عراقية تبحث عن طعام لابنائها وسط القمامة

حذرت أوساط اقتصادية معنية من نتائج أكثر خطورة على مستقبل العراق إذا تزايدت معدلات الفقر بين العراقيين، خصوصًا في ظل الأزمات الخانقة التي تعاني منها قطاعات اقتصادية مختلفة، كان أبرز نتائجها اتساع قاعدة البطالة بين الشباب القادرين على العمل وبين المتخرجين الجامعيين، ويعتقد خبراء أن التقديرات الإحصائية لهؤلاء الشباب لا تعبّر بالضرورة عن الواقع الموجود فعلًا.

وكشف الناطق باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي، أن الوزارة اقترحت إلغاء 296 مشروعًا استثماريًا من المشاريع غير الضرورية في موازنة 2016 وتأجيل 2169 مشروعًا إلى حين توافر الأموال اللازمة لها.

وأفاد الهنداوي بأن مستويات الفقر في العراق لعام 2014 شهدت ارتفاعًا بلغ 22.5%، متوقعًا ارتفاعها إلى 30% بسبب الأوضاع الاستثنائية التي يشهدها الكثير من المحافظات وحالات النزوح والتهجير فيها.

وأضاف أن توقف النشاط الاقتصادي وتنفيذ المشاريع بسبب تراجع الموارد المالية للدولة نتيجة انخفاض أسعار النفط عالمياً، ساهم إلى حد كبير في تفاقم الفقر والأزمات الاجتماعية الأخرى.

وأشار إلى أن مستويات الفقر تختلف من منطقة إلى أخرى ووفقاً لظروفها الاقتصادية والسكانية والأمنية، ففي إقليم كردستان كان مستوى الفقر الأدنى 12%، في حين كانت المحافظات التي يحتلها تنظيم "داعش" الأعلى في نسبة الفقر بنسبة 41%، وبلغت هذه النسبة في المحافظات الجنوبية 31%، و17% في محافظات الوسط، ولفت إلى أن نسبة الفقر في بغداد وصلت إلى 13%.

واعتبر الهنداوي أن السياسة النقدية والمالية نجحت إلى حد كبير في إعادة شيء من القيمة إلى الدينار العراقي الذي ظل يحافظ على مستواه طيلة السنوات الماضية، وتركت بصمات واضحة على جوانب من حياة الفرد، وقال إن الخبراء وجدوا أن ارتفاع قيمة الدينار واستقرارها عند عتبة معينة يُعد مؤشرًا إيجابيًا إلى أن البلد يعيش حالًا من الاستقرار الاقتصادي.

وفي الواقع كان هذا الاستقرار هشًّا وظاهريًا لأنه كان وما زال يعتمد بنحو مطلق على النفط بنسبة تصل إلى 95%، وتابع: "شهدت أسعار النفط ارتفاعًا غير متوقع تجاوزت معه 120 دولارًا للبرميل، إلا أننا لم نستفد من تلك الأموال التي بلغت 624 بليون دولار فأنفقناها بنحو لم يكن موفقًا، أما في الجانب الاستثماري، فكان هناك آلاف المشاريع الاستثمارية، لم تتمكن الحكومة من إنجاز غالبيتها، لسببين أولهما تفريق الأموال على تلك المشاريع الكثيرة جدًا، وبالتالي فإن تلك الأموال تبددت من دون تحقيق النتائج المرجوة لقطاعات التنمية المتهالكة أصلًا، وكانت الفكرة حينها أن يتم توجيه الموازنة الاستثمارية لتأهيل قطاعات مثل الزراعة والصناعة، من دون إغفال قطاع الطاقة بشقيه النفط والكهرباء كمحركين لعجلة التنمية".

واستطرد: "السبب الآخر فهو الفساد الذي ضرب بقوة خريطة المشاريع الاستثمارية الحكومية، وظهر هذا من خلال التلكؤ الكبير في التنفيذ نتيجة إحالة المشاريع إلى مقاولين وشركات غير ذات كفاءة إنما لعبت العلاقات المشبوهة دورًا في حصولها على تلك المقاولات، فكانت النتيجة صرف الأموال من دون إنجاز المشاريع".

وأردف الهنداوي: "إننا اليوم ومع استمرار انخفاض أسعار النفط، أمام أزمة حقيقية، فإذا كانت موازنة 2015 بنيت على سعر 56 دولارًا للبرميل ليواصل النفط بعد ذلك انخفاضه حتى وصل إلى أقل من 40 دولارًا، فمعنى هذا أن العجز في الموازنة يتفاقم بنحو خطر خصوصًا مع استمرار المعركة ضد التطرف ووجوب توفير متطلباتها وتأمين الرواتب".

 ورأى أن هذه الإجراءات ستخفف من الأزمة قليلًا، معبرًا: "نحتاج تفعيل القطاعات الأخرى على المدى المتوسط من خلال عرض المشاريع كفرص استثمارية أو تمويلها بالدفع الآجل، أما على المدى القريب فالحل يكمن في مضاعفة إنتاج النفط لتعويض انخفاض الأسعار والبحث عن معالجات أخرى".