بغداد – نجلاء الطائي
أعلن قائممقام قضاء "حديثة" في محافظة الانبار مبروك الجغيفي ، اليوم الاثنين، اعادة تأهيل أول ناعور على نهر الفرات، مطالبا بضم النواعير الى لائحة التراث العالمي .وقال ان" مجموعة من الشباب والمتطوعين في قضاء حديثة باشروا بإنشاء اول ناعور على نهر الفرات بعد ثلاثة سنوات من صمود المدينة بوجه تنظيم داعش المتطرف ".
وأضاف ان" اهالي حديثة طالبوا بضم النواعير في المناطق الغربية للانبار ضمن لائحة التراث العالمي كونها ضمن حقب تاريخية قديمة في الانبار مع ضرورة اعادة تاهيل النواعير في نهر الفرات في حديثة واستخدامها في رفد الاراضي الزراعية بالمياه ولما فيه من جمالية في المناطق الغربية".
واشار الجغيفي الى ان" جميع النواعير في حديثة دمرت بسبب عدم تأهيلها منذ السنوات الماضية واعادة تأهيل اول ناعور فيها سيكون الانطلاقة لإعادة تاريخ وحضارة النواعير في المناطق الغربية للانبار لكننا بحاجة لدعم حكومي واستغلال المناطق الطبيعية في انشاء مواقع سياحية ترفد اقتصاد البلاد مالي".
يعود تأريخ النواعير الى الاكديين الذين استوطنوا مناطق أعالي الفرات قبل العصر البابلي بحوالي الف عام.. وهم أول من ادخل الحضارة الاروائية الى العراق عندما استخدموا الناعور لرفع المياه من النهر لسقي الاراضي الزراعية الخصبة الممتدة بمحاذاته.. ويعتقد ان "جنائن بابل المعلقة" وهي احدى عجائب الدنيا السبع، كانت تروى بطريقة الناعور وهذا ما اكدته ندوة الاثار والندوات التي عقدت في الحديثة آبان التسعينات وشاركت فيها اغلب جامعات العراق والمختصون في التراث حيث اكد احد المهندسين، وبرسوم وافلام توضيحية، ذلك.. مشيرًا الى بعد المدينة عن النهر وانه كان يتم نقل المياه اليها ثم ترفع الى اعلى عن طريق مجموعة من النواعير مصممة لهذا الغرض.. وتنتشر النواعير في منطقة اعالي الفرات ابتداء من هيت صعودا الى القائم ومرورا بمدن البغدادي والحديثة وراوة وعنه والعبيدي وهي المناطق الاكثر ارتفاعا عن مستوى النهر في حين تفتقد مدن الرمادي والفلوجة الى تواجدها كون هذه المدن منخفضة بعض الشيء وبعض مناطقها تسقى سيحا اي بشكل مباشر من النهر..
*حملة لاعادة اعمارها
الا ان هذا التراث الجميل الذي يعتز به ابناء المحافظة جميعا تعرض للتآكل والاندثار بتقادم السنين وعلى ذلك تداعى ابناء المناطق التي تقع النواعير ضمنها الى اعادتها الى الحياة من جديد كتراث تتميز به الانبار عن باقي المحافظات الاخرى.. حيث تمت اعادة ما يقرب من (100) ناعورة نهاية الثمانينات في مدينة الحديثة والمناطق المحيطة بها، ومنها ناحيتي الحقلانية وبروانة وبعض القرى التي تحتفظ بهذا التراث..
وهذا ما اكده لنا احد علماء الآثار من مراقبية اثار الحديثة وهيت التي تشرف على المناطق الاثرية والتراثية وتتابعها بصورة مستمرة ،مضيفا انه تم اعادة عدد اخر من النواعير في مدينة هيت وقراها خاصة تلك التي ماتزال دواليبها عامرة. وأشار الى ان ابناء هاتين المدينتين يطالبون بضمها الى التراث العالمي للمحافظة عليها حيث تضم الحديثة الجسر العباسي وعيون المياه والانهر الجوفية المشهورة بتواجد السمك الاعمى فيها ومناطق اثرية كثيرة اضافة الى كونها منطقة سياحية رائدة يحتضنها الفرات وتسورها غابات النخيل واشجار الفاكهة .
اما في مدينة هيت فهناك القلعة التاريخية وهي المدينة الام وتعتبر ثالث مدينة على مستوى العالم من ناحية تاريخها، كما ان القلعة مازالت تضم بين ثناياها الكثير من الشواخص الحضارية القائمة لحد الان والتي تعود لفترات تاريخية مختلفة اضافة الى المناطق الاثرية الاخرى المتعددة والعيون الكبريتية وعيون القير التي يعتقد انها استخدمت اثناء بناء مدينة بابل التاريخية.
*اختلافها عن نواعير حلب
وتختلف نواعير اعالي الفرات عن نواعير حلب السورية كون الاولى مصنوعة من الخشب المقاوم للمياه (اشجار التوت) وتصدر اصواتا حزينة عند اشتغالها بحيث يحس المستمع اليها وكأنها تنبض بالحياة اما الثانية (نواعير حلب) فتصنع من الاهين الذي لايصدر اية اصوات لتبقى مجرد مظاهر جمالية فقط تفتقر الى حياة النواعير.
وفي منطقة أعالي الفرات هناك الكثير من المختصين في صناعة الناعور، حيث اكد لنا احدهم وهو رجل جاوز الثمانين من عمره، ان صناعته بسيطة وتتكون من الدالية وهي من الاسمنت المقاوم والحديد مثبتة في النهر بالقرب من الشاطىء واغلب هذه الدوالي والتي تحمل اكثر من ناعور واحد احيانا موجودة منذ العصور التاريخية القيمة وتقاوم المياه باستمرار. وتنصب عليها عجلة دائرية من الخشب المقاوم للمياه ايضا لتقوم بسحبها من النهر وتقذفها الى اعلى لتنساب في سواقي ارواء المزروعات .. وتتكون عجلة الناعور من (24) وترا ترتبط بمركز الدائرة وهي على عدد ساعات اليوم حيث يعتقد ان اكثر من فلاح يشترك في بناء وصناعة الناعور قديما وتكون ساعات السقي لكل مزارع على عدد الاوتار التي تمثل قيمة المشاركة في انشائه.. ويمكن نصب اكثر من ناعور على دالية واحدة تكون مصممة اساسا لاستيعاب ذلك العدد وقد تصل الى اكثر من ستة نواعير على دالية واحدة، ويعتمد عمل النواعير على قوة المياه والرياح التي تحركها ايضا..