المزارعون الفلسطينيون في قطاع غزة

 يتمسك المزارعون الفلسطينيون في قطاع غزة بأراضيهم الزراعية الواقعة قرب الحدود مع الجانب الإسرائيلي، على رغم محاولات جيش الاحتلال تهجيرهم ومنعهم من دخولها من خلال إطلاق النار يوميًا في اتجاههم، إلى جانب محاولة إحراق محاصيلهم الزراعية أو رشها بمواد سامة خطيرة تقضي عليها.

ويعتبر المزارعون تلك الأراضي أملهم في البقاء، هم وعائلاتهم، على قيد الحياة، لما تمثّله من مصدر وحيد لرزقهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، وعدم وجود عمل أو مصدر رزق آخر يمكنهم من خلاله تأمين لقمة العيش لأسرهم.

وقال المزارع رائد نصر، وهو من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، إنهم يتعرضون لما وصفها بـ"الحرب الصامتة"، التي تهدف إلى حرمانهم من كسب رزقهم، مشيرًا إلى أنهم يواجهون الخطر كل يوم خلال عملهم، وأحيانًا يدفعون حياتهم ثمنًا لتأمين لقمة العيش لأنفسهم وعوائلهم، ولفت نصر، في حديث إلى "الشرق الأوسط"، إلى أن المزارعين على طول حدود القطاع يتعرضون لإطلاق نار مباشر من أسلحة خفيفة وثقيلة بهدف طردهم من أراضيهم، بحسب ما قال.

 وأكد المزارع أن الاحتلال يهدف إلى تأمين حياة جنوده على حساب المزارعين الذين يخرجون بعد صلاة الفجر كل يوم إلى أراضيهم الزراعية، من أجل متابعتها وتجهيز ما يمكن بيعه من أجل كسب قوت يومهم،مضيفًا، "أصبحت لقمتنا مغمسة بالدم، ولا أحد يقدر على حمايتنا"، وأن جنود الاحتلال يطلقون النار أكثر من 5 مرات في اليوم تجاههم لإجبارهم على مغادرة أراضيهم الواقعة إلى الشرق من خانيونس.

وأضاف أن الجنود الإسرائيليين يتحدثون لهم بالعربية بطلاقة ويطالبونهم بمغادرة أراضيهم وعدم البقاء فيها، وإلا سيتم استهدافهم بالرصاص الحي بشكل مباشر، ولفت إلى أن المزارعين يضطرون في كثير من الأحيان إلى ترك أراضيهم خشية إصابتهم، مشيرًا إلى تكرار تهديدات الجنود لهم وإطلاق النار عليهم أحيانًا بشكل مباشر ودون سابق إنذار، ما يؤدي إلى وقوع إصابات في صفوف المزارعين كما جرى نهاية الأسبوع الماضي قبالة بلدة خزاعة إلى الشرق من خانيونس.

وقال المزارع إحسان أبو معمر، إن قوات الاحتلال لا تكتفي بإطلاق النار الحي تجاههم، بل صارت تلجأ إلى استخدام طائرات صغيرة لرش الأراضي الزراعية بمواد سامة تُتلف المزروعات وتحرمنا من الاستفادة منها وبيعها لكسب المال وتوفير المصاريف، وبحسب أبو معمر، فإن الاحتلال أطلق أيضًا مرات عدة قنابل دخانية على بعض المحاصيل، ما تسبب بحرائق فيها، مشيرًا إلى أنهم في كل الحالات كانوا يتكبدون خسائر مادية فادحة، ولا يتم تعويضهم من وزارة الزراعة الفلسطينية أو أي جهة أخرى.

وأكد أبو معمر، إن الاحتلال يحاول منع اقتراب الشبان من السياج الأمني من خلال المرور بأراضينا الزراعية، مضيفًا أن الجنود الإسرائيليين يقومون بعمليات توغل في بعض الأحيان داخل الأراضي الزراعية للبحث عن أنفاق"، وتحدث عن تعمّد الاحتلال رش المواد السامة لإتلاف المزروعات حلًا بديلًا عن عمليات التجريف، التي تستهدف أراضينا الزراعية خلال التوغلات العسكرية لكشف المنطقة عبر الكاميرات والطائرات من دون طيار"، وقال "الاحتلال يعيش في حالة هوس أمني كبير، ولذلك نرى الجنود باستمرار يتجولون عند الحدود بجيباتهم العسكرية ويتعمدون استهدافنا ونحن مدنيون عزل لا حول ولا قوة لنا أمام قوتهم العسكرية".

وأشار إلى أن قوات الاحتلال منذ نهاية حرب عام 2014، تتعمد الحفاظ على المسافة الخاصة بالمنطقة العازلة التي تبعد نحو 300 متر عن الحدود، موضحًا أن إطلاق النار تجاههم يتم في مسافة تتراوح بين 600 متر وكيلومتر واحد عن الحدود.

ويصدر "مركز الميزان لحقوق الإنسان" في غزة تقريرًا حقوقيًا أسبوعيًا، يشير فيه إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق الصيادين والمزارعين، مبينًا أن قوات الاحتلال تعمل على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتفقدهم مصادر رزقهم، من خلال استهدافهم بشتى أنواع الأسلحة وتقييد وصولهم إلى مزارعهم وتدميرها، ما يهدد حياة العاملين فيها ويفرض عليهم ظروف عمل خطيرة وغاية في الصعوبة، بما لا يسمح لهم بالاستمرار في ممارسة أعمالهم وتطويرها، وبالتالي فقدهم مصادر الرزق التي يعتاشون عليها.

وبلغت خسائر القطاع الزراعي، خلال حرب غزة في صيف 2014، أكثر من 251 مليون دولار، في حين بلغت الخسائر غير المباشرة 150 مليون دولار أخرى، حيث دمر الاحتلال آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، وبلغت الخسائر بعد الحرب أكثر من 30 مليون دولار بفعل حرق المحاصيل أو استهدافها بالمواد السامة.