برلين ـ العرب اليوم
اتخذَّ أصحاب الحانات الرائجة، والشقق العصرية في برلين وميونيخ وهامبورغ من من رؤوس الخنازير البرية وقرون الأيائل المحنطة ديكورًا يفتخرون به لجدرانها، حتى أصبح مصممو الأثاث الفاخر يعرضون نسخًا منها مذهبة أو مرصعة بالستراس، فهذه القطع التي كانت تعتبر قديمة الطراز، وتنم عن ذوق رديء ورجعي، أصبحت اليوم من إكسسوارات الزينة الرائجة بعيدًا عن الطابع البافاري الذي كان ملصقا بها، على غرار لحية الحطاب التي باتت رمزًا للأناقة الذكورية.
و كرست صحيفة "فرنكفورتر الغمانيه تسايتونغ" الواسعة الانتشار، صفحة كاملة لها قبل فترة قصيرة مؤكدة ان هذه القطع "افلتت منذ فترة طويلة من قاعة الصيد التابعة لجدنا".
وكتبت صاحبة المقال غنيفير فيكبينغ المتخصصة في الموضة والميول الراهنة في الصحيفة "كانت تلك الغنائم معقلا للغبار وجزءا من حيوان نافق لا تعرفون ماذا تفعلون به في حال ورثتموه" معددة المراحل المختلفة التي ادت إلى تبدل في وضع هذه القطع مع استعادتها تدريجا موقعا على جدران المقاهي والمطاعم لتغزو بعد ذلك قاعات الجلوس.
وتضيف "إنه اكسسوار رائع ليثبت المرء حسه الفكاهي والساخر".
ويبتكر مصممون متخصصون رؤوس الايائل والثيران المحنطة ويبيعونها لتزين منازل ومطاعم او حتى مقار مؤسسات.
فعلى أحد المواقع الالكترونية يمكن لهواة هذه القطع ايجاد كل ما يرغبون به من البط البري إلى السنجاب مرورا بالايائل فضلا عن أرنب غريب بقرنين، وثمة موديلات متوافرة بالوان مختلفة من الأحمر القرمزي إلى الابيض اللامع.
وتشكل غنائم الصيد هذه بالنسبة للألمان انفسهم رمزا للهوية الوطنية على ما يقول كلاوس سينبهار استاذ الدراسات الاجتماعية في جامعة برلين الحرة.
ويوضح لوكالة فرانس برس "إنها رمز الغابات الجرمانية والحياة الريفية والطبيعة والبرجوازية الصغيرة ايضا. انها تجسيد لهذا الجانب المحافظ لدى الالمان".
وهو يعتبر ان هذه الغنائم تذكر بشعار مشروب "ياغرمايستر" الرائج في صفوف المسنين لكنه سجل تحولا قبل سنوات ليصبح مطلوبا جدا في سهرات الموسيقى الالكترونية.
في حي نويكولن الرائج في برلين يبرز مقهى "روديامري" بفخر غنيمة الصيد قبالة المدخل. وتقول صاحبة المقهى اينيس يامبور "عندما كنت طفلة كانت مرادفا للطابع المحافظ وكل ما يترتب على ذلك اجتماعيا".
وتوضح "حان الوقت لإعادة استخدام هذه الغنائم كقطع ديكور لكن في اطار مختلف مع جانب فكاهي فعندما نخرجها من اطارها الاصلي لنضعها في ديكور مختلف تماما يمكن ان نقيم علاقة مختلفة تماما معها".
على مسافة قريبة ارادت كاثرين لاند صاحبة مطعم "مايور" إضفاء طابع مختلف يذكر بديكور ناد انكليزي فاختارت قاعدتين لتضع عليهما قرون ايائل تتماشى مع الرسم الباروكي على الجدران.
وتوضح "أفكر بأمي وجيل الستينات فهي كانت لتقول +يا الهي! لقد تمردنا على هذا الامر بالتحديد على هذه الاجواء الضاغطة في الخمسينات+ أظن ان الشباب اليوم يجدون في ذلك شيئا قديما ويعتبرون الامر ممتعا".
وتقول كاثرين لاند واينيس يامور إن "الامر يعتبر ايضا وسيلة للتواصل مع الاجيال الاكبر في نويكولن مع ان عدد هؤلاء في تراجع متواصل بسبب الزيادة المستمرة في الايجارات التي بلغت 40 % في السنوات الثلاث الاخيرة".