المشروبات الساخنة تمد الجسم بالطاقة اللازمة
الدار البيضاء - يسرى مصطفى
يحتاج الجسم في فصل الشتاء إلى ما يمده بالطاقة، و يشعل الحرارة داخله، و يزيل أي إحساس بالبرودة، و يقاوم هذا الفصل البارد، لذلك يلجأ كثيرون إلى استهلاك كميات هائلة من المشروبات والسوائل الساخنة، عكس ما يحتاجه الجسم في فصل الصيف من مشروبات باردة. فهل هذه الاختيارات صحيحة؟، وما هي
السلوكات الغذائية الخاطئة التي يمكن أن تلحق الأضرار بالصحة؟، وكيف يمكن التعامل مع هذا الفصل البارد؟.
يقول الاختصاصي في علم التغذية والحمية الأستاذ نبيل العياشي، من المغرب، أن التغذية في فصل الشتاء تتغير بتقلب المناخ، ففي هذا الفصل البارد يحتاج الجسم إلى الحصول على السعرات الحرارية الكافية، والمكونات الغذائية المناسبة لتقوية المناعة، وأيضًا المساهمة في رفع درجة حرارة الجسم. كما أن الحصول على الطاقة والوقاية من البرد يستدعي الحرص على اتباع نظام غذائي متوازن، إلى جانب تناول المشروبات الساخنة.
و يؤكد الاختصاصي في علم التغذية والحمية أن العديد من الناس لا يشربون الماء في فصل الشتاء، اعتقادًا منهم أنهم ليسوا في حاجة إليه، ولا يشربونه إلا في حالة الشعور بالعطش، وبالتالي، لا يحصلون على الكمية الكافية منه، التي تعادل لترًا ونصف اللتر من الماء في اليوم، إلى جانب السوائل، و يضيف الأستاذ نبيل العياشي أنه ينبغي شرب الماء في درجة حرارة عادية، والابتعاد عن شربه في درجة حرارة منخفضة جدًا.
و يشير الأستاذ نبيل العياشي إلى أن فصل الشتاء يتميز عن باقي فصول السنة ببرودة الطقس، التي غالبًا ما تتسبب في خمول الجسم، وعدم الرغبة في بذل المزيد من الأنشطة البدنية أو الحركية، إضافة إلى زيادة الرغبة في تناول الأطعمة الدسمة المنتجة للحرارة والطاقة، للحصول على الدفء، ما يكسب زيادة الوزن بشكل غير مرغوب فيه. لذلك، ينصح الاختصاصي في علم التغذية والحمية بالمواظبة على تناول بعض المشروبات الساخنة في هذا الفصل، لأن من شأنها رفع معدل "الاستقلاب الخلوي" في الجسم، والحفاظ على الصحة والوزن معًا. وبالتالي، على الصعيد الصحي والغذائي، لا شيء يضاهي كوبًا من المشروبات الدافئة لمقاومة برد هذا الفصل، ومده بالطاقة والفيتامينات.
و يقول الأستاذ نبيل العياشي أنه رغم مذاق الزنجبيل اللاذع والحار، فإن شرابه يعَد من بين أفضل المشروبات الساخنة، التي ينُصح بتناولها خلال فصل الشتاء، بهدف إنتاج الطاقة والحصول على الدفء، كما يعمل على تنشيط الدورة الدموية، ويمدّ الجسم بالسعرات الحرارية الزائدة، إضافة إلى فوائده الأخرى في التخلص من السعرات الحرارية الزائدة وإذابة الدهون المتراكمة في الجسم، خاصة أن الزنجبيل يستعمل منذ القدم في تقوية جهاز المناعة، والتخلص من السموم، وإزالة التوتر والصداع. ويمكن إضافة القليل من العسل الطبيعي بدل السكر إلى شراب الزنجبيل للتخفيف من مذاقه اللاذع.
و يضيف الأستاذ نبيل العياشي أنه يستحسن شرب شاي الزنجبيل أو عصيره بكميات معقولة، لأن الإكثار منه يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
كما يساعد شراب القرفة على علاج نزلات البرد واحتقان الحلق، التي يمكن أن يصاب بها الإنسان، خلال فصل الشتاء، خاصة أن القرفة تخفض نسبة السكر في الدم، وتمنع نمو البكتيريا الضارة، التي تفيد في الوقاية من إصابات المنطقة البولية، وتسوّس الأسنان، وأمراض اللثة، والمشكلات الجرثومية الأخرى. كما تساعد القرفة على التخلص من الانتفاخ، وزيادة إفراز البول، وتقوي الذاكرة. ولا ينبغي أن تتجاوز الكمية ملعقة صغيرة في اليوم، لأن رفع الكمية يؤذي الكلي.
كذلك تمتاز مشروبات الأعشاب الساخنة مثل الينسون أو الكراوية أو الزعتر أو الفليو أو اللويزة بإمدادها الجسم بالأملاح المعدنية والفيتامينات، ومد الجسم بالدفء اللازم والراحة النفسية التي تقاوم الإصابة بكآبة الشتاء. شريطة ألا يتعدى استخدام هذه الأعشاب الحد المعقول.
كما يعتبر الشاي الأخضر مشروبًا لكل الأوقات، لما يحتويه من فوائد صحية عديدة، منها أنه يساعد على إنقاص الوزن، والتخلص من السموم الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائي، وزيادة تراكم الدهون في الجسم، لاحتوائه على نسبة عالية من المواد المضادة للأكسدة.
وينصح الأستاذ نبيل العياشي أيضًا بشاي الزعفران، الذي يعتبره ممتازًا لمكافحة نزلات البرد، وأيضًا مسكّن ومقوي للجهاز العصبي، خاصة أن الزعفران يحتوي على مكونات تلعب دورًا مهمًا في التخلص من الألم والتقلصات، ونزلات البرد، والتخفيف من غازات المعدة، وإزالة آلام الطمث واللثة، كما يعتبر مضادًا للتشنج، و يدخل السرور على قلب من يشربه، إضافة إلى ذلك، ينشط شاي الزعفران القلب ويهدئ الأعصاب، ويعالج جفاف البشرة.
كما يتميز الكاكاو بمذاقه اللذيذ، وغناه بالفيتامينات، التي تشبع احتياجات الجسم من الأطعمة الدهنية، لذلك، يستحسن أن يقدَّم للأطفال كوبًا من الكاكاو الساخن في وجبة الإفطار يوميًا، طيلة فصل الشتاء، لما يمنحه من طاقة، ولغناه بمادة الفلافانول المضادة للأكسدة. إذ أثبتت الدراسات الحديثة أهمية هذه المادة في تقوية مناعة الجسم ضد الأمراض الموسمية. كما أن تناول شراب الكاكاو بالحليب مهم لصحة الجسم، لأن الحليب يحتوي على فيتامينات تساعد على تحويل المواد الغذائية إلى طاقة.
و رغم أهمية تناول المشروبات الساخنة في فصل الشتاء، إلا أنه لا ينبغي إغفال تناول العصائر الطبيعية المعدة من الفاكهة الطازجة، لما تحتويه من فيتامينات ومعادن ضرورية لصحة الجسم، ووقايته من أمراض البرد، إضافة إلى مقاومتها لعوامل التعب والإرهاق. و يُنصح بتناول عصير البرتقال أو الليمون الحامض ساخنًا، للاستفادة من فيتامينات "C، B1، B2" والبوتاسيوم، والفوسفور، التي أثبتت الدراسات الحديثة أهميتها في مقاومة الأمراض، وتقوية الجهاز المناعي في الجسم. كما يمكن إضافة المكسرات لمنح الجسم قيمة غذائية أكبر.
و يخلص الاختصاصي في علم التغذية والحمية إلى أن المشروبات المعدة من الأعشاب المعروفة تلعب دورًا مهدئًا للأعصاب، و تنعش الجسم، و تساعد على إعادة اللياقة إلى الجسم بعد يوم مرهق. كما يُنصح بتجنب تناول هذه المشروبات في درجة حرارة مرتفعة جدًا، أو أن يجري تناولها مباشرة قبيل الخروج من المنزل، حتى لا ترتفع درجة حرارة الجسم أكثر من اللازم، و يصاب الشخص بالزكام، ومن الأفضل أن تشرب هذه السوائل دافئة.
و يقول الاختصاصي في علم التغذية والحمية أن فصل الشتاء يتميز بالبرودة، وما يصاحبها من الإحساس بالخمول والبطء في الحركة، ومن المعروف أن الجسم يبذل طاقة كبيرة للحفاظ على درجة حرارته مع انخفاض حرارة الجو، ما يتطلب حرق سعرات حرارية كبيرة، لذلك من الضروري أن يكون النمط الغذائي سليمًا، وأن يشمل الخضر والفواكه والقطاني والأسماك واللحوم الحمراء بكمية مناسبة، ويستحسن استهلاك حساء الخضر، أو السميد لتقوية المناعة. كما يوصي الاختصاصي في علم التغذية والحمية بضرورة ممارسة التمارين الرياضية البسيطة، للمساعدة على تدفئة الجسم ومده بالحرارة.