لندن ـ كاتيا حداد
إذا كانت جزيرة لانزاروت امرأة لكانت حادة الطباع وسريعة الغضب، فهي أصغر جزر الكناري الأربع وتعرف باسم "هاواي أوروبا"، وهي شأنها شأن أخواتها الأكبر، غران كناريا وتينيريفي وفويرتيفنتور، وتعتبر وجهة سياحية لعشاق الرياضة ومحبي ركوب الدراجات والمصطافين الذي يرغبون في الاستمتاع بدفء الشمس في فصل الشتاء؛ إذ أن درجات الحرارة في النهار نادرًا ما تنخفض عن عشرين درجة مئوية.
وتقبع جزيرة لانزاروت الإسبانية في أقصى الشرق من جزر الكناري في المحيط الأطلسي وتبعد حوالي 125 كلم عن ساحل أفريقيا وتعد الجزيرة أحد أكثر الأماكن المذهلة والممتعة وبرغم أن بها أكثر من 300 بؤرة بركانية فإن الآلاف من السياح يأتوها على مدار العام وذلك نظرًا لما توفره من إقامة متأنقة وتحتويه على أماكن صديقة للبيئة حيث ركوب الدراجات والسير على الأقدام وركوب الأمواج.
ولكن الاستلقاء على شواطئ تلك الجزيرة الخلابة سيكون مضيعة كبيرة للوقت، فعندما ننظر إلى تاريخها العريق نجد أنها مستوطنة للبربر وتعرضت للنهب من قبل القراصنة واحتلها الأسبان عام 1402 قبل اندلاع سلسلة مدمرة من الانفجارات البركانية في أوائل القرن الثامن عشر، والتي خلقت مشهدًا استثنائيًا يشبه سطح القمر إلى حد كبير.
وعلى الرغم من مساحتها الصغيرة نسبيًا التي تبلغ 327 ميلًا مربعًا، تزخر الجزيرة الباهرة بثروة جمالية متنوعة تستحق الزيارة لمرات عدة، مطعم "ديابلو" أو الشيطان باللغة الإسبانية أول ما ستقع عينك عليه حينما تدخل حديقة تيمانفايا الوطنية في الجزء الجنوبي الغربي من الجزيرة، ويقع المطعم في منطقة فريدة تتيح لزواره إطلالة بانورامية على مكان استثنائي على وجه الأرض، مكان يشبه كوكب المريخ في تضاريسه، حيث يطل على المنطقة التي شكلتها البراكين الهائلة التي ثارت مرات عدة في الجزيرة منذ 1731 وحتى فترة قريبة، ففي هذه المنطقة جبال تعرف بجبال النار، حيث تمتلئ هذه المنطقة بمائة بركان تغطي مساحة 50 كلم أدت إلى تدمير المنطقة بالكامل بما فيها من مدن قديمة منذ 280 عامًا تقريبًا.
هذه البراكين خامدة الآن لكن الحرارة الجوفية الهائلة مازالت موقدة وتصل إلى السطح من عمق 13 مترًا تحت الأرض والتي تصل حرارتها إلى 600 درجة مئوية، وحول المطعم توجد ثقوب في الأرض يصب فيها السياح كميات كبيرة من المياه فتتحول فورًا إلى بخار يثور على شكل أعمدة عالية في الجو محدثة ضجيج كبير، كما ستجد مجموعة متنوعة من الشواطئ الرائعة على طول الساحل بدءًا من الرمال الذهبية الناعمة في بلايا بلانكا ومرورا بالرمال البيضاء الكاريبية في بلايا دي باباغايو وصولًا إلى الشواطئ ذات الرمال السوداء البركانية الأكثر إثارة للاهتمام والفريدة من نوعها، والتي ترسم لوحة مذهلة بما في ذلك السماء الصافية والمياه الفيروزية.
وتُعد شواطئ لانزاروت المكان المثالي لمجموعة متنوعة من الرياضات المائية المختلفة والمتنوعة؛ إذ تتميز بعض أجزاء من الجزيرة بالرياح الشديدة، وتتمتع أجزاء أخرى بالهدوء التام، ما يناسب كل الأذواق، الغوص أيضًا رياضة شعبية بفضل المياه الواضحة وضوح الشمس ووفرة الحياة البحرية، وتوفر الجزيرة قيمة ممتازة مقابل المال، حيث يمكنك الحصول على عطلة رخيصة دون إنفاق الكثير من المال، وهو ما يسري أيضًا على الإقامة وتناول الطعام.