الشيخ عبدالمجيد الزنداني
صنعاء - علي ربيع
بدأت وتيرة الجدل في الشارع اليمني بشأن النصوص الخاصة بالدين الإسلامي والتي يجب تضمينها في الدستور الجديد تأخذ منعطفاً خطيراً بعد دخول عدد من رجال الدين المعروفين على خط النقاشات الدائرة في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في صنعاء منذ آذار/مارس الماضي لوضع حلول جذرية لمشكلات
البلاد المعقدة.
ويأتي هذا بعد قيام بعض رجال الدين بإصدار بيانات" تتهم أعضاء الحوار بـ"الشرك بالله" والشرعنة لما وصفته البيانات بـ"عبادة الطاغوت"، وسط مخاوف من اعتبار ذلك مقدمة لـ"فتاوى تكفيرية" تحض على العنف وتبيح قتل المخالفين.
وفي هذا السياق دانت رئاسة مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، الأحد، ما اعتبرته فتاوى تكفيرية تحرض على أعضاء الحوار في الفريق المعني ببحث ملف بناء الدولة وهويتها، كما علق أعضاء الفريق نفسه أعمالهم ليوم واحد، قبل أن يشرعوا الأحد في تبني مادة في الدستور القادم تجرم"الفتاوى التكفيرية".
وكانت الأيام الأخيرة شهدت خلافات بين أعضاء فريق بناء الدولة بشأن النص في الدستور هل يكون على أن "الإسلام مصدر جميع التشريعات"، أم على أنه "المصدر الرئيسي للتشريع"، وكذلك بشأن هل يكون الإسلام" دين الشعب اليمني"، أم أنه "دين الدولة". ما جعل أعضاء الفريق يلجأون للتصويت الذي كسبته الصيغتان الأخيرتان من المادتين المقترحتين بنسبة تزيد عن 80 بالمائة.
وتنص شروط الحوار على ضرورة حصول أي مادة على أكثر من 90 بالمائة من الأصوات، ما جعل أعضاء الفريق يحيلون هاتين المادتين للجنة التوفيق في مؤتمر الحوار للبت فيهما.
وفي هذه الأثناء عاد مجدداً رجل الدين اليمني المثير للجدل الشيخ عبدالمجيد الزنداني، محذراً في تسجيل مصور، الأحد، مما اعتبره مؤامرة تحاك على الإسلام في مؤتمر الحوار الوطني، مهدداً بعدم السماح بتمريرها.
وقال الزنداني في رسالته" إن مؤتمر الحوار يسعى إلى إقرار "الشرك بالله" والشرعنة لما صفه بـ"عبادة الطاغوت"، مستشهداً بما يجري في مصر من مؤامرة على الشريعة الإسلامية، بحسب زعمه.
كما نشر نجله الأكبر محمد عبد المجيد على صفحته في "فيسبوك" قائمة بأسماء أعضاء الحوار الذين قال إنهم يرفضون الشريعة الإسلامية، وهو ما رأى فيه أعضاء الحوار تحريضاً صريحاً على قتلهم واستباحة دمهم.
ويعد الزنداني قيادياً بارزاً في حزب التجمع اليمني للإصلاح(الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن)، وسبق له القتال في أفغانستان مع مؤسس تنظيم"القاعدة" العالمي وزعيمه السابق أسامة بن لادن، كما تتهمه واشنطن بدعم الإرهاب، وتضعه الأمم المتحدة على لائحة المتهمين بدعم وتمويل الجماعات "الإرهابية".
ويرأس الزنداني جامعة محلية للتعليم الديني، ويدعي أنه يمتلك وصفات لعلاج الأمراض المستعصية(الإيدز والسكر والسرطان). وكان حليفاً قوياً للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح قبل أن ينقلب عليه مع بداية موجة الاحتجاجات في 2011 والتي كانت أجبرت صالح على توقيع تسوية سياسية كانت اقترحتها دول الخليج تقضي بتركه السلطة وانتخاب نائبه عبدربه منصور هادي في شباط/فبراير2012 رئيساً توافقيا لمدة عامين.
ودانت هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اجتماعها الأحد، ما وصفته بـ"الهجمات التحريضية" ضد أعضاء مؤتمر الحوار من فريق بناء الدولة وقالت إنها "تزييف للوقائع وتصوير للنقاشات التي حدثت في الفريق وكأنها بين من هو مع الدين وبين من هو ضده وهذا تصوير خاطئ لحقيقة النقاشات ومحاكمة للنوايا".
وأكدت رئاسة الحوار اليمني في بيان حصل "العرب اليوم" على نسخة منه" أن الإسلام والهوية العربية والإسلامية للدولة والمجتمع ليستا قضية خلافية مطروحة للنقاش وأن مثل هذه البيانات(بيان الزنداني) ما هي إلا محاولة لجر مؤتمر الحوار الوطني إلى معارك جانبية خارج إطار مهمته الرئيسية".
كما طالبت بإحالة المسؤولين عن هذه" البيانات التحريضية" على المحاكمة، مناشدة وسائل الإعلام ومن وصفتهم بـ"أصحاب الأقلام الحرة" للقيام بدورهم في "تعزيز الجهود التي يقوم بها المؤتمر للخروج باليمن من الحالة الراهنة".
وكان فريق"بناء الدولة" في مؤتمر الحوار علق أعماله ليوم واحد، احتجاجاً على بيان الزنداني، كما هددت رئاسة الفريق بالاستقالة، قبل أن يعود أعضاؤه للاجتماع، الأحد، لتبني مادة دستورية تجرم "الفتاوى التكفيرية"، حيث صوت 97بالمائة منهم لصالح هذه المادة مقابل رفض عضو واحد وامتناع أربعة آخرين عن التصويت.
وكان مؤتمر الحوار الوطني الدائر في اليمن منذ آذار/مارس الماضي بمشاركة 565 عضواً يمثلون مختلف القوى السياسية، وفي سياق تنفيذ اليمن لمتطلبات العملية الانتقالية بموجب بنود "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية" حسم في جولته الأولى التي انتهت مطلع تموز/حزيران الجاري نحو 80بالمائة من القضايا المطروحة على طاولته، مؤجلاً حسم الملفات الشائكة إلى جولته الختامية التي تنتهي في 18 أيلول/سبتمبر القادم.
ومن المقرر أن تبدأ عملية صياغة الدستور الجديد بمجرد الانتهاء من الحوار الوطني قبل طرحه للاستفتاء الشعبي بحلول نهاية العام، تمهيداً لانتخابات شباط/فبراير 2014 التي ينقضي بها العامان الانتقاليان تحت قيادة الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي.