شراء الذهب من قبل السوريين

أدى إرتفاع الأسعار الجنوني في سورية إلى حالة من الحيرة لدى السوريين الذين يقفون حائرين وعاجزين عن تامين لقمة العيش في ظل هذه الفجوة الكبيرة بين الاسعار والدخل حتى أصبحوا يتداولون عبارة واحدة تقول النوم هو الأرخص, ولا شك أن المتتبع للأسواق السورية يصل إلى نتيجة مفادها أن الأسواق  شديدة الحساسية لأي قرار أو أي تذبذب في سعر الصرف، بل أنها “تضرب في الفنجان” حول أسعار الصرف، فتتوقع إرتفاعه ومع هذا التوقع ترفع الأسعار، وتضع هوامش كبيرة لتذبذب سعر الصرف ولا يتحمل نتائج هذه التوقعات إلا المستهلك.

الجمود أو كما وصفته جمعية صاغة دمشق بـ”التريث”، شمل الكثير من المحال التجارية، وطال أيضا مراكز الجملة ومحلات الألبسة والأغذية وحتى الصاغة  وبات لأي مادة سعران وربما ثلاثة وربما أكثر، فسعر غرام الذهب عند جمعية الصاغة هو 17700 ليرة في حين أنه يباع من قبل محلات الصاغة، طبعا في حال وافقوا على البيع ب(18500) ليرة، ويرجع بعض الصاغة التريث في البيع أو البيع بسعر مرتفع إلى أنهم لا يستطيعون الحصول على كميات بديلة من الذهب التي يبيعونها للمواطن من سوق الصاغة “الجملة” وهذا يعرضهم لخسائر كبيرة وفق قول أحد الصاغة، أما بالنسبة للبيع بسعر أعلى من سعر جمعية الصاغة فقد أرجع سبب ذلك إلى أن التسعيرة التي يضعها الصائغ تحمل أجرة الغرام بالإضافة إلى إضافة هامش لتذبذب سعر الصرف ولكي لا يخسر الصائغ وخاصة مع التفاوت الكبير بسعر غرام الذهب مؤخرا والذي تراوح ما بين 400 إلى 500 ليرة يومياً.

ولا يخفى على أحد الحركة الكبيرة على شراء الذهب من قبل السوريين  وخاصة ذهب الإدخار من ليرات وأونصات وذلك كنوع من الحفاظ على المدخرات وكون الذهب يعتبر سلعة أكثر سهولة في البيع والشراء وقانونية على عكس الدولار الذي يعتبر التعامل معه خطيرًا وغير قانوني وقد يعرض صاحبه لخسائر انخفاضه فجأة.

هذا الأمر انسحب أيضا على بقية السلع ومنها الغذائية، فحاليا فوارق أسعار المواد الغذائية تصل إلى 20% بين محال المفرق، وكذلك الأمر بالنسبة لمراكز الجملة التي بدأ توضع تسعيرات احترازية من أي ارتفاع قد يطرأ على سعر الصرف، بالطبع هذه الفوارق والارتفاعات أنهكت المستهلك بشكل كبير، فمثلا سعر ليتر الزيت الأبيض بلغ 600 ليرة وفي بعض المحلات بلغ 700 ليرة وفي محال أخرى انخفض إلى 550 ليرة، أما المشروب الشعبي المتة، فقد بلغ سعرها إلى حدود 540 ليرة وفي محال أخرى إلى 500 وانخفض في بعضها الأخر إلى 420 ليرات، وكذلك الأمر بالنسبة للسكر الذي بلغ 350 ليرة ويباع في بعض المحال بـ330 ليرة، أي أن فوارق السعر ليست بقليلة وهذا الأمر دفع بالمستهلك إلى عمليات بحث واستقصاء بين المحال للعثور على السلع الأقل سعرًا أو على البائع الذي لا يزال يسعر بضائعه على (السعر القديم), أما تجار الألبسة أيضا فقد واجهوا نفس الأمر، حيث اضطر بعضهم لإغلاق محلاتهم وفق ما أكدته غرفة تجارة دمشق، والتي ذكرت على لسان أحد أعضائها بأن بعض تجار سوق الحريقة في دمشق اضطروا لإغلاق محلاتهم لحين استقرار الأسعار.

وذكر أحد تجار الألبسة أن جمود كبير يضرب سوق الألبسة وخاصة مع ارتفاع أسعارها، وفرض أسعار زائدة من قبل باعة الجملة، فمثلا إذا أردنا شراء ألبسة من سوق الجملة في دمشق فإن التاجر يضع 200 ليرة فوق سعر كل قطعة ألبسة وذلك تحسبا من ارتفاع سعرها لاحقا، وبالطبع بائع المفرق والحديث لـ ”التاجر”، مضطر للشراء كون يحتاج إلى قلب السيولة التي بيده إلى بضائع، وخشية من ارتفاع أكبر قد يطال أسعار الألبسة، وهذا الأمر انعكس بشكل مباشر على المشتري من المستهلكين، وأيضا انعكس بشكل مباشر على المبيعات اليومية والتي انخفضت بشكل كبير لضعف القدرة الشرائية لدى معظم المواطنين.

ووجه المستهلك حاليًا لا يمكن تفسيره، فأي وجبة أصبحت تكلف ألفي ليرة كحد أدنى، حيث ذكر أحد المستهلكين بأنه أراد أن يتناول وجبة شعبية “تسقية” ولكن انصدم بتكلفتها التي بلغت أكثر من 700 ليرة، وهي عبارة عن خبز وحمص وبعض اللبن والطحينة، في حين قال أخر بأن الوضع المعيشي بات صعبا كثيرًا والأسرة حاليًا تحتاج إلى أكثر من 150 ألف ليرة شهريًا لتسد رمقها وخاصة في حال كانت تعيش في “الإيجارات”.