جمعية المصارف اللبنانية

خطت المصارف اللبنانية امس الثلاثاء خطوة مهمة باتجاه عقد اتفاق تعاون مع مؤسسة الانتربول الدولية. وخلال حفل غداء تكريمي أقامته جمعية المصارف على شرف رئيس مؤسسة الإنتربول من أجل عالم أكثر أماناً ، الياس المر، وأمين عام منظمة الإنتربول رونالد نوبل، أعلن فرانسوا باسيل جهوزية المصارف لتكريس هذا التعاون الذي يساعد القطاع المصرفي على الافادة من داتا المعلومات التي تملكها الانتربول.
وبفضل التعاون بين مؤسسة الإنتربول ومختبرات "كاسبرسكاي"، سيتلقى الخبراء الأمنيون في مصارفكم، تدريباً على كيفية تحليل الأخطار والأدلة الجنائية الرقمية، وسيستفيدون من خدمات تتيح لهم الوقاية من أعمال الاحتيال من أجل مكافحة هذه الاعتداءات السيبيرية. إضافة إلى ذلك، نعرف تمام المعرفة أنّ حماية الأعمال التجارية في مصارفكم تبدأ في التدقيق في خلفيات زبائن هذه المصارف".
كما اعلن نوبل "انّ الإنتربول يقوم باستحداث برنامج I-Checkit الحاسوبي الذي يمكّن موظفي إنفاذ القانون والقطاع الخاص والمواطنين في العالم من كشف المنتجات المسروقة والمفقودة وغير المشروعة، كالوثائق والسيارات.
وسيتيح هذا البرنامج للموظفين في المصارف وللإنتربول ولأجهزة إنفاذ القانون العمل معاً لمنع الأشخاص الذين يحملون جوازاً مسروقاً أو مزوّراً من فتح حسابات مصرفية وإبرام صفقات تجارية.
وستتيح أيضاً للسلطات والعموم التدقيق في السيارات المشبوهة، وهذه هي المسافة التي تفصل بين احتجاز هذه السيارة أو تركها تتحوّل إلى قنبلة أخرى تنفجر في وسط بيروت".
بدأ نشاط وفد الانتربول في بيروت يوم الثلاثاء، بزيارة قام بها رئيس "مؤسسة الإنتربول من أجل عالم أكثر أماناً" الياس المرّ، وأمين عام منظمة الإنتربول رونالد نوبل، الى مصرف لبنان حيث استقبلهما الحاكم رياض سلامة.
 انتقل وفد الانتربول الى مقر جمعية مصارف لبنان. وعقد الوفد الدولي مع رئيس الجمعية فرنسوا باسيل وأعضاء مجلس إدارتها وأمينها العام اجتماع عمل تمّ خلاله استعراض مجالات التعاون الممكنة بين كلّ من منظمة الإنتربول و"مؤسسة الإنتربول من أجل عالم أكثر أماناً" والقطاع المصرفي اللبناني في سبيل تعزيز مكافحة الجرائم المنظّمة، لا سيّما الجرائم المالية كتبييض الأموال وتمويل عمليات الإرهاب.
عقب الإجتماع، أقامت الجمعية على شرف المرّ ونوبل مأدبةَ غداء في حضور النائب ميشال المر، ومشاركة قائد الجيش العماد جان قهوجي، ورؤساء السلطة القضائية، وقادة المؤسّسات العسكرية والأمنيّة وعدد من السفراء المعتمدين في لبنان، الى جانب حشد من الكوادر المصرفية العليا.
وأعلن رئيس مؤسسة الانتربول، الياس المر في كلمته، "أنّ لبنان سيكون الأول في العالم في عقد شراكة مع الانتربول لتطوير وتحصين القطاع المصرفي وتعزيز حمايته، من خلال برامج التدريب وتبادل المعلومات الذكية (البطاقة الذهبية)"، مؤكداً على أنّ "لبنان سيكون مصدِّراً ورائداً لهذه التكنولوجيا الحديثة الى كل دول العالم". ووعد "انه لن تكون بعد العام 2014 ايّ دولة في العالم مجهّزة ومدرّبة أكثر من لبنان وأنا على رأس هذه المؤسسة".
من جهته، اوضح الأمين العام للإنتربول رونالد نوبل انّ "المصارف في لبنان ستتلقى عما قريب، تنبيهات وتعليمات آنية تساعدها في التصدي للاعتداءات السيبيرية التي تستهدف لبنان سنوياً ويصل عددها إلى 7 ملايين اعتداء".
اما رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل فقد جدّد "استعداد جمعية المصارف وسائر أعضاء الأسرة المصرفية اللبنانية للتعاون مع الرئيس المرّ ومع منظمة الإنتربول التي تحظى بثقتنا واحترامنا ودعمنا لما تقوم به بمهنيّةٍ وفعاليّة في مجال مكافحة الجريمة المنظّمة، ولا سيّما الجرائم المالية المرتكبة من قبل الأفراد أو الجماعات".
في البداية، تحدث باسيل الذي اشار الى "أنّ قطاعنا المصرفي شديد الإنفتاح على الخارج. فلدينا حالياً شبكة انتشار تغطّي 31 بلداً و92 مدينة، ونقيم علاقات مصرفية مع 226 مصرفاً مراسلاً في آسيا وأوروبا وأميركا وافريقيا واوستراليا. فنحن نتواجد حيث يتواجد اللبنانيون، نعبّئ مدّخراتهم ونجري تحويلاتهم ونساهم في تمويل أنشطتهم من خلال 240 فرعاً خارجياً بأشكال قانونية مختلفة".
واوضح انه "في المقابل، يترتّب على انتشارنا المصرفي الواسع في العالم موجبات والتزامات هي بدورها كبيرة ومتنوّعة. يأتي في مقدّمها الإلتزام بالقواعد والمعايير الدولية للصناعة المصرفية العالمية الموضوعة من قبل لجنة "غافي" ولجنة "بازل" والمؤسّسات المالية الدولية، وأخيراً من قبل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. وتغطّي هذه المعايير شتى قواعد عمل مصارفنا في مجال الرسملة والسيولة، ومخاطر الإقراض الكبرى، والإقراض للجهات المقرّبة، وأنظمة الرقابة والدفع، وأخيراً وليس آخراً، مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".
بعد ذلك، ألقى نوبل كلمةً أعرب فيها عن ايمانه بـ"أنّ على الحكومات وأجهزة إنفاذ القانون التعاون مع المصارف لتعزيز نزاهتها والإجراءات الوقائية التي تتخذها، وأنه يتعين تعزيز قدرات المصارف من قبل الحكومات وأجهزة إنفاذ القانون لكي تقف في وجه مَن يحاول، مِن الأفراد والمجموعات، الاحتيال على زبائنها أو تبييض الأموال أو تمويل أنشطة غير مشروعة".
واعتبر "أنّ الحلّ يكمن في اعتبار تبادل المعلومات واجباً مشتركاً، إذ لا يجوز لأجهزة إنفاذ القانون والحكومات أن تكتفي بطلب المعلومات من المصارف، بل يجب عليها أيضاً إطلاع المصارف على ما لديها من معلومات".
وفيما اوضح نوبل انّ "الإنتربول مدرك أنّ لبنان ومصارفه لا يزالان في مرحلة تنفيذ القوانين واللوائح والنُظم التي تستجيب لتوصيات فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، المتعلقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب"، قال "إننا نعتقد أنّ لدى الإنتربول، مع شركاء من قبيل مختبرات "كاسبرسكاي"، الأدوات والخدمات الكفيلة بمساعدة لبنان ومصارفه الآن على مواجهة الجهات الضالعة في عمليات الاحتيال وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب".
في الختام، كانت كلمة المر الذي استهلها بتوجيه الشكر الى الحضور للمشاركة "في اطلاق هذا الحدث من بيروت، لتؤكدوا للعالم انّ بيروت ليست مدينة الاغتيالات والتفجير، وانما عاصمة الانفتاح والتطور، وانّ ارادة الشعب اللبناني في الحياة والسلام أقوى من اليأس والاستسلام"
واشار الى انّ "هذا الحدث، كان من المفترض أن يُقام في إحدى العواصم الدولية لأنه يطال كل القطاع المصرفي في العالم، لكن مهما كان العالم كبيراً ومهما كان الانتربول عظيماً فإنّ لبنان يبقى في قلوبنا رمزاً كبيراً".
وقال: "منذ انشائه عام 1914، وخصوصاً في سنواته الأخيرة، حقَّق الانتربول إنجازات هائلة استراتيجياً وعلى مستوى التحديات، بفضل مجلسه التنفيذي ورؤية ودينامية أمينه العام السيد نوبل وفريق عمله".
واوضح انه على صعيد العلاقة مع الدول والحكومات، "ستعمل مؤسسة الانتربول على خطين:
أولاً: تأمين الدعم اللازم لتطوير عمل منظمة الانتربول.
ثانياً: تأمين الدعم من الانتربول للدول الراغبة في تعزيز أمنها واستقرارها من خلال أحدث برامج التدريب والتجهيز، لأنّ الأمن اصبح جزءاً لا يتجزأ في العالم اجمع".
وتابع: "أردنا لبنان رائداً في محيطه والعالم وحجر أساس لانطلاق هذا المشروع. نريد ان ندعم المصارف اللبنانية في حفاظها على الشفافية والتزامها بالانظمة والمعايير الدولية وفي مساعيها المثمرة في مكافحة تبييض الأموال، لتكون رائدة في العالم، مع احترام كامل للقوانين اللبنانية التي ترعى هذا القطاع".
وأضاف المرّ "للبنان اليوم عمودان فقريان: الجيش والمؤسسات الامنية والقضائية، والقطاع المصرفي"، مشيراً الى انّ "الفئة الاولى تحظى بدعم دولي للحفاظ على استقرار لبنان وتطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والمعني فيه أكثر من 30 دولة مشاركة في الجنوب، والى انّ الفئة الثانية هي القطاع المصرفي وهو جزء لا يتجزأ من قوة لبنان اقتصادياً وصناعياً وتجارياً، وهو العمود الفقري الاساسي للاستقرار، لأنّ ايّ مساس بهذا القطاع هو مساس بلقمة عيش كل مواطن، وفي النهاية كلّ جندي في الجيش او عنصر في الاجهزة، هو مواطن. لذلك إنّ أيّ محاولة لضرب هذا القطاع أو المساس به أو الضغط عليه، يشكل خطراً على الاستقرار في البلد وعلى القرار 1701 في جنوب لبنان".
وشرح المرّ عن "الخطوة التالية خلال 2014 التي ستكون الشراكة الكاملة مع الاجهزة الامنية اللبنانية بالتجهيز والتدريب ليصبح لبنان أيضاً أكثر أماناً". وأما على صعيد القضاء اللبناني، فقال: "سيكون لنا مشروع متكامل يبدأ بتزويده بالتجهيزات اللازمة للتواصل عبر التكنولوجيا الحديثة مروراً بالتدريب والتنسيق القضائي مع دول العالم كافة".
ختاماً، شكر المرّ لجمعية المصارف رئيساً واعضاء، دعوتها وشكر كل الشخصيات الحاضرة، والمؤسسة الروسية العالمية kaspersky وخبراءها الذين يتعاونون مع الانتربول في مكافحة الجريمة المعلوماتية والذين سيكون لهم دور اساسي في مساعدة القطاع المصرفي في هذا الاطار.
كما شكر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "الذي منح الليرة اللبنانية والقطاع المالي والمصرفي حالة استثنائية من الضمانة والاستقرار بحكمة واعتدال ونجح في نأي مصرف لبنان عن السياسة ومشاكلها، وفتح أبواب لبنان في هذا المجال على العالم بعلاقاته العربية والدولية".