احتفالات أنصار حسن روحاني بفوزه بانتخابات الرئاسة الإيراني
طهران ـ مهدي موسوي
استقبلت الأوساط الغربية فوز حسن روحاني بانتخابات الرئاسة الإيرانية بقدر من التفاؤل الحذر، فقد ساهم فوزه في دعم الآمال نحو قيادة إيران نحو علاقات أفضل مع الغرب، إلا أن هذه التفاؤل قد شابه بعض الحذر نظرًا إلى أن أي تغيير جديد في السياسات الإيرانية لا بد وأن يحظى بموافقة المرشد الأعلى للثورة الإسلامي المتشدد
وصاحب النفوذ الأقوى في البلاد آية الله علي خامنئي.
وبعثت الولايات المتحدة برسالة تهئنة إلى روحاني خاطبته فيها بلقب "السيد"، وتعهدت فيها بالعمل مع إيران مباشرة "من أجل إيجاد حل دبلوماسي يعالج مخاوف المجتمع الدولي كافة بشأن البرنامج النووي الإيراني"، كما طالبته بريطانيا بوضع إيران "على مسار مختلف من أجل المستقبل".
وبعثت الدول العربية برسائل تهنئة رسمية، ولكن عددًا من المعلقين أكدوا الانقسامات الحادة بسبب دعم طهران لنظام بشار الأسد في سورية، والتي انعكست بوضوح في صورة دعم السعودية لقوات المقاومة التي تسعى إلى الإطاحة بالأسد.
ودعا الائتلاف السوري الوطني المعارض روحاني إلى "الاعتراف بإرادة الشعب السوري وهو يواجه عدوانًا أجنبيًا وحكمًا استبداديًا".
وترعى إيران "حزب الله" اللبناني الشيعي، الذي يشارك النظام السوري في القتال علنًا ضد المقاومة السورية، على مدى الأسابيع الأخيرة، على عكس أفراد الأمن الإيراني الأكثر تحفظًا وحرصًا داخل سورية.
أما إسرائيل الذي بات احتكارها النووي في الشرق الأوسط مهددًا بإصرار الحكومة الإيرانية على تطوير برنامجها النووي السلمي، فقد اتسم تعليقها بالتعجرف والرفض عندما قالت على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو "إنه لا ينبغي على المجتمع الدولي أن يجري وراء وهم الأمنيات ويخفف الضغط على إيران من أجل منعها من الاستمرار في برنامجها النووي".
وأما روحاني نفسه فقد قال في أول تصريحاته العلنية بعد فوزه بالرئاسة "أنه ينبغي على الأمم المناصرة للديمقراطية والحوار المفتوح أن تتحدث مع الشعب الإيراني باحترام، وأن تعترف بحقوق الجمهورية الإسلامية".
وتقول صحيفة "غارديان": "إن توقعات المجتمع الدولي بتغيير مهم في السياسات الإيرانية على المستوى الدولي بعد نتائج الانتخابات الإيرانية لا تبدو كبيرة بصفة عامة، وذلك في ظل وجود مقاليد السلطة والنفوذ في يد خامنئي، كما أن الرئيس الإيراني المنتخب لا يملك حرية التصرف في إجراء تغيير رئيسي في المسار الأمني والدفاعي وغيره من القضايا الخارجية".
ومع ذلك، فإن روحاني لديه آراؤه الخاصة، ويبدو ميالاً للاستجابة إلى الإشارات الإيجابية، وبالتحديد من الولايات المتحدة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إيران خلال الفترة التي كان يتولى فيها روحاني ملف المفاوضات مع حكومات الاتحاد الأوروبي خلال الفترة من 2003 وحتى 2005 ، وافقت على تعليق نشاط عناصر في برنامجها النووي، ولا بد من الإشارة كذلك إلى أن إيران عجلت من أنشطة تخصيب اليورانيوم فقط عندما تولى محمود أحمدي نجاد رئاسة إيران.
وخلال حملته الانتخابية ربط روحاني حالة الاقتصاد الإيراني بالبرنامج النووي، كما هاجم في ذلك الوقت المرشح المفضل لخامنئي سعيد جليلي بسبب فشلة وعجزه عن معالجة الموقف، قائلاً "إن رفع شعار المقاومة لم يحقق قدرًا كبيرًا من الإنجازات".
وألمح روحاني خلال إحدى المقابلات إلى أن الأميركان كانوا أصحاب المبادرة من أجل إجراء محادثات، ولكن خامنئي اعترض، وذلك على عكس الروايات الرسمية في أوساط الحكومة الإيرانية.
ويرى أحد المحللين القدامى في إيران أن إيران قد تخوض عملية تغيير متدرجة طويلة الأمد وليس تغييرًا إصلاحيًا عاجلاً، كما أن وجود روحاني، 60 عامًا، في مجلس الأمن القومي يجعله في وضع يمكنه من تفهم عملية التشكيل والتغيير السياسي، والتعامل معها ومع الأفراد والمؤسسات المعنية بذلك.
وينظر بعض المراقبين إلى انتخاب روحاني نظرة متفائلة باعتباره الرجل المناسب للقيام بمبادرة تسمح لإيران بالتحرر من حالتها الاقتصادية بسبب معركتها بشأن القضية النووية.
وتقول سوزان مالوني من مركز "سابان" لسياسات الشرق الأوسط "إن روحاني الذي سبق وأن كان مشاركًا في عملية التنازلات النووية الإيرانية السابقة يمكن أن يكون أيضًا بمثابة الضحية في صفقة يرغب المرشد الأعلى في التنصل منها".
ويدور السؤال المهم بشأن مدى اتساع مجال المناورة التي يسمح له به خامنئي والحرس الثوري والمخابرات الإيرانية، إذ إن حكومته سوف تكون حريصة على تهدئة مخاوف معسكر المحافظين، والتأكيد على أنه لا يخطط للانقلاب عليهم.
بينما يقول علي أنصاري من جامعة سانت أندراوس "إن المرشد الأعلى يسلم بأن الأمور ليست على ما يرام، وأن التغيير مطلوب، ولكن لا أحد يعرف مدى إدراكه أن البلاد تواجه أزمة حقيقية، فالمشكلة الحقيقية تكمن في أن التوقعات كافة تعتمد في الأساس على اعتراض مرشد أعلى لم يسمع جيدًا الرسالة، أو يفهم جيدًا ما يريده الشعب، فلو اعتقد خامنئي أن روحاني في إمكانه تقديم تغييرات تجميلية ترضي الغرب وترفع العقوبات فإن ذلك من شأنه أن يخيب آمال خامنئي، ولكنه سيخيب آمال الشعب الإيراني الذي يريد أن يرى تغييرات حقيقية وليست تجميلية. إن على روحاني أن يقوم بتغييرات حقيقية وإلا فإنه لن يحقق إنجازًا".