صناعة ودباغة الجلود

حذر مستثمرون، في صناعة ودباغة الجلود، في المملكة العربية السعودية، من مغبة عدم إستغلال الجلود التي يخلفها السعوديون والمقيمون والحجاج والمعتمرون كل عام بعد ذبح وسلخ الأضاحي، طوال العام، حيث أن المملكة من أهم الدول حول العالم في إنتاج جلود الضأن والأبقار سنويًا وتصدر لجميع دول قارتي آسيا وأوروبا.
وشددوا على ضرورة إلتفات وزارة التجارة والصناعة ممثلة في هيئة المدن الصناعية، لهذه الصناعة المهمة والمهددة بالإنقراض، -على حد تعبير المستثمرين-، من جراء عدم إهتمام هيئة المدن الصناعية بتخصيص المدن والمجمعات الصناعية المهيأة لها.
وأكد أحد المستثمرين في صناعة ودباغة الجلود، خالد الدقل، أن السعودية تصدر نحو أربعة ملايين قطعة جلود، أي ما يقدر بعشرة آلاف طن، خلال أيام عيد الأضحى، لكن هذا الرقم يتضاعف إذا ما تم حساب مجموع الجلود طوال العام.
وأوضح الدقل، أن عدد مصانع المتخصصة في صناعة ودباغة الجلود في المملكة هي (12) مصنعًا، وتستفيد هذه المصانع بشكل كبير من تلك الجلود، المقدرة بنحو أربعة ملايين قطعة جلد على مستوى المملكة.
ولفت إلى أن المملكة مشهورة، بتنوع مصادرها من الجلود على مدار العام، كما أنها تعتبر المصدر الأول لجميع مصانع المنتجات الجلدية حول العالم، إذ تقوم المصانع بإعداد الجلود لمرحلة ما قبل التصنيع، ليتم تصديرها على هيئة جلود شبه مُصنعة، لمصانع الهند وباكستان والصين وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والأرجنتين وتركيا.
وتقوم المصانع الخارجية بمرحلة التلوين "البرو"، ومن ثم صناعتها كحقائب وأحذية ومعاطف جلدية وأثاث، ومن ثم إعادة تصديرها إلى الأسواق السعودية.
وأشار الدقل إلى أن تصدير الجلود لا يعتبر صناعة زهيدة الثمن، إذ يقدر إجمالي عوائد القطاع من هذا النشاط بنحو مليار ريال على مدار العالم، فيقدر حجم الإستثمارات في القطاع بأكثر من ملياري ريال.
وقال إن جلود الضأن والأبقار، تعد من أفضل أنواع الجلود المؤهلة لدخول الصناعة، كما أن السعودية تقوم سنويًا بتصدير أصواف الخراف إلى بريطانيا، ليصنعوا منها الملابس الشتوية، وحتى الشحوم يتم تصديرها لتدخل في صناعة الصابون، أما شعر الخراف فيتم تجميعه لصناعة الخيام، من خلال مصنع لصناعة الخيام الشعر في الرياض.
ولفت الدقل إلى أن صناعة الجلود، في الوقت الحالي، أمامها كثير من التحديات أبرزها نشاط العمالة السائبة في السوق السوداء، والذين يقومون بالتجارة المخالفة في تلك الجلود والأصواف مما يضيع الفرص على المصانع الـ( 12) العاملة في المملكة.
وأضاف أن المنطقة الغربية، نظرًا لوجود الحجاج والمعتمرين فيها طوال العام، فإنها تحتاج إلى إيجاد مزيد من المصانع للإستفادة من الجلود المُهدرة، إلا أن هيئة المدن الصناعية تعمل على طرد أصحاب المصانع من المدن الصناعية التابعة لها لعدم توافر محطات لتحلية المياه الصناعية التي تخلفها مصانع الجلود.
وتابع أن مصانع الجلود تنتج مياهًا ملوثة صناعيًا تحتاج إلى محطة تنقية بمواصفات خاصة، وهو ما لا توفره "مدن"، على حد قوله.
وشدد على ضرورة أن تلتفت وزارة التجارة والصناعة لهذه الصناعة المهمة وأن تخصص لها المجمعات الصناعية التي تليق بها، لأنها أصبحت مهدد بالإنقراض، وفي إنقراضها خسارة كبيرة لمورد أساسي من موارد الطبيعة التي إشتهرت بها منطقة الجزيرة العربية.
كما ذكر أن إهدار هذا المصدر فيه تهديد حقيقي لصحة البيئة، إذ ستكون الجلود في حال إهمالها دون تصنيع مجلبة للحشرات والذباب والأمراض، وبدباغتها سيتم إستغلالها وتحقيق عائد مادي للإقتصاد السعودي بشكل عام، خصوصًا أن المملكة تعتبر من الدول العامة في تصدير الجلود سواء للأنعام المحلية أو المستوردة مثل الجلود.
وأكد أن عددًا من المستثمرين في القطاع عملوا على التحالف فيما بينهم لإنشاء محطات تحلية خاصة بهم لضخها فيما بعد في شبكة التصريف العادية، ليتم إنتاج قطع شبه مصنعة، ويتم تصديرها في كونترات بطرق حفظ معينة لحمايتها من رطوبة البحر.
 
ولفت أحد المستثمرين في القطاع، أمين عبد الغفور، لأن صناعة الجلود في المملكة تعتبر من الصناعات الواعدة إذا ما وجه لها الدعم من قبل الجهات ذات العلاقة في الدولة، لتهيئة البنية اللازمة لها مثل التمويل والمناطق الصناعية المهيأة، والأيدي العاملة.
 وقدَّر حجم القطاع بملياري ريال، إلا أنه لا يحقق نسبة نمو مطلوبة، إذ لا تتعدى (4 %)، مشيرًا إلى أن المملكة تتميز بتنوع مصادر الجلود طوال العام، وخصوصًا في المنطقة الغربية التي تشهد قدوم أكثر من عشرة ملايين حاج ومعتمر، وإعتماد سكان المملكة بشكل كبير على اللحوم في المناسبات والأعياد وطوال أيام العام.
وصرح رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، الدكتور أحمد محمد علي، لصحيفة "الإقتصادية"، في وقت سابق بأن البنك سيعمل على حفظ مخلفات الجلود والعظام لأضاحي هذا العام لتتم الإستفادة منها باستخراج الجلاتين، عن طريق مصنع الجلاتين الذي سيتم إفتتاحه في الوقت القريب، مشيرًا إلى أن البنك كان يقوم في بدايات سنوات عمله ببيع الجلود لتجار الجلود المحليين، ثم إمتنع التجار عن شراء الجلود التي يخلفها المشروع لتمزقها وعدم إستفادتهم منها بسبب السرعة في العمل من قبل الجزارين.
 وقال: يقوم الجزارون في المشروع بذبح نحو مليون رأس من الأغنام خلال (72 ساعة) فقط، وهو ما يؤدي إلى تقطع الجلود، وعدم الإقبال على شرائها من قبل التجار، وهو ما دعا البنك إلى إيجاد مشروع بديل للإستفادة منها، عن طريق مصنع الجلاتين.
وأضاف أن الجلود والعظام سيتم حفظهما عن طريق التمليح، أي وضع الملح عليها وتجفيفها، لحين الإنتهاء من بناء المصنع بعد عدة أشهر، نافيًا أن يكون المشروع قد خسر عوائد مالية مجزية من عدم إقبال التجار على شراء الجلود.