البغداديّون يكدِّسُون المواد الغذائية

توقّع عدد من أهالي بغداد ازدياد التدهور الأمني خلال شهر رمضان، نتيجة استمرار العمليات العسكرية، وسقوط العشرات من الضحايا، دون أيّ رادع أو جهد حقيقي لإيقاف هذه العمليات، فيما اتّفقت الحكومة مع عدد من التجار، على استيراد كميات كبيرة من المواد المفقودة في السوق، وإدخالها بأسرع وقت ممكن، بغية إفشال مخطّطات تجار السوق السوداء، ومنع ارتفاع أسعار بعض المواد، في رمضان.
واعتبر سعد عبدالرزاق، وهو أحد تجار سوق "الشورجة"، في تصريح إلى  "العرب اليوم"، أنَّ "التدهور الأمني في بعض محافظات العراق، والتحسب من إعلان حالة  الطوارئ، يؤدي إلى تخوّف أهالي بغداد من تأزم الوضع"، مشيرًا إلى أنّه "تحسباً إلى فقدان المواد الغذائية من الأسواق المحلية كدّس العراقيون البضائع في المنازل، بصورة فاقت احتياجات شهر رمضان، ما أسفر عن نفادها في المخازن".
وأبرز أبو جعفر، وهو معلم متقاعد بلغ الستين من عمره، في تصريح مماثل، "لقد اعتدنا، وفي كل عام، ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، لاسيما الأساسية منها، مثل السكر والرز والزيت، قبل وخلال شهر رمضان".
وأضاف "جشع التجّار، وعدم احترامهم لقدسية هذا الشهر الفضيل، حيث يقومون بخزن بضائعهم بغية تقليل كميتها من السوق، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها".
ووجّهت الحكومة العراقيّة، قبل أيام، بإلغاء لجان الفحص الصحية والزراعية في منفذ أم قصر، والاعتماد على الشركات الكبرى المتعاقد معها، في فحص البضائع الواردة إلى العراق
ولفت مصدر مسؤول في مجلس الوزراء، في تصريح صحافي، إلى أنَّ "لجان وزارتي الصحة والزراعة أدّت إلى تعطّل إدخال البضائع لفترات طويلة، تصل إلى أكثر من أسبوعين، في وقت كانت المنافذ الغربية والشمالية تدخل البضائع في غضون يومين أو ثلاثة"
وتابع "الحكومة اتّفقت مع عدد من التجار لاستيراد كميات كبيرة من المواد المفقودة في السوق، وإدخالها بأسرع وقت ممكن، بغية إفشال مخطّطات ضعاف النفوس من التجار، ومنع ارتفاع أسعار بعض المواد، في وقت يستقبل الشعب العراقي شهر رمضان في ظروف عصيبة".
وشهد سوق بغداد ارتفاعًا طفيفًا في أسعار بعض المواد الاستهلاكية، على خلفية أحداث الموصل، واحتكار بعض التجار لمواد غذائية، التي يستهلك العراقيّون كميات كبيرة منها خلال شهر رمضان.
وكانت وزارة المال قد تعاقدت، بناء على قرار مجلس الوزراء، مع شركات عالمية معروفة، تقوم بفحص البضائع المستوردة من طرف العراق في أرض المنشأ، بغية الاستغناء عن لجان الفحص، في جميع منافذ العراق، كأجراء عصري، يسهّل على التجار إدخال بضائعهم بانسيابية، ويقلل من فساد القائمين على اللجان.
وفي سياق متّصل، ناشدت محافظة بغداد التجار وأصحاب المحال بـ"عدم رفع الأسعار والالتزام بالتسعيرة الاعتيادية، التي تتناسب مع دخل المواطن البسيط، لاسيما في رمضان".
ورأى منير الخفاجي، صاحب محل للمواد الغذائية في سوق "جميلة" أنَّ "الأسعار بدأت بالارتفاع مع حلول شهر رمضان"، لافتًا إلى "فقدان بعض المواد الأساسية، مثل السكر والزيت، بسبب الأوضاع الأمنية، فضلاً عن عدم توزيع بعض مواد الحصة التموينية، ما أدى إلى ارتفاع سعر الكيلو غرام، مع فقدانه في غالبية الأسواق المحلية".
وأوضح سلمان الدباغ، صاحب محال للمواد غذائية في "الشورجة" أنَّ "المحلات الكبرى أصبحت  تتوزع في كل المناطق، بسبب تقاطع الطرق، وتبدد الأمن، ومصادرة الأمان، فلم تعد (الشورجة) وحدها مركزًا للشراء والتسوّق الرمضاني، وإن كانت تحتل على مر العصور والأزمنة مركز الصدارة، وبين أهالي بغداد من لا يروق له الشراء إلا من هذا المكان، كجزء من تقاليده الرمضانية".
وأكّدت المدرسة أزهار الجلبي أنَّ "أهم ما تتميز به المائدة الرمضانية هو التفاف العائلة كلها حولها، ونحن عندما نجهز أيّة وجبة ونراها متميزة، فلا نعتبر أنفسنا قد أفطرنا، إذا لم يأكل منها بعض جيراننا وأحبابنا وأهلنا، وهكذا لا تخلو مائدتنا الرمضانية من أكلات يجلبها لنا أهالي المنطقة، مثلما نقوم نحن بإرسال نماذج من مائدتنا إلى الجيران، هذا إذا لم نشترك مع إحدى العوائل على المائدة نفسها".
ويأتي هذا فيما أعلنت وزارة التجارة عن وصول أربع عشرة باخرة إلى ميناء أم قصر، محمّلة بالحنطة والرز والسكر، لحساب البطاقة التموينيّة.
ونقل بيان للوزارة، عن منسقها في الميناء جواد درويش، أنَّ "البواخر محملة بالحنطة الكندية، والأسترالية، والسكر الإماراتي والأوروبي، إضافة إلى الأرز الأرجنتيني، والأورغواني المنشأ".
وأضاف "حمولات بواخر الحنطة السبع بلغت 350 ألف طن، وحمولة البواخر الثلاث بكمية 90 ألف طن من مادة الأرز، وأربع بواخر، بحمولة 62 ألف طن، من السكر".