سوق المال السعودية

كشف محللون ماليون واقتصاديون أن الانخفاض السريع والقوي في أسعار النفط وعمليات التصحيح القوية التي تعرضت لها بعض الأسواق المالية العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا هي مسألة وقتية حتى تنتهي وبعدها سيحتاج السوق إلى إعادة بناء ثقة المستثمرين تدريجيًا، وهي مسألة تحتاج إلى وقت طويل.

وبيّن المحللون أن هذه المشكلة نفسية يعاني منها السوق السعودي منذ سنوات طويلة مع الإفراط في التفاؤل و الإفراط في التشاؤم كما ألمح آخرون إلى أن انخفاض سعر النفط يلعب دورًا مهمًا ومحوريًا في التذبذب ولكن هذا الانخفاض في أسعار النفط يعد لصالح الشركات البتروكيماوية حيث ستحافظ شركات البتروكيماويات على تذبذب محدود لأسعار البتروكيماويات لاسترداد الأرباح المفقودة خلال فترة طفرة أسعار النفط.

وأكد عضو جمعية الاقتصاد السعودي والمحلل المالي، محمد العمران، أن ما حدث لسوق المال السعودية خلال الأسبوع الماضي، هو نتيجة عدة عوامل أتت مجتمعة لتؤثر سلبًا دفعة واحدة على تداولات السوق ومن أهم هذه العوامل الانخفاض السريع والقوي في أسعار النفط وعمليات التصحيح القوية التي تعرضت لها بعض الأسواق المالية العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا والتقارير الاقتصادية التي صدرت من مؤسسات دولية تحذر من تباطؤ النمو العالمي ولاسيما في منطقة اليورو كنتيجة للأزمة الروسية الأوكرانية ثم تبع ذلك ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة من خلال سيطرة "الحوثيين" على كبرى مدن اليمن إلى جانب الحرب على الدولة الإسلامية "داعش" وعلى المستوى المحلي قرب بدء أكبر الاكتتابات العامة الأولية في المملكة من حيث القيمة والمتمثل في اكتتاب البنك الأهلي التجاري.

وكان من واضح أن كل هذه العوامل مجتمعة أثرت سلبًا وبشكل مبالغ به على تداولات السوق ليخسر المؤشر 1,300 نقطة في خمس جلسات فقط مع انقسام المتداولين إلى قسم يقوم بالبيع العشوائي وقسم يتابع الأحداث بذهول وذعر دون أي قرار وقسم أخير يقوم بالشراء على أمل أن يحقق مكاسب من التذبذبات الحادة.

وأضاف العمران أن أكثر المتشائمين لم يتوقع ما حدث وفي الحقيقة هذه مشكلة نفسية يعاني منها السوق السعودي منذ سنوات طويلة مع الإفراط في التفاؤل والإفراط في التشاؤم و بشكل مبالغ به في كلا الحالتين، وعلى العموم أنا أرى أن ما حدث هي مسألة وقتية حتى تنتهي وبعدها سيحتاج السوق إلى إعادة بناء ثقة المستثمرين تدريجيًا وهي مسألة تحتاج إلى وقت طويل حيث إن الهدم يكون سريعًا لكن البناء يكون بطيئًا ومملًا في غالب الأحيان، وهنا يجب أن نضع في اعتبارنا أن علم الغيب بيد الله لكننا نعتقد والله أعلم أن أساسيات السوق والاقتصاد الوطني لا تزال قوية (وإن تعرضنا مؤقتًا إلى تباطؤ نمو أرباح الشركات أو تباطؤ في نمو الناتج المحلي لأنها مسائل وقتية) لاسيما وأننا أمام استحقاقات مهمة ستدعم عمليات شراء الأسهم و بقوة من خلال القرار المتوقع قريبًا لفتح السوق أمام المؤسسات الأجنبية المؤهلة والقرار اللاحق له والمتوقع من خلال رفع تصنيف السوق السعودية إلى سوق ناشئة، مما يدل على أن ما تبقى من 2014 وخلال 2015 ربما نشهد تذبذبات قوية ربما تميل كفة الشراء فيها على كفة البيع آخذين في الاعتبار أن مستويات تقييم الأسهم السعودية معقولة وجذابة جدًا (و إن انخفضت الأرباح مستقبلًا) بينما لا يزال العائد على الأسهم يفوق العائد على  أدوات الدخل الثابت والودائع المصرفية وبفارق كبير جدًا ( إن ارتفعت أسعار الفائدة مستقبلًا).

من جهته أوضح رئيس مجلس إدارة شركة التكامل للحلول الاقتصادية، طارق العبدالهادي، أنه بعكس كثر من المتشائمين أو القلقين على إيرادات النفط فإن ما حصل من انخفاض في سعر النفط وكسره حاجز التسعين دولارًا للبرميل ليستقر مستقبلا بين متوسطات السبعين والثمانين دولارًا للبرميل يعد مرحلة صحية للاقتصاد السعودي أما تجاوب سوق الأسهم بانخفاض اسعار شركات البتروكيماويات بقيادة سابك فهي فرصة للدخول مرة أخرى في شركات البتروكيماويات ربما لن تتكرر للمستثمرين بعد استقرار أسعار النفط عند متوسطات السبعين والثمانين كحد أدنى قبل مرحلة من الصعود مرة أخرى.

وأوضح أن انخفاض أسعار النفط يعد مفاجأة سارة لشركات البتروكيماويات السعودية، ففي الوقت الذي انخفضت فيه تكلفة فاتورة شراء النفط بحوالي 35% لصالح شركات تكرير النفط العالمية وبانخفاضها انخفض سعر اللقيم من النفثا لمصانعها للبتروكيماويات، كذلك سينعكس ذلك إيجابا لشركات البتروكياويات السعودية التي تشتري البروبان والبيوتات ( بسعر النفثا واصل اليابان ناقص 30%) مما يعني انخفاض حاد في فاتورة اللقيم، في ذات الوقت تحافظ شركات البتروكيماويات على تذبذب محدود لأسعار البتروكيماويات لاسترداد الأرباح المفقودة خلال فترة طفرة أسعار النفط.