كيف تحافظ على مسحة الغموض فى منزلك
واشنطن ـ رولا عيسى
كان لوسيا وجيمس كيس يعيشان في حي باكهيد الفاخر بأتلانتا، يستمتعان بمشاهدة أطفالهما وهم يخرجون من منزلهم المربع الشكل عندما قررا أنهم في حاجة إلى منزل أكثر تناسباً مع شخصياتهم.وقال جيمس الذي يعمل مهندساً معمارياً ، متحدثاً عن منزله " لم نكن أبدا مرتاحين هناك "، لكن المنزل الذي وجدوه
في ضاحية قريبة من ديكاتور كان مختلفاً تماما فخطوط تصميمه المعمارية تتسم بالتعرج ويتمتع بواجهة من الحجر وسقف منخفض ومنحدر، ويشبه إلى حد كبير بيوت الأقزام، فالمنزل تم بناءه عام 1929، وتم إضافة بعض الأقسام له في فترة الخمسينات ، وظل شاغرا لعامين.
ويرتبط المنزل بلغز أثار فضول السيد كيس ، البالغ من العمر 61 عاما، إلى أقصى درجة، فالأدلة جميعها، بما في ذلك ما قاله المالك السابق للمنزل الذي عاش فيه لأكثر من 50 عاما، تشير إلى احتمالية أن يكون المهندس المعماري الشهير إرنست فلاغ هو من قام بتصميمه ولكن ليس هناك أي أوراق أو سجلات يمكنها إثبات أي صلة لهذا المصمم العالمي بالمنزل، أو بأي منزل آخر في جورجيا.
والمهندس فلاغ الذي درس الفنون الجميلة وعاش من 1857 وحتى 1947 ، هو من صمم مبنى الغناء في نيويورك ومعرض كوركوران في واشنطن، وذلك ضمن عدد آخر من الأبنية الشهيرة، وذلك قبل أن يكّرس حياته المهنية لتصميم المنازل الصغيرة.
وكان رائداً في مجال التصميم، وكان يرى أن الأقبية ما هي إلا ثقوب من الجحيم تفتح المجال للرطوبة لتحتل المنزل، كما كان يعتبر السندرة مخزن غير مرغوب فيه، فكان الأسقف التي تتخذ شكل مثلثي في تصميماته تتسم بالنوافذ الناتئة وذلك للسماح بالهواء البارد للدخول، أما التصميم الداخلي فعادة يخلو من أي تجاويف يمكن أن تهدر مواد البناء.
هذه الأفكار موجودة في تصميم منزل "الأقزام" بالإضافة إلى عدد آخر من التفاصيل التي تضاهي أفكار وتصميمات السيد فلاغ، وتقودنا إلى الاستنتاج بأنه هو من صمم هذا المنزل.
ومن غيره يمكنه أن يقوم بالبناء على قطعة أرض تبلغ 3 أقدام و 9 بوصات بحيث يرتفع السقف بمسافة تساوى ضعف هذه المساحة (7 ½ أقدام) وذلك في أدنى نقطة له، من غيره يمكنه بناء جدران خارجية من الحجر والخرسانة يبلغ سمكها 16 بوصة، مع جدران داخلية لا تتجاوز البوصتين ، واثنين من بوصة سميكة .
ودفع الزوجين لوسيا وجيمس 550 ألف دولار ثمناً لهذا المنزل عام 2008، وبمساعدة بيتر بلوك، وهو مهندس المعماري من أتلانتا، وفريق من البنائين والحرفيين، أمضوا السنوات الثلاث التالية في محاولة حل إشكال أخر هو كيفية استعادته التصميم الأصلي والحفاظ عليه دون التعدي على أذواقهم الخاصة وسبل راحتهم .
وعلى الرغم مما يتميز به تصميم المنزل من ابتكار، إلا أنه ليس مناسباً أبداً للمناخ السائد في جورجيا، فلم يتم فيه أبداً تركيب أي مكيفات هوائية، وفي فصل الشتاء، هناك فقط المدفأة الأرضية التي تبث الهواء الساخن من خلال قناة واحدة عملاقة، لذلك يقول السيد كيس أن جزءاً كبيراً من تكلفة تحديث المنزل التي بلغت 850 ألف دولار ذهبت لتركيب أنظمة تبريد وتدفئة جديدة.
وأضاف أن تركيبهم كان من الصعوبة مكان وذلك نظراً لعدم وجود مساحات مجوفة لمجاري الهواء، الأمر الذي تطلب حفراً للخنادق داخل الجدران الخرسانية.
وأوضح أنه قد تم عمل جزء من الزجاج والصلب بمساحة 10 أقدام وإضافته للفناء الخالي للمنزل وذلك بغرض توسعته، وهم يستخدمون هذا الجزء الآن كغرفة للمعيشة، حيث تتيح لهم رؤية أوسع و أكبر لممتلكاتهم التي تتسع لمساحة 6 أفدنة.
ولقد حولوا غرفة المعيشة الأصلية دخل المنزل، والتي تتسم بوجود مدفأة كبيرة من النحاس، إلى غرفة للطعام حتى يتمكنوا من استضافة عدد كبير من الضيوف، أما غرفة الطعام الأصلية فهي الآن مطبخ مفتوح.
في كل مكان في المنزل هناك تركيز على النسبية والحرفية، فالجدران والأسقف عريضة، أما خزائن المطبخ فمصنوعة من أشجار الصنوبر والتي تشتهر بها جورجيا، أما مقابض الأبواب والأدراج وكلك سور الدرج مصنوعة يدوياً من الصلب المطاوع.
والمحصلة النهائية أن التشطيبات والتفاصيل هي جوهر ديكور المنزل الذي يتكامل بمجموعة الأثاث التي تم جمعها على مر السنين والتي تتسم بالبساطة الشديدة.
واحدة من مصممي الديكور الداخلي العديدين الذين استعانوا بها الزوجين طلباً للمشورة نصحتهم برمي هذا الأثاث والبدء من جديد.وقالت "لديكم كنز وعليكم أن تكونوا حذرين بشأن كل ما تضعونه بداخله ، وأنا أعتقد أن ما يناسبكم هو النموذج الذي يمزج الحداثة بالرهبانية".ولكن الزوجين كيس اتخذا قرارهما بالفعل وقررا الإبقاء على المفروشات والأثاث كما هو على حالته. وعلق السيد كيس على ذلك قائلاً " نحن لسنا ورعين كما يجب أن نكون".