السوق العراقية

كشفت المحكمة الاقتصادية في بغداد، الإثنين، عن وجود مصانع غير مُرخصة في أطراف العاصمة تحترف الغش الغذائي، مؤكدة أن التلاعب بتاريخ الصلاحية وتزوير العلامات وإعادة التغليف تمثل بمجملها أبرز صور الغش في السوق العراقية، ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة البصرة، عن إتلاف أربعة برادات محملة بالدجاج الفاسد في موقع الطمر الصحي "جويبدة"، بعد أن تم ضبطها في ميناء المعقل.

وذكر قاضي تحقيق المحكمة إياد محسن ضمد في بيان للسلطة القضائية تلقى"العرب اليوم" نسخة منه، أنّ "الدولة العراقية ضاعفت من اهتمامها أخيرًا بملف الأغذية كونها تخصّ حياة المواطن وتمس صحته وسلامته الجسدية إضافة إلى كون فساد الأغذية جريمة ذات مساس باقتصاد الدولة وبدأت بتشريع قوانين لحماية المستهلك والصحة العامة".

وأضاف ضمد، أنه "من هذه القوانين قانون حماية المستهلك الذي عدّ جريمة المتاجرة بالأغذية الفاسدة جنحة وفق المادة العاشرة منه". وأوضح، أنَّ "المشرّع العراقي عدّ التعامل بالأغذية غير الصالحة للاستخدام البشري جريمة اقتصادية، لأنها تؤثر سلبًا في الاقتصاد الوطني وتفضي إلى زيادة الضغط على المؤسسات الصحية والرقابية وزيادة إنفاقها وتدخل في باب المنافسة غير القانونية وغير المشروعة"، لافتًا إلى وجود ما أسماه "ترهلًا تشريعيًا في التعامل مع ملفات الأغذية سببه عدم وجود قانون موحد".

ولفت قاضي التحقيق، إلى "وجود تشريعات عدة تخص الموضوع منها قانون حماية المستهلك وقانون الصحة العامة وقانون حماية المنتج المحلي فضلًا عن قانون العلامات التجارية ومجموعة نصوص متفرقة وردت في قانون العقوبات العراقي وقوانين أخرى"، داعيًا إلى "توحيدها بمدونة قانونية خاصة بحماية المستهلك ومنع الغش الصناعي والتجاري لكي يتم التعاطي معها بإيجابية أكثر".

وعرج ضمد على العقوبات مشيرًا إلى أن "بعضها أصبح بحاجة إلى إعادة النظر بالتزامن مع ازدياد ظاهرة الغش الصناعي"، لافتًا إلى "شروط أوجبها القانون على كل مستوردي ومصنفي وبائعي البضائع"، مؤكدًا "وجوب توفرها في كل سعلة لكي تعد صالحة للاستهلاك البشري". وتابع، أنه "من هذه الشروط معلومات عن مكونات البضاعة والمواد الداخلة في تركيبها وتاريخ صنعها وتاريخ انتهاء صلاحيتها وبلد المنشأ، والعلامة التجارية التي تحملها السلعة والتي يجب تسجيلها في  دائرة مسجل العلامات التجارية".

واستطرد، "كما أن هناك جهات شريكة في العمل الرقابي بالإضافة إلى القضاء تسهم في رصد الخروقات والأفعال الجرمية ممثلة بجهاز التقييس والسيطرة النوعية ومسجل العلامات وفرق وزارة الصحة بالإضافة الى فرق المفارز المرتبطة بالمحكمة ومفارز وزارة الداخلية".

وانتقد قاضي تحقيق الجريمة الاقتصادية إجراءات الحصول على إجازة إنشاء معمل وعدّها "قاسية وتستغرق وقتًا طويلًا"، مضيفًا أن "الإجراءات الروتينية التي تستغرق سنوات تجبر الأشخاص الى العمل بدون رخصة وبالتالي يتم تصنيع أغذية منافية للشروط". ولفت ضمد إلى "عدم وجود آلية محددة تضمن عدم دخول بضائع غير مقلّدة إلى العراق"، موضحًا أن "المحكمة سجلت دعاوى عدة رفعها وكلاء لماركات غذائية معروفة بحق مقلدين لهم سواء داخل البلاد أو خارجها". مبينًا أن "المحكمة سجلت قريبًا شكوى وكيل حصري لإحدى شركات الحليب المعروفة في العراق ضد شخص آخر قلَّد منتجه، وكذلك شكاوى تقدم بها وكيل حصري لعلامة معروفة في تصنيع حديد تسليح البناء ضد أشخاص قاموا بتقليد منتجه وعلامته التجارية ما أساء إلى المنتج الأصلي".

وذكر ضمد، أن "إجراءاتٍ قضائية اتخذت ومنها تشكيل مفرزة ضبطت كميات من الحليب المقلّد في منطقة تجارية في بغداد يقوم أصحابها بالاتفاق مع شركاء لهم في محافظة صلاح الدين بوضع المواد المقلدة في أكياس كتلك التي تعود إلى الماركة العالمية". وأوضح، أن "هناك طرقًا مختلفة للغش في الأغذية، منها التلاعب بتاريخ إنتاج البضائع لبيعها خارج مدة صلاحيتها"، لافتًا إلى أن "العام الماضي شهد القبض على عصابة تتاجر بأطنان كبيرة من الشاي منتهي الصلاحية، حيث يقوم افرادها بتعبئته في أكياس أخرى عليها مواعيد تدل على أنها مازالت نافذة".

واقترح القاضي، أنّ "يكون الحل لظاهرة التلاعب بصلاحية الاستهلاك من خلال نشر فرق رقابة صحية وجمركية في جميع المنافذ الحدودية لضمان فحص البضائع قبل دخولها إلى الأسواق". واستطرد، أنَّ "هذه الفرق مهمتها أيضًا ضمان تسجيل العلامات التجارية الوافدة إلى العراق في بلدانها بموجب القانون لكي لا نضطر إلى مكافحتها في الأسواق المحلية". وشدَّد ضمد، على أن "العمل التحقيقي يؤكد أن الغش الغذائي ما زال مستمرًا وفي معامل غير مُرخصة على أطراف العاصمة لاسيَّما في مناطق جرف النداف أو عوريج وجميلة الصناعية، إضافة إلى علوة الرشيد ومنطقة بوب الشام".

وأفادت نائب المدعي العام للمحكمة سناء عبد اللطيف، بحسب البيان، بأن "قانون حماية المستهلك الزم المستورد والمعلن أن يتأكد من بيانات البضاعة ابتداء من تاريخ الصلاحية وانتهاء ببلد المنشأ ويشترط كتابتها باللغة العربية، وبغير ذلك يعتبر مخالفا للقانون". ولفتت عبد اللطيف، إلى أن "بعض الإجراءات الروتينية في المنافذ الجمركية قد تؤدي إلى تلف البضائع، بالتالي نكون أمام بضاعة مستوفية للشروط لكنها تلفت عند وصولها إلى البلاد بسبب بقائها في الحدود مدة طويلة خارج السياقات العامة للخزن". ومضت إلى أن "العديد من المواد الغذائية سريعة التلف وبقاءها في الجمارك مدة طويلة يؤثر على جودتها"، مطالبة بـ "تسريع استكمال الإجراءات الخاصة بإدخال تلك البضائع للحفاظ على سلامتها".

وبينت، أن "قسمًا من موظفي الجمارك يطابقون ما مكتوب في التصاريح الرسمية للحمولات مع كمية البضاعة ولا يعيرون أهمية للنوعية أو الجودة". وأكدت، أن "أغلب الأغذية الفاسدة يتم ضبطها بعد دخولها إلى البلاد"، مبينًا أن "في أحيان أخرى تبقى البضاعة في المحل التجاري بدون بيعها خلال الموعد المثبت عليها". ووجهت اللوم إلى "العديد من المواطنين الذين لا يمتلكون ثقافة الانتباه إلى صلاحية استهلاك البضائع أو عدم تقديم الشكوى بحق بائعها"، أكدت أن "أصحاب المحال التجارية أيضا يتلاعبون بتاريخ الصلاحية بنحو يجعله غير واضح، وهذه جريمة يحاسب عليها القانون". هذا وكشفت لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة البصرة، الإثنين، عن إتلاف أربعة برادات محملة بالدجاج الفاسد في موقع الطمر الصحي "جويبدة" بعد أن تم ضبطها في ميناء المعقل.