البنك التجاري الدولي "CIB"
القاهرة ـ محمد صلاح
دعا إلى تسهيل إجراءات تسجيل العقارات، حتى يتمكن المواطنون من استخراج تراخيص المباني ولا يضطرون إلى البناء العشوائي، مشيرًا إلى أن 95% من العقارات في مصر "غير مسجلة" بسبب تعقيدات أجراءات التسجيل لدى الشهر العقاري، وأكدَّ أنَّ طريقة التعامل مع المتعثرين تعوق عمل
المستثمرين، غير أنَّه قال "إن قانون التمويل العقاري رقم 148 لسنة 2001، وتعديلاته، من أهم القوانين التي تساعد على حل مشكلات الإسكان، وتساعد على إنعاش السوق العقاري في مصر، وتنشيط الاقتصاد".
وأضاف البنك التجاري الدولي في دراسة له عن أهم 5 عقبات تواجه التمويل العقاري في مصر وتتمثل في إجراءات التسجيل، والمجتمعات العمرانية الجديدة، والمطورين، وطرق التعامل مع حالات تعثر المستثمرين، وإمكان التعامل مع الوحدات غير القابلة للتسجيل، موضحًا أنَّ صعوبة إجراءات التسجيل تظهر أيضًا في منشورات الشهر العقاري، التي تزيد من تعطيل الإجراءات، وعلى سبيل المثال، منشور تعدد الصفقات، الذي ينص على أن يقوم المشتري بدفع رسوم البيع لكل بائع على حدة، وهو ما يعني أنه لو كان مالك العقار أكثر من شخص، يلزم المنشور المشتري بدفع رسوم البيع عن كل شخص بائع له، بحجة أنها تعد صفقة منفصلة، في حين أن العقار الذي يتم شراءه واحد لا يتجزأ.
وأكدت الدراسة أن هناك منشور أخر يحمل عنوان "فصل البيع عن قيد الضمان"، والذي يحمل الممول (شركة التمويل العقاري أو البنك) عبء السير في الإجراءات مرتين، مرة عن تسجيل البيع لصالح المستثمر (المشتري – العميل)، ومرة أخرى عند إتمام قيد الضمان، وكذا يتحمل الممول والمستثمر رسوم التصديق من نقابة المحامين على عقد البيع، والتي قد تصل إلى 5 ألاف جنيه، كحد أقصى، ومن سلبيات ذلك المنشور أيضًا، إمكان تعرض الوحدة (الضمان) للتلاعب بها، ما بين فترة التسجيل وقيد الضمان.
وفي هذا الإطار، تقترح الدراسة 5 حلول، هي إدخال الحاسب الآلي في عملية التسجيل والرهن، للربط بين الجهات التي تتخذ أمامها إجراءات التسجيل، سواء كان الشهر العقاري أو مأمورية أو مكتب، وكذا المساحة الهندسية، مرورًا بالحي التابع له العقار. بالإضافة إلى تدريب موظفي الشهر العقاري بشكل جيد، واختيار أكفأ العناصر للتعامل مع المواطن، وحث العاملين على سرعة إنهاء الإجراءات، والعمل بمبدأ التخصص، سواء كان تسجيل أو تمويل عقاري (تسجيل وقيد ضمان)، وتحفيز الموظف عن طريق تحقيق الأهداف، وإعطاء مكافأة لسرعة الإنجاز بدون أخطاء، وتطبيق نظام التسجيل عن طريق السجل العيني، باعتباره واحدًا من أفضل الأنظمة وأسرعها، وهو ما بدأت الدولة في اتباعه، لكن من دون تطبيق فعلي حتى الأن.
كما اقترح البنك التجاري الدولي في دراسته العمل على تبسيط الإجراءات بالنسبة للتسجيل والرهن، وعدم ظهور منشورات جديدة تعرقل سير الإجراءات، وإلغاء المنشور الخاص بتعدد الصفقات، وفصل البيع عن قيد الضمان، بالاضافة إلى مناقشة أي منشور جديد خاص بالشهر العقاري مع مجموعة مختارة من أصحاب الشأن، الذين سيصدر المنشور بحقهم.
وعلى صعيد العقبة الثانية، قال البنك التجاري الدولي في دراسته أن المجتمعات العمرانية الجديدة تعد الأرض الخصبة لتفعيل قانون التمويل العقاري عليها، غير أن معظم هذه المجتمعات غير مسجلة، مما يعرقل تمويلها من قبل البنوك أو الشركات الخاصة بالتمويل العقاري، وتتم عملية تملك الأرض هناك عن طريق جهاز المدينة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والذي يقوم بإصدار قرار التخصيص، ثم محضر الاستلام، ثم ترخيص المباني، وبذلك تم إضافة طرف رابع لحالة التعاقد.
ولحل تلك المشكلة، أكدت الدراسة على أهمية خروج الجهاز من المنظومة، عبر منح أصحاب الأراضي سند ملكية مشهر، بالإضافة إلى تبسيط إجراءات تخصيص الأراضي، وسرعة استخراج التراخيص من جهاز المدينة، وخفض عدد اللجان التي تمر على المشروع لإعطاء الموافقة، سواء كانت تراخيص أو مساحة أو بيئة أو إدارة قانونية، وعمل لجنة متكاملة تضم عضو من كل إدارة.
أما العقبة الثالثة، الخاصة بالمطورين، فقد قال البنك التجاري الدولي في دراسته أنها تكمن في عدم قدرة المطورين العقاريين أصحاب المشروعات السكنية العملاقة، والمقامة غالبًا في المجتمعات العمرانية الجديدة، نظرا لأن المطور يقوم بسداد سعر الأرض على مراحل لصالح الجهاز البائع، حيث يقوم المطور بدفع جزء من الثمن مقدمًا، و يسدد الباقي على أقساط، تصل إلى خمس سنوات، ولا يمكنه تسجيل الأرض إلا بعد الانتهاء من سداد كامل قيمتها، مما يحرم المستثمر من الاستفادة بخدمات التمويل العقاري، و يحرم المطور من تسويق مشروعه لفئة عريضة من المشترين، علمًا بأن المطور يقوم في هذه الأثناء باستكمال بناء المشروع المعرض للتوقف، إذا ما تقاعس عن السداد، حيث يحق للجهاز سحب الأرض منه.
وفي هذا الإطار، اقترحت الدراسة أن يقوم الجهاز بتحديد مساحات الأرض التي تم سداد ثمنها بالفعل، والتي لا تدخل ضمن باقي قطعة الأرض المتبقي عليها أقساط، و يقدم الجهاز للبنك أو الشركة الممولة خطاب يفيد بأن الوحدة محل الشراء تم سداد قيمة الأرض المقامة عليها، وبذلك يمكن إعطاء خطاب بأنه لا مانع للرهن لصالح الممول، كضمان حق في الوحدة، وإمكان تسجيل هذا الجزء عن طريق الشهر بالإيداع، مما يسهل التعامل عليها وبيعها، بنظام التمويل العقاري.
كما أوضحت الدراسة أن المشكلة الرابعة التي تعوق تطور منظومة التمويل العقاري، ونمو القطاع في السوق المحلي، تتمثل في طول مدة الإجراءات القضائية وتعقيدها في حالة تعثر المستثمر، والتي تصل في بعض الحالات إلى عام ونصف العام، وهو ما تم تجربته عمليًا في البنك التجاري الدولي على إحدى حالات المستثمرين المتعثرين في السداد، حيث أن التنفيذ العقاري الذي نص عليه القانون رقم 148 لسنة 2001 للتمويل العقاري حدد مدد الإنذار بـ60 يومًا، ثم الإعلان بالصيغة التنفيذية خلال 30 يومًا، ثم إخطار الشهر العقاري الكائن في دائرته العقار، ثم بعد ذلك اللجوء للمحكمة لاتخاذ إجراءات المزاد العلني، فضلاً عن الرسوم المبالغ فيها للتنفيذ، والتي تزيد من مديونية العميل، و تقلل من قيمة الوحدة.
و يقترح البنك التجاري الدولي في هذا السياق تقليل مدد الإعلان والإنذار والتأشير بتنبيه نزع الملكية، وخفض الرسوم المستحقة للمحكمة، حيث أنها تصل إلى 80 ألف جنيه، أو أكثر، تبعًا لقيمة المديونية.
وعلي مستوى العقبة الخامسة، قال البنك في دراسته أنه قد ورد في قانون التمويل العقاري إمكان قبول وحدات غير قابلة للتسجيل، بضمان أوراق مالية أو مرتب المستثمر، وهي ضمانات غير كافية للتعامل على قطاع عريض من الوحدات والفيلات غير المسجلة.
وشددت الدراسة على أنه يلزم ضمان الدولة لتلك الوحدات أو الفيلات، واتخاذ إجراءات من شأنها رد الوحدة للممول لبيعها لاسترداد دينه، في حالة إثبات تقاعس المستثمر عن السداد، وإثبات سبق إنذاره.
وأكدت الدراسة في نهايتها على أنه لو تم التعامل مع هذه العقبات الرئيسية، بصورة جدية وفعالة، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى توسيع نطاق التعامل بالقانون رقم 148 لسنة 2001 وتعديلاته، وتحقيق أهدافه في تنمية الاستثمار العقاري، وحل مشكلة الإسكان.