كييف ـ سلوى ضاهر
تعد مدينة لفيف الواقعة غرب أوكرانيا أفضل مثال على الاختلاف الكبير بين المدن الرئيسية في البلاد. فعندما تتجول في شوارع لفيف تشعر وكأنك تمشى في مدينة عتيقة يفوح منها عبق التاريخ. هذه المدينة تحظى بشعبية كبيرة في أوروبا الشرقية وهي تحمل بكل فخر لقب باريس الشرق الصغيرة. حيث تستضيف لفيف أكثر من 100 مهرجان سنوي، ولكن أفضلها جميعا سيقام في نهاية هذا الأسبوع: وهو مهرجان الشوكولاتة السنوي، مهرجان الشوكولاتة الوطني في الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر/تشرين الأول في مبنى قصر الفنون ، حيث سيظهر الحرفيون المحليون أحدث إبداعاتهم، بما في ذلك منحوتات الشوكولاتة التي تقف على ارتفاع 9 أقدام.
تضم أوكرانيا مجموعة متنوعة من المدن السياحية ذات الشعبية الواسعة بين السائحين، ولفيف هي أحد أجمل الوجهات السياحية الأوكرانية التي تستحق الزيارة، إذ تتمتع بالتاريخ الغني والثقافة المميزة، والهندسة المعمارية الجميلة، والحياة الحضرية والسكان المحليين الودودون، علاوة على المطاعم والمقاهي الفريدة من نوعها، وإن كنت تحتاج لمزيد من الأسباب لزيارة هذه المدينة الجميلة، إليك التقرير التالي.
وتفتخر لفيف بمجموعة مذهلة من المباني القوطية والباروكية علاوة على مباني عصر النهضة، ناهيك عن أن المدينة القديمة هنا هي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو باعتبارها واحدة من أفضل مدن القرون الوسطى في أوروبا، والتي لن تكتمل رحلتك دون زيارتها والتجول بين شوارعها مع الاستمتاع بساحة السوق السابقة والجلوس على أحد المقاهي المنتشرة في الهواء الطلق والتي تحيط بها قصور عصر النهضة. تقريبا كل مبنى في وسط المدينة يفتخر بواجهة مزخرفة وازدهار معماري فريد، حتى أنك منذ وصولك إلى هذه المدينة الجميلة ستعتمد دائما على الكاميرا الخاصة بك لالتقاط أجمل الصور الفوتوغرافية المذهلة للمشاهد المميزة هناك.
وبما أن لفيف هي مدينة المهرجانات، فلا يهم في أي وقت من العام ستزورها، فدوما ما تستضيف المدينة العديد من المهرجانات والمناسبات الثقافية مجاناً في الهواء الطلق، والتي يصل عددها لأكثر من 50 مهرجانًا على مدار السنة، فكل مهرجان يقدم برنامج متنوع من الأحداث، بما في ذلك مهرجان للطعام، والفن، والموسيقى، والثقافة، والتاريخ والتراث الغني للفيف وغرب أوكرانيا.ونوصيك أيضا بزيارة متحف العمارة الشعبية الذي يقع على امتداد تلة مشجرة إلى الشمال الشرقي من وسط المدينة، ويوفر مقدمة مثالية للتقاليد الريفية التي يعتز بها الكثيرون في جنوب غرب أوكرانيا، وتتميز جميع المتاحف في لفيف بسحر مذهل تجده ما بين السلالم الخشبية والأرضيات الباركيه المصقولة والتصاميم الفريدة والتي دوما ما تجد صدى واسع بين السائحين.
لفيف هي واحدة من المدن الخضراء الجميلة في أوروبا، حيث تضم أول حديقة عامة في أوكرانيا، فضلا عن أكثر من 10 حدائق رئيسية، وتعد حديقة ستريسكي بارك المكان المثالي للنزهة بين المناظر الطبيعية، والتضاريس المشجرة وفرص الترفيه المتنوعة. تتمتع لفيف بمشهد ثقافي مميز، حيث تضم 7 مسارح و49 متحف و20 معرضاً فنياً، وتقدم العديد من المسارح العروض الموسيقية أو الدرامية تقريبا كل يوم من أيام الأسبوع، كما يمكنك حضور الاحتفالات وعروض البالية الرائعة في دار الأوبرا لفيف التي تعد جوهرة معمارية مبنية على طراز النهضة الحديثة في عام 1901، فضلا عن كونها واحدة من أجمل دور الأوبرا في أوروبا.
تمتلك لفيف بنية تحتية سياحية متطورة وجميع المرافق متوافرة بشكل مثالي لإقامة مريحة، فهناك الكثير من مراكز المعلومات في وسط المدينة والتي توفر للسائحين جميع المعلومات اللازمة والخرائط المجانية لاكتشاف المدينة، كما أن المدينة تضم مجموعة كبيرة من الفنادق المتنوعة ذات خدمة ممتازة والمستوى العال من الراحة، وهناك أيضا عدد كبير من الشقق وبيوت الضيافة الرخيصة المتاحة في وسط المدينة، على مسافة قريبة من جميع مناطق الجذب السياحي الرئيسية، فاختر منها ما يناسبك. وتعتبر العطلة في لفيف غير مكلفة نسبيا، وينطبق ذلك على المعيشة وتكلفة الغذاء، فإن كنت تبحث عن التوفير لا يهم ما إذا كنت تقيم في غرفة أو شقة، أو حتى تقوم بطهي الطعام في المنزل كبديل عن تناول الطعام في المطاعم. تسمى هذه المدينة الجميلة القهوة الأوكرانية، حيث تقدم مجموعة متنوعة من المقاهي المحلية الرائعة التي تمنح الزائرين تجربة القهوة المحلية الأصيلة وغيرها من أنواع القهوة العالمية وفي مقدمتها القهوة التركية. علاوة على ذلك تقدم المطاعم في المدينة مجموعة لا تقارن من الأطباق اللذيذة سواء المحلية والعالمية، فضلا عن المخبوزات والحلويات الشهية.
نجت لفيف من العديد من الحروب والصراعات التي تسببت في تدمير الكثير من المدن في أوروبا الشرقية. المؤرخون هنا يقولون أن لفيف تحتوي على ما يقارب نصف المباني الأثرية في أوكرانيا. الحفاظ على الهوية الوطنية أمر مهم جدا في أوكرانيا وخصوصا منذ الاستقلال حيث نسعى لفيف مثلت ولفترة طويلة من الزمن نقطة التقاء بين شرق وغرب أوروبا كما تأثرت بدورها بالعديد من الثقافات بعد ان ظلت خاضعة ولمئات السنين لحكم بولندا والنمسا لتنتقل اثر ذلك تحت الاحتلال الألماني ثم جاءت بعدها الحقبة السوفييتية. كما تمت إضافتها إلى قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو بعد سبع سنوات من استقلال أوكرانيا.
وتمثل عربات الترامواي القديم أحد رموز المدينة التي تستقطب أعدادا كبيرة من السياح. بعض هذه العربات تعمل منذ عام 1880. لفيف هي ايضا قطب جامعي كبير في أوكرانيا اذ تضم سبعين كلية ومدرسة جامعية في مختلف الاختصاصات. كما تنتشر في المدنية المقاهي والمنتديات الثقافية والفكرية التي تستقطب الآلاف من الطلاب. عندما تتجول في شوارع لفيف تعترضك محلات صنع الشكولاتة والمقاهي العتيقة التي تحملك إلى زمن بعيد بين ثنايا الماضي. فلفيف مدينة متميزة فيها ولدت وتمازجت العديد من الثقافات. يجب على كل من يريد أن يفهم ذلك الاطلاع على تاريخ المدينة باختلاف مراحله.”اوكرانيا تتذكر كذلك ماضيها المؤلم فهذا النصب التذكاري يخلد ذكرى اليهود الأوكرانيين الذين قتلوا في الهولوكوست فقبل الحرب العالمية الثانية كان ثلث سكان هذه المدينة تقريبا هم من اليهود في حين لا يتجاوز تعدادهم اليوم الخمسة آلاف شخص.
وتمثل الكنائس كذلك وجها آخر من وجوه هذه المدينة الأوكرانية ويرى مراقبون أن هناك عودة كبيرة لارتياد الكنائس ولممارسة الشعائر الدينية لدى الأوكرانيين في السنوات العشرين