الدار البيضاء ـ سعيد بونوار لا يهتم الكثيرون من حاملي دفاتر الشيكات في المغرب إلى الإعلان الهام المدون خلف كل شيك، ومفاده أنه "يعاقب بالحبس من عام إلى خمس أعوام، وبغرامة تتراوح ما بين 2000 إلى 10000 درهمًا دون أن تقل قيمتها عن 25 في المائة من قيمة الشيك، لساحب الشيك المعترض لدى المحسوب عليه"، طبقًا لقانون رقم 15/95 المتعلق بمدونة التجارة.
وتحت وابل من الإغراءات أو الضغوط يضطر عدد من حاملي الشيكات إلى إصدار شيكات دون رصيد، وتؤرق الظاهرة المسؤولين المغاربة بعد الارتفاع المضطرد لعدد الشيكات الموضوعة لدى المصالح القضائية بهدف البت في شكاوى المتضررين، وهي الوضعية التي تكاد تفقد المغاربة ثقتهم في الشيك، وتشكل هاجساً للحكومة ولكبرى المؤسسات التجارية والصناعية التي باتت ترفض التعامل بالشيك مقابل الأداء "كاش".
وقدمت مصلحة عوارض الأداء في بنك المغرب، إحصاءات تفيد أنه جرى إحصاء مليوني شيك دون رصيد العام الماضي، وحددت قيمتها بـ 30 مليار درهمًا مغربيًا، أي ما يمثل 10 في المائة من التزامات البنوك المغربية، هذا باستثناء إحجام الكثيرين عن رفع دعاوى قضائية وسعيهم إلى تسويات تعيد لهم أموالهم الضائعة، فالسجن لا يعوض مبلغ الشيك.
وتتخوف السلطات المغربية من فقدان الشيك كوسيلة لأداء مصداقيته في التعاملات التجارية في المغرب بعد تنامي لجوء الكثيرين إلى منح شيكات تفتقر للمؤونة أو الرصيد.
وأشارت بيانات عن وزارة العدل المغربية، أن أكبر عدد من الساحبين الذين يصدرون شيكات دون رصيد يمثلون الفئة العاطلة عن العمل، والتي لا تزاول أي مهنة، يليها العمال والموظفون وأصحاب الأعمال التجارية، وأن عدد المتابعين لعدم توافر رصيد للشيك يمثلون ما يزيد عن 22 في المائة من مجموع الأشخاص المتابعين في جرائم مالية، وأن القضايا المرتبطة بالشيكات تمثل 5 في المائة من مجموع القضايا المعروضة على المحاكم المغربية.
واعتبرت أوساط مالية مغربية مسؤولة أنه كثيرًا ما يستعمل الشيك في المغرب كوسيلة قرض أو ضمان، ما يتنافى مع وظيفته كأداة وفاء فوري، وأنه رغم توعد مدونة التجارة بالعقاب لكل شخص قام عن علم أو تظهير شيك على سبيل الضمان، فإن ذلك لم يمنع من استفحال هذه الظاهرة التي أصبحت تشكل أحد المصادر الأساسية لعوارض الأداء.
ودعت وزارة العدل المغربية في وقت سابق إلى تفعيل الإجراءات القانونية عن طريق عدم تسليم دفاتر الشيكات لمن صدر في حقهم منع بنكي، وتشجيع التعامل بالبطاقات المغناطيسية، وعدم تسليم الشيكات لأصحاب الحسابات الصغيرة وتعويضها بشيكات محددة القيمة يضمنها البنك أو البطاقات الإلكترونية، وهي الإجراءات التي لم تجد طريقها إلى التطبيق.
ويقبع العشرات من رجال الأعمال والتجار ومعهم محتالين ونصابين وبسطاء اضطرتهم الظروف إلى تسليم شيكات دون رصيد وراء القضبان، معظم هؤلاء لا يملكون حسًا إجراميًا ولكن ظروف العمل والتعامل ورطتهم في تهم أدخلتهم السجن.