حاكم بنك إنجلترا مارك كارني

يبدو أن حاكم بنك إنجلترا (المصرف المركزي البريطاني)، مارك كارني، صار في حرج سياسي بالغ، بعد أن سجل التضخم في بريطانيا أعلى مستوى له في ست سنوات، متخطيًا التوقعات كافة، وفي اتجاه معاكس لمحاولات المركزي البريطاني الذي اتخذ، الشهر الماضي، قرارًا هو الأول من نوعه منذ 10 سنوات، بالاتجاه نحو التشديد النقدي ورفع الفائدة، واستدعى هذا التطور إجراءً استثنائيًا من حاكم المصرف المركزي البريطاني، الذي يجب عليه الآن أن يوجه كتابًا إلى وزير المال، فيليب هاموند، يشرح فيه أسباب هذا الارتفاع المحرج، وتوضيح ما سيفعله المركزي في ضوء ذلك.

وارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك السنوي إلى 3.1% في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، مقارنة مع 3.0% في أكتوبر / تشرين الأول، وفق ما أعلنه بيان مكتب الإحصاء الوطني. ويعد هذا الارتفاع هو الأعلى منذ مارس / آذار 2012، وهو أقوى من توقعات الاقتصاديين كافة، إذ كانت آراء الخبراء أجمعت على عدم توقع أي تغيير في مؤشر أسعار الاستهلاك. ويشار إلى أن كارني ملزم قانونيًا بتوجيه كتاب إلى وزير المال البريطاني، فيليب هاموند، لشرح السبب الذي أدى إلى تخطي التضخم أكثر من نقطة مئوية واحدة، والمعدل المستهدف، والذي حدده بنك إنجلترا المركزي، بنسبة 2.%، ولكن فحوى الكتاب لن تُعلن إلا في وقت لاحق، ربما مع اجتماع المركزي المقبل.

وجاء الارتفاع المسجل في نوفمبر / تشرين الثاني بدفع من ارتفاع أسعار تذاكر السفر، والمنتجات الترفيهية مثل ألعاب الكمبيوتر والشوكولاتة، مع تأثر أسعار الغذاء بهبوط الجنيه الإسترليني، بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء العام الماضي. ووفق الأرقام الرسمية الصادرة، الأربعاء، ارتفع تضخم أسعار الحليب للضعف منذ الصيف الماضي، مع ارتفاع التكاليف بنحو 4.9% على مستوى سنوي، فيما زادت أسعار الأسماك بنحو 9.3%، والزيوت بنحو 7.4%. أما أسعار الانتقالات فارتفعت بمعدل 8.3%، ولم تنخفض أسعار الرحلات الجوية، فيما ارتفعت رحلات الإجازات بنسبة 4.9%، ما دفع مؤشر أسعار المستهلكين العام للارتفاع.

ويزيد ارتفاع التضخم البريطاني غير المتوقع من الضغوط على المستهلكين، بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذين يمثل إنفاقهم المحرك الرئيسي لاقتصاد البلاد. وتشير الأرقام الرسمية والحسابات إلى أن معدلات زيادة الأسعار تفوق زيادة الدخل بشكل فائق، حيث أشارت الأرقام الصادرة في سبتمبر / أيلول إلى زيادة الدخل بمعدل سنوي 2.2% فقط، ما يعني انخفاض الدخل الحقيقي للأسر بنحو 1% خلال العام الجاري. واتخذ بنك إنجلترا قرارًا الشهر الماضي برفع الفائدة، ما يمكن أن يكون خطوة دفاعية يستخدمها مارك كارني، الذي صار حاليًا مطالبًا بتفسير زيادة التضخم عن المستهدف بأكثر من نقطة مئوية كاملة. وحاليًا، من غير المتوقع أن يقوم بنك إنجلترا برفع جديد لأسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، في نهاية الأسبوع.

وفي تعليق في صحيفة "تليغراف" البريطانية، قالت لوسي أوكارول، من مؤسسة "أبردين ستاندارد"، إن تضخمًا زائدًا عن الحد من الممكن أن يمثل خطرًا على مصداقية بنك إنجلترا، وبالتالي إحكام قبضته على الاقتصاد، لكن البنك يجب أن يحافظ على وتيرة إنفاق المستهلكين، وهي المحرك الرئيسي لاقتصاد بريطانيا، إذا ما استمر التضخم في الزحف صعودًا، أو حتى بقي عند مستوياته المرتفعة، فإن هذا المحرك معرض للتلف بشكل بالغ.