تستحوذ على 27 في المئة من مجموع الصادرات الأفريقية".

وتباينت النتائج الاقتصادية وفقاً لتنوع مصادر الدخل والمناعة الماكرو اقتصادية، وهي كانت أكثر إيلاماً في الدول المصدرة للطاقة والمعادن أو تلك المعتمدة على الإنتاج الزراعي والحيواني، بينما تحسنت المؤشرات في الاقتصادات الأقل اعتماداً على المواد الأولية التي زادت قيمتها نحو الربع عما كانت عليه العام الماضي.

وساعد الاندماج التجاري الإقليمي في تحسن بعض الاقتصادات الأفريقية وانخفاض الكلفة، وانتقلت التجارة البينية من 10 إلى 18 في المئة في خمس سنوات، وتضاعفت التجارة مع بقية العالم نحو أربع مرات عن قيمتها قبل 20 سنة، وأصبحت أفريقيا أكثر قدرة على مواجهة الصدمات الخارجية،على رغم بعض الهشاشة الناتجة، من ضعف البنى التحتية والمواصلات والطاقة الكهربائية، التي تشكل تحدياً اقتصادياً واجتماعياً في بعض التجمعات الإقليمية مثل غرب أفريقيا، التي يعيش ثلثا سكانها البالغ 340 مليون نسمة من دون كهرباء.

وعلى رغم هذه التحديات، إلا أنها لم تمنع من تطور معدل ارتقاء الطبقات الوسطى وزيادة الاستهلاك الذي سيبلغ 2.2 تريليون دولار عام 2030، إذ سيشكل سكان القارة 20 في المئة من سكان العالم، وكانت أفريقيا جنوب الصحراء، اقترضت نحو 21 بليون دولار، من السوق المالية الدولية عامي 2013 - 2015، ما يعكس ثقة المانحين في مستقبل اقتصاد القارة، التي لم تتجاوز قروضها الخارجية السيادية 6 بلايين دولار بين عامي 2009 - 2012.

ونصح التقرير بالاعتماد على الاندماج الإقليمي وتحسين مناخ الأعمال والحوكمة، لزيادة الاستثمارات الخارجية، والانتقال إلى الخيار الصناعي وتطوير الصناعات الجديدة (نموذج المغرب ومصر وجنوب أفريقيا)، وكسب رهان تحدي أهداف التنمية المستدامة 2030 وأجندة 2063 بالاستثمار في الموارد البشرية.

وتوقع أن يتراجع عجز الموازنة الأفريقية إلى 5.5 في المئة هذه السنة، وينخفض إلى 4.5 في المئة في المتوسط العام المقبل، على أن يستقر عجز الميزان التجاري على 10 في المئة من الناتج الإجمالي، ويتدنى إلى 4 في المئة نهاية 2018، بزيادة الإيرادات وتطور الصادرات وتحسن الأسعار في السوق العالمية.

ولم تستبعد المنظمة أن تحقق المنطقة المغاربية ومصر والسودان نمواً نسبته 3.4 في المئة هذه السنة، ونحو 3.7 في المئة العام المقبل، وهي متواضعة إذا قيست بغرب أفريقيا التي سيرتفع فيها النمو إلى 5.5 في المئة العام المقبل، وستحقق دول شرق أفريقيا نمواً نسبته 6 في المئة في الفترة ذاتها.

وتواجه الدول المصدرة للنفط في شمال أفريقيا، تفاقم العجز في الميزان التجاري على رغم تحسن أسعار النفط. ويقدر العجز المالي نحو سالب 11 في المئة هذه السنة وسالب 9.5 في المئة العام المقبل، على أن يتراجع عجز ميزان المدفوعات من 9.8 عام 2016 إلى 5.8 في المئة عام 2018، وهي مؤشرات أقل تفاؤلاً من متوسط العجز المالي في بقية دول جنوب الصحراء.