دمشق - جورج الشامي لم تنجح الجمعة، المفاوضات بين الأمم المتحدة وعناصر مسلحة لتسليم 21 مراقبًا  فيليبينيًا محتجزين لدى المجموعة المسلحة، نتيجة قصف عنيف قام به الجيش السوري لمحيط هذه المنطقة أجبر الموكب على الانسحاب من دون إنجاز مهمته، مما تسبب في تأجيل التسليم إلى السبت، فيما أعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن الأسف للمأزق الجاري في الأزمة السورية، ولعدم قيام الروس بـ"إقناع" الرئيس بشار الأسد بـ"التنحي جانبًا" لإفساح المجال أمام "انتقال سياسي". في حين تناول وزراء العدل والداخلية الأوروبيون قضية اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي الأوروبية، واتفقوا على عدم ترحيل أي من اللاجئين الموجودين على تراب الاتحاد، في غضون ذلك نشب حريق في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، من دون وقع ضحايا، فيما أكدت تركيا أن مقاتلي المعارضة يعانون من تفوق قوات الأسد بسبب ضعف تسليحهم، فيما ذكرت صحيفة أن العاصمة الكرواتية كانت "نقطة عبور" لنقل الأسلحة والذخائر المرسلة إلى مسلحي المعارضة السورية في إطار عملية نظمتها الولايات المتحدة.
وقد حاول موكب سيارات تابع للأمم المتحدة الجمعة، الدخول إلى قرية جملة السورية في هضبة الجولان لتسلم 21 مراقبًا فيليبينيًا محتجزين لدى مجموعة سورية مسلحة معارضة، إلا أن قصفًا عنيفًا قام به الجيش السوري لمحيط هذه المنطقة، أجبر الموكب على الانسحاب من دون إنجاز مهمته. وفي نيويورك قال مدير عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، هيرفيه لادسوس إنه "يأمل في أن تلتزم القوات السورية بـ"وقف لإطلاق النار لبضع ساعات" لإفساح المجال لتسلم المراقبين من خاطفيهم"، موضحًا أن "قرية جملة حيث هم "تعرضت لقصف عنيف من قبل القوات السورية".
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن نقلا عن متحدث باسم المجموعة الخاطفة "عندما دخلت سيارات الأمم المتحدة بلدة جملة، قصف الجيش السوري قرية مجاورة فانسحبت عندها سيارات الأمم المتحدة من هذه البلدة".
وطالب "لواء شهداء اليرموك" الذي يحتجز المراقبين في البداية بـ "انسحاب الجيش السوري من منطقة جملة على الجانب السوري من خط وقف إطلاق النار، قبل أن يطالب بأن يوقف الجيش السوري القصف لإتاحة إطلاق سراحهم".
من جهته، نفى السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري أن "يكون الجيش السوري أطلق النار في هذا القطاع". وقال "إن القوات السورية تبذل كل ما هو ممكن، لإعادة المراقبين سالمين وإخراج المجموعات المسلحة الإرهابية" في إشارة إلى المجموعات المعارضة السورية المسلحة".
وقالت متحدثة باسم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، الجمعة إن "المنظمة الدولية أعدت ترتيبات للإفراج عن 21 من جنود حفظ السلام، كانت المعارضة السورية قد احتجزتهم في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلا أنها اضطرت إلى تأجيل التسليم، بسبب ما ارتأت أنها ظروف غير آمنة". وأضافت المتحدثة "اتخذت ترتيبات مع جميع الأطراف للإفراج عن 21 من أفراد حفظ السلام." وأوضحت أن "قوة مراقبة فض الاشتباك أوفدت فريقًا إلى الموقع، لكن نظرًا لتأخر الوقت وحلول الظلام، اعتبر أن الظروف غير مواتية لمواصلة العملية. ستتواصل الجهود السبت".
وإنسانيًا، أنشأت منظمة أطباء بلا حدود مستشفى في إحدى قرى شمال سورية، خلال خمسة أيام، وأحاطته بسرية تامة، وذلك خشية قصف قوات النظام السوري المنفذ الطبي الحالي للمصابين والمتضررين، وذلك بعد أن حالت بينهم وبين المستشفيات العامة، بسبب موجة العنف والتهديد التي شنت على الأطباء السوريين. وعلى الرغم من الحصار والقصف اليومي الذي تشهده الأراضي السورية، وتزايد أعداد الجرحى والقتلى، لكن الخدمات الطبية التي تقدمها منظمة أطباء بلا حدود لم تتوقف. فقد عملت المنظمة سرًا لمدة ستة أيام لتنشئ مستشفى "ألفا" داخل أحد المنازل الريفية شمال سورية، لتقديم الخدمات للجرحى والمصابين نتيجة الصراع المستمر بين الجيش الحر وقوات النظام. لكن الجرحى مضطرون لقطع أكثر من 50 كيلومترًا في بعض الأحيان للوصول إلى مستشفى "ألفا". وتحول عمليات التهديد والتعذيب التي تمارس في حق أطباء سوريين من دون توجه المصابين إلى المستشفيات العامة، ما يجبرهم للجوء إلى مستشفيات ميدانية بدائية لتلقي العلاج.
وعلى الرغم من أن نظام دمشق يمنع عمل منظمة أطباء بلا حدود في المدن التي تسيطر عليها قوات النظام, لكن هذه المنظمة تؤكد أنها "أجرت أكثر من 1500 عملية جراحية في إدلب وحلب كلفت أكثر من عشرين مليون دولار".
وشدد المدير العام لمنظمة أطباء بلا حدود، فيليب ريبيرو، في حديث خاص لقناة "العربية"، على أن "أكبر العقبات التي تواجههم في سورية، هي عدم سماح دمشق لمنظمات مماثلة بالعمل على أراضيها"، وأشار إلى أن "منظمته شرعت في إقامة مستشفيات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة".
وعلى الصعيد السياسي، أعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة، عن "الأسف للمأزق الحالي في الأزمة السورية، ولعدم قيام الروس بـ"إقناع" الرئيس بشار الأسد بـ"التنحي جانبا" لإفساح المجال أمام "انتقال سياسي".
وقال الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز "سأسعى إلى إقناع المعارضة السورية بإمكان التحاور مع آخرين غير بشار الأسد، لكن ينبغي أيضًا أن يتمكن الروس من إقناع بشار الأسد بالتنحي جانبًا".
وأضاف "لم نصل إلى ذلك حتى الآن"، موضحًا أن "فرنسا أجرت أخيرًا مشاورات مع "شركاء" مختلفين من بينهم الولايات المتحدة "حتى يمكن دفع فكرة الوساطة هذه، التي تأتي من سورية نفسها، قدمًا". وذكر هولاند بأنه "عرض خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو "إمكان اختيار شخصية أو أكثر لتولي المباحثات، التي يمكن أن تتيح انتقالًا سياسيًا، تكون مقبولة من النظام ومن المعارضة". وقال "ندرك جيدًا أن ذلك لا يمكن أن يحدث من خلال بشار الأسد".
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إنه "مقتنع بأن الرئيس السوري بشار الأسد، لن يترك السلطة مكررًا عدم وجود أي نية "مطلقًا" لدى موسكو لأن تطلب منه ذلك في حديث بثته الـ "بي.بي.سي" الجمعة".
وعلى صعيد اللاجئين، تناول وزراء العدل والداخلية الأوروبيون على جدول أعمال اجتماعهم في بروكسل قضية اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي الأوروبية، واتفق المجتمعون على عدم ترحيل أي من اللاجئين المتواجدين على تراب الاتحاد والاستعداد لاستقبال موجات جديدة منهم في حال استمرار النزاع في سورية. ويستضيف الاتحاد الأوروبي حوالي 30 ألف لاجئ سوري، وهو عدد بسيط، مقارنة بإجمالي أعداد اللاجئين في دول الجوار السوري، إلا أن دول الاتحاد تبقى أكبر مانح للفائدة والامتيازات للاجئين على أراضيها ومن بينهم السوريون.
فيما قالت عضو المفوضية الأوروبية، سيسليا مالستروم، "لدينا تقارير حول أماكن وجودهم، بعضهم يمتلكون هويات رسمية، وآخرون لا يمتلكونها، ومع ذلك يُسمحُ لهم بالإقامة على تراب الاتحاد وفق القوانين الخاصة بكل بلد".
كما بحث الوزراء مع مكتب الدعم الأوروبي للاجئين في مالطا والمفوضية السامية للاجئين التحضير لتوافد أفواج جديدة من اللاجئين السوريين إذا استمر النزاع واتسع، إلى جانب مناقشة التداعيات الأمنية الناجمة عن أزمة اللاجئين والمخاطر الأمنية التي يمثلها ذلك.
فيما قال وزير الداخلية الأيرلندي آلان شاتير "تركزت مباحثاتنا حول التداعيات الأمنية الناجمة عن أزمة اللاجئين الوافدين من سورية، ومن الدول الأخرى، ونبحث التداعيات الأمنية التي تطال الاتحاد الأوروبي جراء ما يجري في سورية ومالي".
إلى ذلك، بحثت بعض الدول الأوروبية في سبل جمع شمل اللاجئين السوريين بعائلاتهم عن طريق تسهيل التحاقهم بمن سبقهم في اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي ضمن لفتة إنسانية للتخفيف من معاناة السوريين.
في غضون ذلك، نشب حريق في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، ما أدى إلى احتراق عدد من الخيام. وأفاد شهود عيان أن "كوادر الدفاع المدني تدخلت وسيطرت على الحريق". ولم ترد تقارير أو معلومات عن إصابات حتى اللحظة أو عن أسباب الحريق.
وعلى الصعيد العسكري، أكدت تركيا الجمعة أن "مقاتلي المعارضة يعانون من تفوق القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، بسبب ضعف تسليحهم، لكنها لم تصل إلى حد دعوة الاتحاد الأوروبي إلى رفع حظر السلاح الذي يفرضه على سورية".
وفي واحد من أقوى تعليقاته في هذا الشأن، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إنه "ناقش مع بريطانيا وألمانيا مسألة الحظر الشامل على تصدير السلاح إلى سورية".
وأكد داود أوغلو للصحافيين أثناء زيارة إلى بريطانيا أنه "يعتقد أن الضغط سيؤدي إلى سقوط الأسد"، وقال "لو كان هناك دعم دولي، أو موقف موحد ضد جرائم حرب بعينها، فأعتقد أنه ما كانت ستبقى هناك حاجة لتسليح المعارضة".
لكن الوزير التركي أوضح أنه "ناقش الحظر مع نظيريه البريطاني وليام هيج والألماني جيدو فسترفيله اللذين دافعا علنًا عن الحظر". وعندما سئل عما إذا كان يفضل رفع الحظر قال داود أوغلو "إذا كان هناك جانب واحد يملك السلاح، فسيكون لديه في نهاية الأمر كل الفرص لقتل الجانب الآخر". وشبه داود أوغلو ما يجري في سورية بالحرب البوسنية التي دارت بين 1992 و1995، وقال إن "على العالم ألا يكرر الخطأ الذي ارتكبه حينذاك". وأضاف "في البوسنة كانوا يبحثون عن السلاح من أي شخص، ليدافعوا عن بيوتهم، والآن يحدث الشيء نفسه في سورية، لقد أعطينا الضوء الأخضر لثلاث سنوات لميلوسفيتش وملاديتش وكرادزيتش لمواصلة قتل الناس".
ويمنع حظر يفرضه الاتحاد الأوروبي، إمداد المعارضة السورية بالسلاح، لكن العقوبات عدلت في الأسابيع الأخيرة بما يسمح بإمدادهم بالمعدات غير القاتلة، مما دعا بريطانيا إلى توسيع حجم ومجال مساعداتها للمعارضة السورية.
في السياق ذاته، ذكرت صحيفة كرواتية نافذة الجمعة أن "العاصمة الكرواتية كانت بين تشرين الثاني/نوفمبر وشباط/فبراير "نقطة عبور" لنقل الأسلحة والذخائر المرسلة إلى مسلحي المعارضة السورية في إطار عملية نظمتها الولايات المتحدة". وذكرت صحيفة "يوتارني ليست" أن 75 طائرة نقل مدنية تركية وأردنية، أقلعت خلال هذه الفترة من مطار زغرب". وأضافت أن "حجم الأسلحة والذخائر التي نقلت في هذه الرحلات الخمس والسبعين يقدر بحوالي ثلاثة آلاف طن".