النفط

يمر العراق، هذه الأيام بأسوأ أزمة مالية واقتصادية، فقد أدى التراجع الحاد في أسعار النفط عقب فشل أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، الاتفاق على حجم الإنتاج ومعالجة تخمة المعروض المتزايدة، خلال اجتماعهم في مقر المنظمة في العاصمة النمساوية فيينا، في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2015 الحالي، إلى أن "موارد البلد الحقيقية انخفضت بنسبة 60 بالمئة وعلى الحكومة إعداد الموازنة بحيث تقلل العجز فيها إلى حدود مقبولة وهو ما تم العمل به في إدراج بنود موازنة العام 2016"."بحسب ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي، يوم السبت، خلال لقائه أعضاء اللجنة المالية البرلمانية.

وذكر رئيس اللجنة فالح الساري، أنه "جرى تخفيض الإيرادات غير النفطية أكثر من تريليون و700 مليار دينار" فيما، قالت عضوة اللجنة ماجدة التميمي، إن "تعديل الحكومة على الموازنة خفض إجمالي نفقاتها بخمسة تريليونات دينار لتكون 101 تريليون دينار".

وبحسب ما قالته التميمي فإن حجم العجز في التخفيض الجديد للموازنة سيكون 17 تريليون دينار ويشكل 16.2% من إجمالي الموازنة.

وفجّر عضو اللجنة المالية النيابية النائب هيثم الجبوري، الأحد، تصريحًا خطيرًا بقوله: لا وجود للموازنة" في ظل انخفاض أسعار النفط التي وصلت إلى 33 دولارًا للبرميل، مشيرًا إلى أن إيرادات العراق وفق هذه الأسعار "لا تسد حتى نصف رواتب الموظفين أو أكثر بقليل".

وقال الجبوري في تصريح صحفي إنه "بحسب أسعار النفط الجديدة التي وصلت يوم السبت إلى 33 دولارًا لا تكون متوازنة، وإنما يكون هناك واقع حال بمعنى أن تصرف الدولة ما يأتيها من أموال بصيغة النسبة والتناسب"، مشيرًا إلى أن "أسعار النفط الجديدة لا تسد حتى نصف رواتب الموظفين أو أكثر بقليل".

ويأمل الجبوري وأعضاء اللجنة  بـ"تحسن إيرادات البلد باعتبار أن الموازنة دائمًا تتكلم عن إيرادات مستقبلية".

وكشف أن "العراق يحتاج إلى 53 تريليون دينار رواتب الموظفين والمتقاعدين وأكثر من 20 تريليون أجور جولات التراخيص من أجل استمرار إنتاج النفط، وأيضًا نحتاج إلى 2 تريليون للحشد الشعبي وتريليون ونصف للنازحين وتريليون ونصف للأدوية، وهذه أمور ثابتة لا يمكن تخفيضها أو الاستغناء عنها".

من جانبه، أعرب الخبير الاقتصادي وكبير مستشاري رئيس الحكومة العراقية الاقتصادي الدكتور مظهر محمد صالح عن "عدم تفاؤله بالواقع الاقتصادي خلال العام المقبل 2016، في ظل استمرار هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية"، داعيًا إلى "مواصلة ضغط النفقات، والاقتصار على تلك التي لها أولوية، مثل الرواتب والحرب ضد التطرف والصحة".

ولفت إلى أن "موازنة العراق لعام 2015 الحالي سعَّرت برميل النفط بـ56 دولارًا، في حين أنه كان يباع بأقل من 49 دولارًا خلال الأشهر التسعة الأولى منها، الأمر الذي شكل عبئًا ولد عجزًا كبيرًا اضطرت الحكومة لتحمل تبعاته"،

وأضاف صالح، أن "الحكومة لا تمتلك عصا سحرية لتحويل الاقتصاد العراقي إلى زراعي وصناعي بعد عقود من التخلف وإهمال تنويع مصادر الدخل الوطني، وعدم اعتماد سياسة اقتصادية سليمة، سواء فرضت على العراق أم بسبب الظروف الراهنة".

من جانبه قال رئيس لجنة النفط والطاقة البرلمانية اريز عبد الله، ، إن "العراق يمر بأزمة مالية واقتصادية حقيقية، تفاقمت نتيجة انخفاض أسعار النفط"، عادًا أن "الحكومة ينبغي أن تعمل على تنويع مصادر الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط فقط".

ودعا عبد الله، الحكومة إلى "القضاء على الفساد وتقليل النفقات"، محذرًا من أن "الحكومة ستضطر للاقتراض لتزيد من أعباء البلد إذا لم تعتمد تلك المعالجات".

وتابع عبد الله، أن "الحكومة ومجلس النواب يتحملان مسؤولية كبرى لتحسين اقتصاديات البلد"، داعيًا الجميع إلى "التفكير بكيفية إيجاد حل جذري للمشاكل المالية لئلا يظل اقتصاد العراق رهنًا لتقلبات أسعار النفط العالمية".

يشار إلى أن مجلس النواب قد أنهى في جلسته في 22 من الشهر الماضي مناقشة لمشروع قانون موازنة 2016، فيما أجرى مجلس الوزراء تعديلًا عليها لتقليل العجز فيها الذي يُقدر 22.7 تريليون دينار ما يعادل 21% من مجموع النفقات مقابل نفقات 106 تريليونات دينار.

يذكر أن سعر برميل النفط تجاوز المئة دولار صيف العام 2014 المنصرم، قبل أن يواصل الهبوط على مدى الأشهر الماضية، وسط استمرار خلافات أعضاء أوبك على سقف الإنتاج وحصصهم.