غزة ـ محمد حبيب
ألقى الحصار المشدّد على قطاع غزة وإغلاق الأنفاق الحدودية بين مصر والقطاع بظلاله على حياة آلاف العمال الذين باتوا عاطلين عن العمل بعد أن كانت الأنفاق مصدر رزق لهم ولأسرهم، سيما وأن اغلاق السلطات المصرية لتلك الانفاق والتي تعتبر "شريان الحياة" بالنسبة للغزّيّين أدى إلى تشديد الحصار على سكان القطاع الذين كانوا يعتمدون في جل احتياجاتهم على البضائع التي تصل من هذه الأنفاق، وكذلك فإن إغلاقها أدى إلى دخول الآلاف من العمال في صفوف البطالة لاسيما عمال البناء وكذلك عمال الأنفاق أنفسهم.
وكان وزير الاقتصاد الوطني في غزة الدكتور علاء الرفاتي أكد أن التراجع الحاد في عمل الأنفاق بين مصر وغزة تسبب بخسائر للناتج المحلي في غزة تتجاوز 230 مليون دولار أميركي شهرياً، إلى جانب توقف أكثر من ألف منشأة اقتصادية تعتمد على مواد الخام التي يتم إدخالها عبر الأنفاق.
وأشار الرفاتي في تصريحات سابقة له إلى أن هذه التطورات أدت إلى تصاعد جديد في معدلات الفقر والبطالة، إلى جانب أنها خلقت مصاعب اقتصادية حادة تؤثر على مختلف الفئات العاملة في القطاعات الاقتصادية المختلفة في غزة.
ولفت الدكتور ماهر الطبّاع الخبير الاقتصادي إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة خلال النصف
الثاني لعام 2013 تجاوزت 38 %، وذلك حسب مركز الإحصاء الفلسطيني، مؤكدا وجود ما يقارب من 120 آلاف عاطل عن العمل".
وأضاف "بعد إغلاق الإنفاق مع مصر تضرر المواطنين في قطاع غزة من خلال عدم دخول مواد البناء ومشتقات البترول الواردة عبر الأنفاق حيث يعتمد عليها جل المواطنين سواء من خلال النقل العام أو النقل الخاص مما أثرت بالسلب على المواطنين في غزة".
وأوضح أن عدم دخول مواد بناء عبر الأنفاق أضعفت قطاع الإنشاءات بشكل كبير وخفضت العمل فيها بالإضافة إلى أن العديد من الصناعات التي تعتمد على المواد الأساسية كالمواد الخام مثل الصناعات المعدنية أو الكيميائية والبلاستيكية فالاحتلال لا يسمح بدخولها عبر معابره، كذلك الحال في الصناعات الغذائية ولعل أهمها صناعة المشروبات الغازية والتي تعتمد على ثاني أكسيد الكربون وهو أساسي في عملية صناعة هذه المشروبات الغازية، هذا بالإضافة إلى انخفاض الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة.
واعتبر الطبّاع أنه مع ارتفاع أسعار السولار جعل صاحب أي مهنة لا يمكنه تشغيل المولد الخاص به في حال قطع التيار الكهربائي لأن السولار ارتفع بنسبة 110% بعد منع دخول السولار المصري والاعتماد على السولار الإسرائيلي، مشيرا إلى أن صاحب العمل بذلك خفض العملية الإنتاجية مما رفع الأسعار بشكل كبير.
وأكد أن كل هذه الأمور والتراكمات أضعف القدرة الشرائية للمواطن وتسببت في هذا الركود في الأسواق على الرغم من أن هذه مواسم مهمة للتجار.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن تكون هناك زيادة لنسب البطالة في العام 2014 وزيادة لعدد العاطلين عن العمل، مشيرًا إلى أن أكثر من 10 آلاف عامل توقفوا عن العمل في قطاع النقل التجاري حيث كان ينقل البضائع من هذه الأنفاق إضافة إلى عمال الأنفاق أنفسهم والذين يقدرون بالعدد ذاته وكذلك عدد كبير من سائق التاكسي وأصحاب المصانع والإنشاءات.
وأصدر اتحاد العمال في غزة، بيانًا الخميس، يشير إلى تعطل120 ألف مواطن فلسطيني، يعيلون 615 ألف نسمة عن العمل جراء هدم الأنفاق الحدودية مع مصر بالتزامن مع تشديد الحصار الإسرائيلي على القطاع ومنع إدخال مواد البناء.
وقال البيان إن استمرار هدم الأنفاق وتشديد الحصار أدى إلى تعطل 35 ألف عامل في قطاع الإنشاءات، و3 آلاف عامل كانوا يعملون داخل الأنفاق الحدودية، مشيرًأ إلى أن الحصار أدى إلى إغلاق مصانع البناء البالغ عددها "13 مصنعا للبلاط، 30 مصنعا للإسمنت، و145 مصنعا للرخام، و250 مصنعا للطوب" مما سبب بفقدان 3500 وظيفة عمل في هذه المصانع.
وأكد رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري أن الحصار الإسرائيلي المشدد تسبّب في انهيار شبه كامل للاقتصاد في قطاع غزة.
وقال الخضري إن "إسرائيل" تغلق معابر غزة التجارية باستثناء واحد (معبر كرم أبو سالم) بشكل استثنائي ولا تسمح من خلاله بمرور المستلزمات كلها وإنما بعض السلع الأساسية وتمنع المواد الخام ومواد البناء وتعمل بقوائم السلع الممنوعة.
وأضاف أن هذا الوضع إلى جانب منع التصدير تسبب في توقّف 80% من مصانع غزة بشكل كلّي أو جزئي، مشيراً إلى أن المواد الخام الممنوعة يتم اختيارها بعناية بما يضمن توقف العجلة الاقتصادية.
وبيّن أن آلاف العمال والمهندسين والقطاعات الإنشائية تعطلت ما رفع نسب البطالة والفقر إلى أكثر من 50%.وتابع "توقف المصانع وتحولها لهياكل حديد يعني بعد فترة دمارها بشكل كامل وتلف المعدات والأجهزة المختلفة، إضافة إلى أزمة الكهرباء التي تؤثر بشكل كبير على عمل هذه المصانع".وشدد على ارتفاع قيمة المشروعات المتوقفة إلى 500 مليون دولار.
وجدد الخضري تأكيده استمرار مشاكل المياه والكهرباء والوقود والصرف الصحي، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني كارثي وأن مليون مواطن يعتمدون على المساعدات، إضافة إلى أن معدل دخل الفرد اليومي 2 دولار.
وطالب رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على "إسرائيل" لإنهاء الحصار، داعياً الدول العربية والإسلامية لتقديم إغاثة عاجلة لإنقاذ الوضع والاقتصاد قبل الانهيار الكامل.