دمشق – خليل حسين
يتفاجأ الكثيرون عندما يعرفون أن الشركة السورية للطيران والتي تملك نحو 5 آلاف من الموظفين والطيارين والفنيين وعشرات المكاتب في سورية والعالم باتت في العام 2016 تملك 3 طائرات فقط واحدة مخصصة لنقل السوريين من دمشق إلى 4 عواصم هي القاهرة وعمان والجزائر والخرطوم واثنتان من الحجم الصغير مخصصة لنقل الركاب من دمشق إلى مدن اللاذقية والقامشلي وحلب.
وظلَّت الشركة السورية للطيران طوال عقود, الوحيدة المسموح لها العمل في سورية وهو ما تسبب في تراجع أدائها بسبب انعدام التنافسية إذ كانت تملك في العام 2011 أسطولاً يضم 8 طائرات مخصصة للخارج 6 منها من طراز إيرباص A320 وطائرتان من طراز ATR 72 المصنعة من قبل شركة فرنسية إيطالية إضافة إلى طائرات بوينغ وتوبوليف واليوشن قديمة لم تعد تستعمل في نقل الركاب.
وقدمت الشركة خدماتها لأكثر من 48 وجهة في آسيا أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا فضلا عن الرحلات الداخلية كما تقدم مختلف الخدمات الأرضية في المطارات السورية لعدد من شركات الطيران العربية والعالمية إضافة لخدمات النقل والشحن الجوي.
وفور خرج قطاع الطيران من كنف الحكومة كان "رامي مخلوف" ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد هو أول المستفيدين من ذلك حيث حصل في عام 2008 على ترخيص بتأسيس شركة طيران لؤلؤة السورية والتي يملكها كل من شام القابضة "المملوكة بالأغلبية لرامي مخلوف" وشركة العقيلة والخطوط الجوية السورية، لتستفيد من شراكتها مع الخطوط الجوية السورية لتكون الناقل الوطني الثاني إلا أن شركة لؤلؤة السورية لم تستمر في التشغيل.
وأوضح مدير الشركة مصعب ارسلان أنه مع بدء الصراع في سورية سارعت أغلب الدول الأوروبية والعربية إلى فرض عقوبات على سورية شملت إدراج الشركة السورية للطيران على قوائمها السوداء ومنع طائراتها من الوصول إلى أراضيها لتضاف إلى عقوبات أميركية قديمة منذ شهر مايو/أيار عام 2004 وتشمل حظر بيع أي طائرات أو أي قطع غيار تنتجها مصانع أو شركات أميركية أو تساهم في تكوينها بنسبة تزيد عن 10 بالمائة من مجمل الجهاز وتضاعفت الحاجة إلى الطيران من أجل التنقل بين المدن السورية في ظل انهيار قدرة الدولة على فرض سيطرتها على الأراضي السورية وظهور عشرات المجموعات المسلحة وهو ما ساهم في انقطاع العديد من الطرق الدولية وارتفاع مخاطر السفر عبرها, فيما أدى تزايد أعداد الراغبين في السفر جوا من منطقة القامشلي في أقصى شمال شرق سورية إلى دمشق مع انخفاض عدد الطائرات إلى غلاء أسعار بطاقات السفر وظهور سوق سوداء لها حيث وصل سعرها إلى نحو 300 دولار, علمًا أن السعر الرسمي لا يتجاوز 30 دولارًا.
وحاولت الحكومة السورية الالتفاف على العقوبات الغربية من أجل تأمين قطع الغيار للطائرات التي بدأت تخرج عن الخدمة واحدة تلو الأخرى دون أي نتيجة ومن أجل مواجهة الظروف المستجدة ونقض الأموال عمدت الحكومة إلى منح شركتين خاصتين هما أجنحة الشام وفلاي داماس ترخيصاً من أجل العمل في مجال النقل الجوي حيث عملت الشركتان بين المدن السورية ومن دمشق إلى العواصم المجاورة.
وتعود ملكية شركة أجنحة الشام إلى رجل أعمال دمشقي اسمه "عصام شموط" وذلك على خلاف ما يروجه البعض بأن الشركة تابعة لرجل الاعمال السوري رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد, لكن سرعان ما توقفت في 2012 بعد معاناتها من قيود وقوانين قطاع النقل الجوي في سورية التي تبقي على الخطوط الجوية السورية كشركة أم وصاحبة الحق في التشغيل.
وأكد صاحب الشركة شموط على أن الشركة استطاعت التفوق على الشرطة الحكومية في وقت قياسي حيث حصلت منذ عام 2014 على رخصة مشغل رحلات منتظمة كناقل وطني وباشرت بتنفيذ رحلات منظمة الى كل من القامشلي وبيروت والكويت وبغداد والدوحة ومسقط ومؤخرًا إلى مدينة جدة السعودية.
وبرَّر مدير الشركة السورية الحكومية للطيران نجاح الشركات الخاصة بأن وضعها أكثر مرونة من القطاع العام فيما يخص التعامل مع الجهات الخارجية وشراء وصيانة طائراته, مستدركا أن الشركة تعمل حاليًا على إصلاح طائرة أو طائرتين من أجل العودة للعمل خلال الفترة الحالية, لافتا إلى أن ما يعيق ذلك مجموعة عوامل وظروف متعلقة بوضع سورية والعقوبات المفروضة عليها.
وقال أحد العاملين في الشركة المهندس ناجي حجاج إن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية هي سبب مآسي الشركة حيث ساهمت في تراجع عدد الطائرات المخصصة لنقل الركاب في ظل تعذر استيراد قطع التبديل وفقدان القدرة على الصيانة لافتا إلى أنها نجحت العام الماضي في تحقيق بعض الأرباح بعد سنوات من الخسائر.
وكتب أحد العاملين السابقين في الشركة باسم مستعار على موقع الـ"فيسبوك", "إن الفساد داخل مكاتب الشركة تفاقم في ظل الأوضاع الحالية ولم يطرأ أي تغيير على عقلية وأسلوب الإدارة ما يعني أن الشركة ستتكبد الخسائر بعد عودة المنافسة وبكلمات أخرى، فإن استمرار الحرب في سورية هو ما يكفل بقاء مؤسسة الطيران العربية السورية كمؤسسة رابحة".
وطالب العديد من السوريين بالتوجه إلى إيران وروسيا لشراء طائرات منهما والاستغناء على الشركات الغربية فيما اعتبر البعض أن هذا الأخير غير ناجع لأن إيران بذاتها وعندما توصلت إلى اتفاق مع الدول الغربية حول الملف النووي أول ما فعلته هو توقيع عقد مع شركة بوينغ الأميركية لشراء طائرات منها.