وسائل جديدة لعلاج الصداع
نيويورك ـ مادلين سعادة
نجح العلماء في اكتشاف وسيلة جديدة لتخفيف أشد آلام الصداع قسوة على الجسم البشري من خلال تعريض المخ لصدمة كهربائية، وأدى هذا الكشف إلى فتح باب الأمل أمام الكثيرين الذين يعانون من آلام الصداع النصفي المزمنة بعد أن تبين للعلماء أن هذه الوسيلة قلصت من الآم الصداع بنسة 37 %. ويقوم العلماء من خلال هذه الطريقة
التي يطلق عليها اسم التحفيز الكهربي العميق للمخ عبر الجمجمة، بتعديل سرعة التهاب الأعصاب في المخ، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف حدة الألم، كما أنها تساعد المخ على إطلاق مسكنات للألم تشبه إلى حد بعيد المستحضرات الأفيونية مثل المورفين.
وكان فريق من العلماء في جامعة ميتشغان الأميركية قد قام بإجراء هذا البحث العلمي واكتشف من خلاله أن كمية ضيئلة جدًا من التيار الكهربائي لا تزيد عن 2 ميللي أمبير كانت كافية لإحداث التأثير المطلوب.
وقام فريق العلماء بإجراء التجارب على عدد 13 مريضًا بالصداع النصفي المزمن، يتعرضون لنوبات ذلك الصداع 15 مرة في الشهر الواحد، وقاموا بوضع أقطاب كهربائية فوق القشرة الحركية وهي الجزء من المخ المسؤول عن الحركة الإرادية.
وبعد عشر جلسات على مدار أربعة أسابيع بدأ تأثير العلاج يظهر، ويقول ألكسندر داسيلفا الاستاذ المساعد بكلية طب الأسنان بالجامعة والذي اشرف على إجراء البحث الذي نشرت نتائجه في الدورية العلمية المعروفة باسم الصداع ، أن تتابع الجلسات كان ضروريًا من أجل استعادة التغيرات العميقة بالمخ والمتعلقة بآلام الصداع النصفي للمرضى الذي خضعوا للدراسة والذين يشير تاريخهم إلى أن هذه النوبات كانت تلازمهم على مدى 30 عامًا.
ومن خلال دعم عملية إفراز مسكنات الألم الطبيعية، يأمل العلماء في تقليل اعتماد المرضى الذين يعانون من الصداع النصفي المزمن على الأدوية وبالتالي التخفيف من حدة الآثار الجانبية التي تسببها العقاقير كما تقلل من مخاطر الإدمان.
ويشير العالم داسيلفا إلى أن دراسات علمية أخرى كانت قد كشفت عن أن تحفيز هذا الجزء من المخ يقلل من الألام المزمنة إلا أن هذه الدراسة هي الأولى التي تقدم الدليل الميكانيكي الآلي على كيفية عمل القشرة الحركية في إطار الوصفات العلاجية الوقائية لحالات الصداع النصفي المعقدة والمزمنة التي يتكرر فيها نوبات الألم بصورة مفرطة والمستعصية على العلاج بالطرق التقليدية .
وعلى الرغم من النتائج المشجعة التي قدمتها الدراسة الأخيرة إلا التطبيق العملي لهذا الأسلوب الجديد كما يقول دا سيلفا سوف يستغرق وقتًا طويلًا، لأن تلك النتائج لازالت أولية وأنها بحاجة إلى مزيد من الأبحاث.
شارك في إجراء هذه الدراسة فريق آخر من علماء جامعة هارفارد وكلية سيتي كوليدج بجامعة سيتي بولاية نيويورك، كما قامت الدراسة بتتبع سريان التيار الكهرباء عبر المخ لمعرفة كيفية تأثير العلاج على مناطق أخرى بالمخ، من خلال الاستعانة بنماذج رياضية وحسابية غاية في الدقة.
واستطاعت الدراسة التنبؤ بدقة بحركة التيار الكهربائي حيثما تم توجيهه من خلال الأقطاب الكهربية المثبتة على الرأس إلا أن التيار الكهربائي تدفق أيضًا عبر مناطق حرجة بالمخ تتعلق بكيفية الوعي بالألم.
ويقول دا سيلفا أن الاعتقاد السابق أن التيار الكهربائي سوف ينتقل فقط عبر أغلب المناطق السطحية للقشرة الحركية بالمخ ولكن الدراسة الحديثة كشفت عن انتقالها كذلك إلى مناطق الألم العميقة بالمخ.