اسبانيا تعيش وضعًا اقتصاديًا صعبًا

بعد سنوات طويلة من المعاناة، برزت خلالها علامات اليأس الذي سببته الأزمة المالية العالمية على إسبانيا، التي أصبحت مثالا صريحا لـ"المذبحة الاقتصادية" التي اجتاحت الدول الـ19 المشتركة في العملة الموحدة اليورو، حيث ارتفعت مستويات البطالة إلى ذروتها عند 26 في المائة. والآن عاد الاقتصاد الإسباني إلى حجمه قبل الأزمة، وفقا للبيانات الصادرة أمس الجمعة لتظهر نهايات واضحة لأسوأ الكوارث الاقتصادية التي يمكن أن تمر بها منطقة اليورو في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، ولا تزال القارة الأوروبية تتصدى للتحديات الهائلة حتى حققت أخيرا الانتعاش المطلوب.

وتقدم إسبانيا تجربة حية لطريقة مواجهة التحديات، فكانت ضحية لتقشف الميزانية الذي فرضه القادة الأوروبيون في محاولات لتجنب تصاعد الأزمة، وفي مواجهة انفجار فقاعة العقارات والانكماش العالمي أطلقت الحكومة العنان للإنفاق على مشاريع البنية التحتية لكنها وجدت معارضة شديدة من باقي دول الـ19 لتمدد مدريد معاناتها بوضع حد للإنفاق.

وبالرغم من أن برشلونة اليوم أرخص من العاصمة البريطانية لندن بنحو 36 في المائة، و28 في المائة من باريس و4 في المائة من برلين، لكن معدل البطالة لا يزال أعلى من 18 في المائة ويقترب من 39 في المائة في أوساط الشباب... ولكن مقارنة بالخطوات التي قطعتها إسبانيا خلال الأعوام الماضية، فإن العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة أصبحت قريبة.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي الإسباني بنسبة 0.9 في المائة في الأشهر الثلاثة الماضية (الربع الثاني) من 0.8 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، وفقا لأرقام هيئة الإحصاءات، وهو ثلاثة أضعاف الناتج المحلي البريطاني خلال نفس الفترة، وضعفين الناتج الفرنسي في نفس فترة المقارنة. ويعني هذا أن الاقتصاد الإسباني نما الآن لمدة 15 ربعا على التوالي، أو ما يقرب من أربع سنوات.

وأظهرت بيانات نشرتها المفوضية الأوروبية أمس الجمعة أن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو سجلت ارتفاعا طفيفا للشهر الثالث على التوالي في يوليو (تموز) الجاري لتصل إلى أعلى مستوى في عشر سنوات، في حين كانت التوقعات تشير إلى تراجع عن مستويات يونيو/حزيران.

وزاد مؤشر المعنويات في المنطقة التي تضم 19 دولة إلى 111.2 في يوليو، من 111.1 و109.2 في يونيو/حزيران ومايو/أيار الماضيين على التوالي، بدعم من المزيد من التفاؤل في قطاع الخدمات. وكان 29 خبيرا اقتصاديا استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا أن المؤشر سيتراجع إلى 110.8 بعد قفزة في يونيو رفعته إلى أعلى مستوى في نحو عشر سنوات.

ويؤكد الرقم التعافي القوي لمنطقة اليورو، إذ من المتوقع أن ينمو الإنتاج نصف نقطة مئوية إضافية في الربع الثاني بعد نمو قوي الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وستنشر التقديرات الأولية للإنتاج يوم الثلاثاء المقبل. وعلى الرغم من الارتفاع غير المتوقع في مؤشر المعنويات، هبط مؤشر المفوضية الأوروبية لثقة الشركات إلى 1.05 في يوليو/حزيران، من قراءة معدلة بالزيادة بلغت 1.16 في يونيو/حزيران؛ هي الأعلى منذ أبريل/نيسان 2011.

وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا تراجعا أكثر تواضعا إلى 1.12 في يوليو. وقاد معظم الارتفاع في مؤشر المعنويات الاقتصادية بشكل عام المزيد من التفاؤل في قطاع الخدمات، وهو الأكبر في اقتصاد منطقة اليورو، والذي ارتفع إلى 14.1 نقطة في يوليو من 13.3 في يونيو، بينما بقي مؤشر قطاع الصناعات التحويلية عند 4.5 نقطة، وهو معدل يزيد بكثير عن المتوسط الطويل الأجل البالغ سالب 6.4.

وسجلت المعنويات بين المستهلكين سالب 1.7 نقطة في يوليو، وهو مستوى يزيد بكثير أيضا عن المتوسط الطويل الأجل، لكنه لا يمثل تغيرا يذكر عن مستوى يونيو.  وتراجعت توقعات تضخم أسعار المستهلكين في الاثني عشر شهرا القادمة إلى 11.7 في يوليو، من 13.0 في يونيو. بينما ارتفعت توقعات أسعار البيع بين شركات الصناعات التحويلية إلى 7.5 من 7.1 في يونيو.