الدينار التونسي

سجل الدينار التونسي أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية منذ سنوات، وهبط إلى نحو 2.83 أمام اليورو، وإلى 2.412 دينار تونسي أمام الدولار الأميركي.

ولم تكن توقعات وزيرة المال التونسية السابقة لمياء الزريبي، بشأن استمرار تدهور الدينار التونسي، وإمكانية وصوله إلى ثلاثة دنانير لليورو الواحد، بعيدة عن الواقع أو مجانبة للصواب أو من قبيل القراءة الخاطئة للوضع الاقتصادي في تونس، لكن أدت هذه التصريحات وتلك الرؤية، التي تحققت بالفعل منذ يومين، إلى عزلها من منصبها، نتيجة تأثير تصريحاتها على أسواق المال والمعاملات البنكية وقتها، فيما اتفق خبراء في مجال الاقتصاد والمال على أنها أرقام قياسية لم تحقق في السابق، وهو ما جعل أكثر من طرف حكومي واقتصادي يطالبون بضرورة الحد من مزيد استمرار انهيار العملة التونسية، والتحذير من نتائجها السلبية الوخيمة على أسعار عدد كبير من المنتجات الاستهلاكية خاصة المستوردة منها بالعملات الصعبة.

وفي هذا الشأن، دعا وزير المال السابق إلياس الفخفاخ، كلا من وزارة المال والبنك المركزي التونسي إلى التدخل العاجل من أجل تعبئة موارد الدولة المختلفة، خاصة منها أموال المؤسسات العمومية حتى يتسنى للدولة المساهمة الفعالة في دعم التنمية وتوفير فرض العمل، ومن ثم خلق الثروة التي على أساسها يقع تحديد قيمة العملة التونسية.
 
ولم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي في تونس خلال سنة 2016 واحدا %، وهي نسبة ضعيفة غير قادرة على تلبية متطلبات النشاط الاقتصادي، ولم تتجاوز نتائج الربع الأول من السنة الحالية نسبة 2.1 %، وتترجم وضعية الدينار التونسي الصعوبات الاقتصادية التي تعرفها البلاد، إذ صرح محمد الفاضل عبد الكافي وزير المالية الحالي بالنيابة، أمام أعضاء البرلمان التونسي، بأن محركات الاقتصاد التونسي شبه معطلة، وهو يقصد بذلك القطاعات المنتجة خاصة، وتلك التي لها قدرات على التصدير وتوفير العملات الأجنبية.

وفي هذا السياق، قال أستاذ علوم الاقتصاد سعد بومخلة، إن "التدهور الخطير للدينار التونسي أمام العملات الأجنبية يعكس خطورة الوضع الاقتصادي في تونس"، مشيرًا إلى استمرار عجز الميزان التجاري، الذي بلغ خلال النصف الأول من السنة الحالية حدود 7535.2 مليون دينار تونسي (نحو 3 مليارات دولار)، ويعود ذلك - على حد قوله - إلى الفجوة الهائلة بين الواردات التي زادت بنسبة 16.4%، في حين أن الصادرات التونسية لم تتطور إلا بنسبة 12.7 %، وهو ما جعل الاحتياطي من العملة الأجنبية ينخفض إلى حد كبير، ولم يعد قادرا ألا على ضمان نحو 98 يوما من التوريد، ولم تغط الصادرات الواردات إلا بنسبة 68.1 %، بعد أن كانت تتجاوز 70 % خلال النصف الأول من السنة الماضية.

وتبحث الحكومة التونسية، خلال هذه الفترة، عن حلول لوقف نزيف الدينار التونسي، وتسعى إلى ترشيد الواردات وخاصة المواد الاستهلاكية، والعودة إلى دعم الصادرات التونسية ومكافحة التهريب، وتوفير مناخ أفضل لجلب الاستثمارات الأجنبية وتوفير موارد غير جبائية لميزانية الدولة، وهي ملفات معقدة تمثل تحديات كبرى للبلاد.