بنك السودان المركزي

أكّدت الإحصائيات الرسمية للحكومة السودانية إنتاج أكثر من 90 طنًا من الذهب، في الفترة الماضية، ويتم تهريب 60% من الإنتاج إلى الخارج، حيث اشترى بنك السودان المركزي، "الجهة المعنية باحتكار المعدن"، 30 طنًا فقط، ما يؤكد ازدياد نشاط تهريب الذهب في الآونة في الأخيرة نتيجة لسياسات الحكومة التي حرمت القطاع الخاص من الشراء والتصدير

ويري أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، الدكتور عبد العظيم المهل، أن التهريب له آثار سلبية على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن الربط المقدر في الميزانية حدد تصدير ما يعود على البلاد بنسبة تقارب 3 مليارات دولار، إلا أن العائد الحقيقي من التصدير لم يصل إلى المليار دولار، ومؤكّدًا أنه رغم التوّسع في إنتاج الذهب إلا أن عائد تصديره العام قبل الماضي كان أقل من 900 مليون دولار، وأن التهريب ينطوي على مخاطر عديدة

وأفاد المهل أن، نسبة تهريب الذهب في العام 2016م، بلغت أكثر من 2 مليار دولار، مضيفًا أنه "رغم تنامي عائدات الذهب، إلا أن الوقائع تشير إلى وجود فاقد كبير يتم تهريبه بطرق مختلفة، عبر الحدود البرية أو مطار الخرطوم أو ميناء بورتسودان فضلاً عن التهريب عبر الأفراد"، ومشددًا على أن التهريب الحقيقي، للذهب هو تهريب منظم وممنهج وتدعمه قوى "لم يسمها" مما يعظم تأثيره على الاقتصاد لجهة أن الكميات المهربة تكون بحجم كبير، وأن المهرب لا يكون شخصاً واحداً وإنما شبكة تنفذ العملية بسهولة عبر نوافذ رسمية تحت مسميات مختلفة.

وكشف وزير المعادن أحمد محمد صادق الكاروري، في تصريحات سابقة، أن هناك بعض الجهات تعمل على تهريب الذهب بقصد الإضرار باقتصاد البلاد، مشيراً إلى أن حدود السودان المفتوحة، تصعّب السيطرة على هذا النشاط، وأن هذا الأمر يمكن السيطرة عليه بإيجاد سياسات جاذبة من قبل وزارة المعادن ووزارة المال وبنك السودان المركزي وذلك بشراء الذهب من المعدنين بالسعر المجزي.

وقرر بنك السودان المركزي الأسبوع الحالي السماح إلى القطاع الخاص بشراء وتصدير الذهب المنتح محلياً عبر ضوابط محددة بعد الاتفاق مع وزارة المعادن على إنشاء مجلس أعلى للذهب لمتابعة تلك السياسات مع الجهات ذات الصلة وتوقع أن تفتح تلك السياسات آفاق تجارة الذهب وتصديره، ورفض بنك السودان المركزي في سياساته السابقة دخول القطاع الخاص في شراء وتصدير الذهب إلى الخارج بحجة أن الذهب يعتبر كالنقد لا يحق لأي شركة الدخول في شرائه وتصديره إلى الخارج، إلا أن سياساته لم تثمر وأدت إلى تنامي ظاهرة تهريب الذهب إلى الخارج بقيمة أكثر من "3" مليارات دولار بحسب مراقبون في الوقت الذي صدر فيه البنك المركزي ذهباً بقيمة مليار دولار.

وأعلن محافظ بنك السودان المركزي حازم عبد القادر أن السياسة الجديدة تسمح للقطاع الخاص بشراء وتصدير الذهب عبر ضوابط تعلن في وقت موسم إنتاج الذهب بالبلاد بالتنسيق مع الجمارك والمواصفات والأمن الاقتصادي لمتابعة تلك السياسات، ووصف وزير المعادن أحمد الكاروري الاتفاق بأنه يؤسس لحقبة جديدة يتم التنسيق من خلالها مع مختلف الجهات، معتبرًا أن الذهب معدن يحتاج إلى حسن الإدارة والتنسيق مع مختلف الجهات.

وتسمح السياسات الجديدة لشركات القطاع الخاص بشراء وتصدير الذهب بينما تسمح للبنوك التجارية بتمويل عمليات الشراء والتصدير، ويأمل وزير المعادن أن تجتذب السياسات الجديدة معظم إنتاج المعدنين التقليديين، مؤكّدًا إنشاء مجلس للذهب بعضوية عدد من الجهات المختصة لمتابعة تلك السياسات من بينها البنك المركزي والجمارك والمواصفات والأمن الاقتصادي لمراجعة ومتابعة تلك السياسات، وتم تكوين لجنة لدراسة وضع السياسات الجديدة توصلت إلى سياسات محددة في شراء وتصدير الذهب أوضحت أن الهدف من ذلك الحد من تهريب الذهب وإعطاء دعم لسلعة الذهب وجذب موارد النقد للسوق المنتظمة .

وأكدت اللجنة أن بنك السودان المركزي سيصدر أسعاراً تأشيرية لأسعار الذهب مستقاة من البورصات العالمية يومياً لتلافي بيع الشركات للذهب بأقل من الأسعار العالمية،  وتنص السياسات الجديدة السماح لشركات الامتياز بتصدير 70% من إنتاجها وتبيع 30% من إنتاجها لمصفاة الذهب السودانية، بينما يسمح للمصدر العادي أن يصدر 50% من مشترياته من الذهب ويبيع نسبة الـ 50% المتبقية إلى مصفاة الخرطوم للذهب..