القطاع النفطي في السعودية

تراجعت مساهمة قطاع النفط 0.5 نقطة مئوية من النمو الاقتصادي الكلي السعودي، في الربع الثاني من العام الجاري، فيما سجل القطاع غير النفطي أدنى نمو سنوي له منذ عام 2010، وإن كان لا يزال يعتبر قويًا، بنسبة 4.2%، على أساس سنوي.

ولفت تقرير اقتصادي صادر عن "جدوى للاستثمار"، إلى تغيرات مساهمة القطاعات في النمو، مقارنة مع الربع السابق، وأصبح النمو أكثر اعتمادًا على القطاع غير النفطي".

وتوقع أن تزداد مساهمة قطاع تكرير النفط في النمو الاقتصادي الكلي تدريجيًا في الأعوام القليلة المقبلة، حيث تسعى المملكة إلى زيادة طاقتها الإنتاجية في مجال التكرير.

يأتي ذلك في وقت أظهرت فيه بيانات نشرتها مصلحة الإحصاءات العامة تراجع النمو الاقتصادي الفعلي، في الربع الثاني لعام 2014، بدرجة طفيفة إلى 3.78% على أساس سنوي، مقارنة مع 3.79% للفترة ذاتها من عام 2013.

وأرجع تقرير جدوى التباطؤ إلى تراجع معدل النمو في القطاع الخاص غير النفطي، وكذلك القطاع الحكومي، مقارنة مع الربع الثاني من العام الماضي.

وجاء تباطؤ النمو السنوي في أربعة من القطاعات التسعة، هي قطاعات تجارة الجملة والتجزئة، والتشييد والبناء، والنقل والاتصالات، والتمويل.

ونما قطاع النفط بنسبة 2.5 % على أساس سنوي في الربع الثاني، مقارنة مع نسبة نمو عند 6.1 % في الربع السابق، لكن لا يزال مرتفعًا، مقارنة مع الربع نفسه من العام الماضي، الذي سجل انكماشًا بنسبة 6.5 %.

ويعتبر إنتاج النفط هو المحرك الرئيسي لأداء قطاع النفط، وارتفع إنتاج النفط بنسبة 1.9 % في الربع الثاني لعام 2014 على أساس المقارنة السنوية، ليبلغ 9.7 مليون برميل يوميًا.

ويعتقد أنَّ مساهمة قطاع النفط في النمو الاقتصادي الكلي ستنكمش قليلًا على الأرجح، مع احتمالية تحوله إلى النمو السلبي في النصف الثاني من العام، نتيجة لزيادة الاستهلاك المحلي، وانخفاض أسعار النفط حسب تقديرات الفترة المتبقية من العام.

ونما الناتج الإجمالي المحلي للقطاع غير النفطي بنسبة 4.2 % على أساس المقارنة السنوية، مقارنة مع 4.5 % في الربع السابق، و6.5 % في الفترة نفسها من العام الماضي.

وأضاف التقرير، إذا نظرنا إلى تفاصيل القطاع غير النفطي نجد أن القطاع الحكومي نما بنسبة 2.6 % على أساس سنوي، مسجلًا بعض التباطؤ، مقارنة مع الربع السابق، وتراجعت مساهمة قطاع الخدمات الحكومية في النمو الاقتصادي الكلي نتيجة للمقارنة مع مستويات سابقة مرتفعة، ولكن يُنتظر انتعاشه مرة أخرى قرب نهاية العام.

ولا يزال يعتقد أن الإصلاحات الجارية في سوق العمل وتطبيق قوانين العمل ستبقي الطلب على الخدمات الحكومية مرتفعًا.

وبقي القطاع الخاص غير النفطي، الذي سجل نموًا سنويًا بنسبة 4.7 %، المساهم الرئيسي في النمو الاقتصادي الكلي.

وجاء معدل النمو في هذا الربع مرتفعًا بدرجة طفيفة، مقارنة مع مستواه للربع الأول لعام 2014، الذي بلغت نسبته 4.6 %، لكنه يقل عن المعدل في الربع المقابل من العام الماضي الذي كان عند 6.1 %.

ووفقًا للبيانات الرسمية، أسهم القطاع بنسبة 73 % من النمو الكلي في الربع الثاني من هذا العام، ويتوقع أن يحافظ القطاع الخاص على مستوى مرتفع من النمو، مدعومًا بقوة الطلب المحلي وزيادة القروض المصرفية واستثمارات القطاع العام.

وعلى الرغم من تسجيل جميع القطاعات نموًا إيجابيًا على أساس سنوي في الربع الثاني، إلا أنّ أداءها جاء متباينًا، وحقق قطاع المرافق (الكهرباء والغاز والمياه) أسرع معدلات النمو في القطاع الخاص، مرتفعًا بنسبة 8 %، نتيجة لزيادة المشاريع التي بدأت مرحلة التشغيل بهدف تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء والمياه.

وارتفع قطاع الصناعة بنسبة 6.7 % على أساس سنوي، وكان أفضل أداء من نصيب قطاع تكرير النفط، الذي سجل أعلى معدل نمو سنوي له في عامين عند 8.5 %.

وجاء أداء المنتجات الصناعية الأخرى قويًا، حيث نمت بنسبة 6.5 % على أساس المقارنة السنوية، وهو نمو يعتبر أيضًا الأعلى على مدى عامين.

وتراجع نمو قطاعات التشييد وتجارة الجملة والتجزئة والنقل والاتصالات في الربع الثاني، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ومع ذلك، ظل أداء تلك القطاعات قويًا، حيث سجلت نموًا بنسبة 5.9 % و3.9 % و6.1 % على التوالي.

وتبقى النظرة بأن تظل تلك القطاعات ضمن أسرع القطاعات نموًا، رغم توقع باستمرار تباطؤ النمو على أساس سنوي، مقارنة مع معدلات النمو التي سجلتها العام الماضي.

ويبقى قطاع التشييد المستفيد الرئيسي من الاستثمارات الضخمة في تشييد البنيات التحتية والمراكز التجارية ومجمعات الإسكان، حيث تقدّر مجلة "ميدل إيست إيكونوميك دايجست" قيمة المشاريع القائمة والمخططة في المملكة، حتى نهاية تموز/يوليو الماضي، بنحو 1.1 تريليون ريال، التي يتضمن معظمها أعمال تشييد.

ويرجح أن يحافظ قطاع التجزئة على نمو قوي في الأرباع المقبلة، كما يشير إلى ذلك قوة الطلب الاستهلاكي المحلي، ويعود تباطؤ النمو السنوي في كلا القطاعين جزئيًا إلى الإصلاحات الأخيرة في سوق العمل، وكذلك المقارنة بمستويات سابقة مرتفعة.

ويأتي نمو قطاع النقل من الحاجة إلى ترحيل كميات ضخمة من السلع عبر المملكة (الواردات ومواد البناء)، ويعتمد النمو في هذا القطاع جزئيًا على مستويات الأداء في القطاعات الأخرى.

وانكمش الاقتصاد، على أساس المقارنة الربعية، بنسبة 3.1 %، مقارنة مع نمو بنسبة 4.1 % في الربع السابق، ويتماشى هذا الانكماش مع النمط الموسمي المعتاد.

وسجلت جميع القطاعات معدلات نمو ربعي سلبية، باستثناء قطاعي المرافق والخدمات الحكومية اللذين سجلا نموًا بنسبة 63 % و13 % على التوالي.

ويعكس النمو في قطاع المرافق ارتفاع استهلاك الكهرباء في شريحتي المساكن والمراكز التجارية، نتيجة لزيادة الحاجة إلى استخدام أنظمة تكييف الهواء، وهناك ثلاثة قطاعات سجلت تراجعات ربعية كبيرة في الربع الثالث، الأول هو قطاع تجارة الجملة والتجزئة، الذي انخفض بنسبة على أساس المقارنة الربعية.

وتشير البيانات السابقة إلى أنَّ الربع الثاني عمومًا هو أضعف ربع لهذا القطاع، وذلك نتيجة لنمط موسمي معتاد وبسبب استمرار تأثير التغييرات الأخيرة في سوق العمل.

وتوقع التقرير أن يحدث المزيد من التباطؤ في النمو الاقتصادي على أساس سنوي في الربع الثالث، إضافة إلى التراجع في أسعار النفط وزيادة الاستهلاك المحلي، وأن يتواصل التأثير السلبي للنظام الجديد لسوق العمل المحلي على النمو السنوي للربعين التاليين.

كما توقع أن يحافظ القطاعان الحكومي والخاص على حد سواء على أدائهما القوي، الذي يضمن الإبقاء على أداء اقتصادي متين.

وبقي النمو السنوي للقروض المصرفية عند رقم من خانتين لنحو عامين متتاليين، كما تشير استطلاعات الشركات إلى المزيد من التوسع في القطاع الخاص، وفي ضوء قوة المعطيات الاقتصادية المحلية، ولكن نتيجة لتزايد عدم اليقين إزاء الاستقرار في المنطقة من جهة أخرى.

وأبقت المؤسسة على توقعاتها بأن يكون نمو الناتج الإجمالي المحلي الفعلي عند 4.2 % لعام 2014، ولكن ربما يأتي النمو أقل من ذلك في حال واصلت أسعار النفط تراجعها.