العاهل الأردني خلال الحوار
عمان ـ أسامة الرنتيسي
استبعد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، سقوط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد قريبًا، قائلاً إن نظام دمشق، الذي يواجه معارضة شديدة ومعارك طاحنة ضد "الجيش الحر"، منذ ما يقرب من عامين، قد يمكنه البقاء لعدة شهور أخرى. وقال جلالته، خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات الإجتماع السنوي
الـ43 لـ"منتدى دافوس" الاقتصادي العالمي في سويسرا، أدارها الإعلامي في شبكة CNN فريد زكريا، وتبثها الشبكة، الأحد، إن "أي شخص يقول إن نظام بشار لديه أسابيع قليلة فقط للرحيل لا يعرف حقيقة الوضع على الأرض".
وأضاف العاهل الأردني: "إنهم (أي نظام الأسد) مازال لديهم القدرة... لذلك (أتوقع) أنهم قد يواصلون معركة البقاء بقوة، على الأقل، خلال النصف الأول من العام 2013"، واصفًا أية محاولة لتقسيم سورية إلى دويلات صغيرة، بمثابة "الكارثة" على المنطقة.
ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم مزيد من الدعم والمساعدة لأكثر من 300 ألف لاجئ سوري فروا من المعارك في سورية إلى الأراضي الأردنية، مؤكدًا أنهم يعانون ظروفًا بالغة الصعوبة، بسبب الشتاء القارس، كما دعا إلى "خطة انتقالية حقيقية وشاملة"، تضمن وحدة سورية شعبًا وأرضًا.
وتاليا مقتطفات رئيسة من المقابلة بحسب بيان وصل نسخة منه لـ"العرب اليوم" من الديوان الملكي الأردني :
فريد زكريا: جلالة الملك، عندما ننظر إلى الربيع العربي، هل يصح أن نستنتج في ضوء هذه المرحلة التي وصلنا إليها، بأن القمع لم يجد نفعًا، في حين أن العطايا نجحت. وما أقصده بذلك هو أن الدول التي لجأت إلى القمع، إما سقطت أنظمتها أو أنها تترنح كما هو الحال في سورية، في حين أن الدول الأخرى التي تمتلك ثروات نفطية هائلة كانت قادرة على تقديم العطايا بأشكال مختلفة، خاصة في منطقة الخليج، ما مكنها من أن تنجو وتستمر؟
جلالة الملك: في بلدي الأردن ما زال ما نسبته 90 % من المواطنين مترددين في الانتماء إلى الأحزاب السياسية. ولذلك، فبالرغم من ما لدينا من منجز انتخابي تمثل في نسبة مشاركة في الانتخابات ناهزت 56 % وفاقت توقعات الجميع، إلا أن العمل الصعب الحقيقي الذي ينتظرنا في الأردن هو تجذير ثقافة الانتماء للأحزاب السياسية. وباللغة العربية فإن الكلمة هي "حزب"، وفي أذهان الأردنيين ما زالت فكرة أن تكون منتميًا لحزب تؤشر فورا على معنى سلبي. هذا هو التحدي الذي ينتظرنا من العمل على مدار الأربع سنوات القادمة. أعتقد أننا تجاوزنا الجزء السهل من الربيع العربي، والذي أصبح خلفنا الآن. أما التحدي الماثل فهو يبدأ اليوم ويتجسد في محاولة بناء أحزاب سياسية ذات برامج قائمة على قواعد ومبادئ تمثل مواقف المواطنين إزاء قضايا الصحة والتعليم والخدمات والضرائب. هذا هو التحدي الحقيقي الذي ينتظرنا، وهو تحد غير مقتصر على الأردن، بل إن الجمهوريات التي مرت بمرحلة الثورات تواجه أيضًا هذا التحدي.
فريد زكريا: عندما تنظر إلى الانتخابات التي تم إجراؤها للتو، تجد نسبة الاقتراع تجاوزت 56 %، وقد سمحتم لمراقبين دوليين بالإشراف على الانتخابات لأول مرة.
جلالة الملك: للمرة الثانية.
فريد زكريا: نعم، للمرة الثانية. ولكن هذه المرة كانت أوسع وأشمل.
جلالة الملك: بكل تأكيد.
فريد زكريا: وبرغم كل هذا، فإن "الإخوان المسلمين" قالوا إنهم سيقاطعون الانتخابات، وأنهم يعتزمون التظاهر، ما مدى خطورة هذه المشكلة؟
جلالة الملك: إذا كنت تعيش في الأردن اليوم، فإن الأردنيين سيقولون لك أن هذا الأمر لا يعد مشكلة على الإطلاق. الإخوان المسلمون شككوا منذ البداية بنتائج الانتخابات، كما أن المعارضة كانت تعتقد بأن التسجيل للانتخابات لن يستقطب أحدا، إلا أن لدينا نسبة تسجيل غير مسبوقة وصلت إلى 70 % وهي أعلى من الكثير من دول الشرق الأوسط. وعودة إلى نسبة الاقتراع في الانتخابات الأخيرة والتي زادت على 56 %، فإنها فاقت توقعات الجميع، كما شهدنا أعلى عددا من المرشحين للانتخاب. وأعتقد أنه إذا نظرت إلى هذه العوامل فإنها تشير إلى أننا كأردنيين قد قررنا المضي قدمًا. عموما فإن الإخوان المسلمين يشكلون مكونا مهما في مجتمعنا، ورسالتي لهم على مدار الأيام الماضية كانت: بغض النظر عن المواقف السابقة، لنعتبرها جزءا من الماضي، وإذا ما أردنا المضي بالإصلاح السياسي إلى الأمام، لا بد أن تكون العملية السياسية جامعة، وأن يشعر الجميع بأنهم شركاء فيها. ويكمن التحدي الآن في طبيعة المبادرة للتواصل مع المعارضة التي قاطعت الانتخابات، والتي كان حجمها محدودا في الواقع، إلا أننا نريدهم أن يكونوا جزءًا من العملية السياسية، لأن بقاء أية مجموعة خارج العملية سينعكس سلبًا. والتحدي القائم يتمثل في كيفية إدماج الجميع خلال الأربع سنوات القادمة، وكيف يقومون بتجديد طروحاتهم.
فريد زكريا: هل يمكنكم التعايش مع رئيس وزراء إخواني؟
جلالة الملك: إذا نظرت حتى إلى الانتخابات المصرية وتابعت عدد الذين سجلوا وعدد الذين اقترعوا، تجد أن حجم الإخوان المسلمين في انتخابات مصر شكل 12 % كتقدير مبدئي. لكنني ما زلت أعتقد أن الإخوان جزء من المعادلة، وعلينا التفكير في كيفية إعادة إدماجهم في مختلف جوانب الإصلاح المستقبلية في الأردن.
فريد زكريا: برأيك، كيف تسير الأمور في سورية؟ أنتم تواجهون أزمة وأعتقد أن على الجميع أن يتذكر أن لديكم الآن 300000 لاجئ سوري، وقد خرجتم للتو من تجربة استمرت 10 سنوات استضفتم فيها مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين.
جلالة الملك: صحيح.
فريد زكريا: وقد بدأ اللاجئون العراقيون يعودون لوطنهم في الوقت الذي بدأ فيها تدفق جديد للاجئين، فهل تعتقد أن سقوط الأسد سينهي الأزمة أم أنه سيشعل حربًا أهلية أوسع نطاقًا في سورية؟
جلالة الملك: التحدي الذي نواجهه هو أنه كلما طال أمد النزاع في سورية، تعمق انهيار الدولة داخليا. وهنا نسمع من جديد أحاديث حول إمكانية تفكك سورية، وتقسيمها إلى دول صغيرة، وهو ما أعتقد أنه أمر كارثي وسنعاني منه لعقود قادمة. وكلما طال أمد النزاع، أصبح أكثر ضررا وتعقيدًا. ولكن، وفي الوقت ذاته، فإن كل من يقول إن أمام نظام بشار بضعة أسابيع فقط فإنه يجهل فعلاً الحقائق على الأرض، فما زال لدى النظام إمكانات، وأعتقد أنهم قادرون على الاستمرار للنصف الأول من العام الحالي على الأقل.
فريد زكريا: أليس من الصواب إذا أن نقول إن النظام يحارب حتى النهاية، لأنهم يعتقدون بشكل جوهري أن أي سيناريو لمرحلة ما بعد الأسد سيقود لإبادة العلويين؟
جلالة الملك: ولهذا يجب أن ندقق في مكونات المعارضة. إن ما نركز عليه الآن هو ذلك النوع من المعارضة التي تؤمن بأن جميع فئات المجتمع ستشارك في صناعة مستقبل سورية بمن فيهم الأقليات والعلويون، وأن الجيش السوري يجب أن يبقى موحدًا وسليمًا حتى لا نرى نفس المشاكل التي وقعت في العراق، لأن الجيش السوري سيكون الضامن لاستقرار سورية. نحن في الأردن نستضيف رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب الذي يؤمن بمستقبل جامع للكل والأقليات والعلويين بحيث تشكل كل فئة لبنة في بناء مستقبل سورية، وأن يبقى الجيش السوري موحدًا من أجل ضمان استقرار المرحلة القادمة. هذا هو النوع من الشخصيات التي نعقد الأمل عليها، والتي تعرف حقيقة ماذا تحتاج سورية.
فريد زكريا: لماذا برأيك لم يبادر الجيش حتى الآن بالطلب من الرئيس الأسد أن يترك البلاد؟ فقد شاهدنا حتى الآن نسب متواضعة من الانشقاقات على المستويات العليا، فهل تساعدنا في فهم الديناميكيات التي تبقي النظام موحدًا؟
جلالة الملك: تم تأسيس النظام بقيادات علوية، وهذا يشكل مصدر قوة كبيرة، ولكن جزءا من المشكلة التي كانت تواجهها الأقليات، مثل المسيحيين والدروز، على مدار السنة والنصف الماضية هي رؤية تدفق المقاتلين المتطرفين إلى مناطقهم. إن البديل الذي يراه المسيحيون والدروز الذين لم يحسموا موقفهم بعد، بالإضافة إلى بعض العلويين غير الراضين عن الطريقة التي يتحكم بها بشار الأسد بمستقبل البلاد، في المتطرفين الإسلاميين أكثر رعبًا، وهذا ما يبقيهم مترددين وخارج الصراع، ويعطي مزيدًا من الدعم للنظام لأن البديل الثاني أكثر خطورة. والسؤال هنا: أين البديل الثالث؟
فريد زكريا: ما هو حجم الجهاديين في سورية؟
جلالة الملك: القاعدة موجودة في سورية منذ سنة تقريبًا، وهم يحصلون على تمويل عسكري وتمويل من بعض الأطراف للأسف. وهي مجموعة يجب مواجهتها. فحتى لو أمكن لأفضل حكومة أن تتشكل في دمشق اليوم، فإننا بحاجة إلى سنتين إلى ثلاث لتأمين حدودنا، ومنعهم من اختراقها ومن ثم العمل على تطهير المنطقة من وجودهم. فحتى مع وجود حكومة سورية جيدة، وفي ظل استقرار القوات المسلحة السورية، فإن عملية تطهير المنطقة من العناصر السيئة الموجودة داخل الحدود السورية سيستغرق بضعة سنوات. وأعتقد أن ما تحاول الإشارة إليه في سؤالك هو ماذا سوف نفعل في اليوم التالي لانهيار نظام بشار وما هي خططنا؟ وهذا ما أحاول أن أطرحه من خلال نداء المساعدة الإنسانية الذي توجهت به في كلمتي للتو في منتدى دافوس، ويتمثل في عدم النظر فقط إلى اللاجئين القادمين إلى الأردن ورعايتهم، بل تأمين المساعدات للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بحيث يتم إيصال المعونات إلى هذه المناطق للمحافظة على وجود المواطنين فيها، وكسب ودهم، لأنه إذا بدأ المواطنون في هذه المناطق بالمعاناة من المجاعة ونقص الوقود وخدمات الكهرباء والمياه والرعاية الصحية في المستشفيات، فسيكون للمتطرفين موضع قدم مستغلين هذه الظروف. ولذلك فإن نداء الاستغاثة الذي تقدمت به له بعدان، ونتوجه به إلى المجتمع الغربي والمجتمع الدولي طالبين مساعدة الأردن ولبنان بالقدر المستطاع.
فريد زكريا: هناك انتخابات أخرى تمت خلال هذا الأسبوع وهي الانتخابات الإسرائيلية. عندما تنظر إلى ما حدث، هل تعتقد بأن رئيس الوزراء نتنياهو قد يكون أكثر استعدادا لاتخاذ خطوات إيجابية لمحاولة تحقيق حل الدولتين؟
جلالة الملك: حاولنا، خلال العام 2012، الحفاظ على جو إيجابي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لأن الولايات المتحدة كانت منشغلة بقضاياها الداخلية والانتخابات الرئاسية. وبفوز الرئيس أوباما بفترة ثانية لدينا ميزة تمكننا من الضغط من أجل تحريك عملية السلام للأمام. وقد شكلت الفترة السابقة وصولاً إلى مرحلة تنصيب الرئيس أوباما مرحلة التحضير، والأردن بالإضافة لبعض الدول العربية الأخرى وقيادات أوروبية ممثلة بالبريطانيين والفرنسيين والألمان، سيتوجهون جميعا إلى واشنطن خلال شهري شباط وآذار لنقول للرئيس الأميركي: لقد حان وقت الانخراط في العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جديد. يدرك رئيس الوزراء نتنياهو ذلك، وبغض النظر عن مساعيه لتشكيل ائتلافه الحكومي، فعليه أن يتذكر بأن المجتمع الدولي بقيادة قوية من الأوروبيين، إلى جانب الأمريكيين على ما نأمل، سيقرعون بابه وباب الفلسطينيين من أجل المضي بعملية السلام إلى الأمام.
فريد زكريا: هل تقلق حينما ترى بأن هذه الانتخابات شهدت صعود أصوات جديدة منادية بشكل علني بالاستيلاء على الضفة الغربية وغزة منطلقين من قناعة بأن لا يوجد في الواقع دولة فلسطينية؟
جلالة الملك: أعتقد أنه مع انطلاق الربيع العربي وفي بدايته، كنا نسمع الكثير من الإسرائيليين يقولون إن الربيع العربي هو أفضل ما يمكن أن يحدث لمصلحة بلادهم، وكنا غير قادرين على فهم هذا المنطق. وما أقوله الآن هو أن غالبية الإسرائيليين ينظرون الآن إلى الربيع العربي بقلق بالغ. السؤال المطروح هو: هل باستطاعتهم إنجاز حل الدولتين؟ وأعتقد أنه، إذا لم يكن قد فاتنا الوقت أساسا، فإن حل الدولتين سيكون متاحًا فقط خلال فترة الرئيس أوباما. وإذا لم نصلح الواقع خلال السنوات الأربع التي أمامنا، فإن فرصة حل الدولتين قد تتلاشى.
فريد زكريا: ألا تعتقد بأن لدى الإسرائيليين الحق عندما يقولون كيف يمكننا أن نبني سلامًا مع الفلسطينيين في الوقت الذي لا يؤمن فيه الجناح الفلسطيني الثاني الذي يحكم غزة، حماس، بحق إسرائيل بالوجود؟
جلالة الملك: لدى النظر إلى مواقف الكثير من قيادات حركة حماس في حقيقة الأمر مؤخرًا، وبمعرفتهم بوجود الرئيس أوباما لدورة ثانية، فإنهم أكثر واقعية في كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، لأن السنوات الأربع المقبلة تمثل حقيقة الفرصة الأخيرة.
وفيما يتعلق بالإسرائيليين، أريد هنا أن أطرح هذا التساؤل: إذا لم يعد حل الدولتين متاحًا، فإن البديل الوحيد الممكن هو حل الدولة الواحدة. وهذا ما يخيفهم أكثر. وإن لم يستثمر الإسرائيليون في حل الدولتين، وهو برأيي الطريقة الوحيدة للخروج من المأزق الحالي وتحقيق استقرار إسرائيل على المدى البعيد، ماذا عن حل الدولة الواحدة، فهل ستكون دولة ديمقراطية أم دولة تمييز عنصري. يشكل هذا الأمر تحديًا حقيقيًا للإسرائيليين، لذلك فإن الكثير منا والكثير من الإسرائيليين يؤمنون بأن حل الدولتين هو الحل الوحيد للمضي قدمًا.
فريد زكريا: كما ذكرت سابقا، لم يجد القمع نفعًا مع الربيع العربي في حين يبدو أن أسلوب العطايا كان ناجحا في بعض الدول العربية. وبالنسبة لك فإنك لم تمارس القمع، وليس لديك الأموال لتقدم العطايا. فهل تشعر بأنك وصلت إلى حالة توازن في الأردن؟ وهل تخشى الآن أن تهدد الضغوطات بسبب ما يحصل في سورية والموضوع الإسرائيلي، كل ما أنجزته؟
جلالة الملك: من المعلوم لدى الجميع أنه خلال العام والنصف الماضيين شهد اقتصادنا العديد من الصعوبات. ما حدث من انقطاع للغاز الذي نستورده من مصر سبب رئيسي في الوضع المالي الصعب الذي نواجهه اليوم، كما أن انعدام الاستقرار في سورية قد زاد من حجم التحديات بلا شك، لكن سياسة الأردن اعتمدت على عدم النظر إلى ظروف الإقليم كمبرر. والفرق بين الأردن والعديد من البلدان هو أننا اتبعنا مسارا مختلفًا، فقد دفعنا باتجاه الإصلاح التدريجي، والسبيل الوحيد للقيام بذلك هو من خلال سيادة القانون. ولذلك فقد تم إنشاء لجنة وطنية عدلت ثلث الدستور، وهيئة مستقلة للانتخاب، ومحكمة دستورية جديدة، ووضعت العديد من التشريعات. وقد واجهنا في الأردن بالفعل ضغوطًا من أجل التوجه مباشرة إلى الانتخابات كما فعلت دول أخرى، لكننا قمنا بتعديل الدستور أولاً ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات. وإذا ما نظرت إلى دول أخرى كمصر وليبيا وتونس، فإن الانتخابات هناك أجريت مبكرًا، وجميع هذه الدول أجرت انتخابات جيدة، ولكنهم بدأوا بصياغة الدستور بعد ذلك وكان أمامهم عام واحد فقط من أجل إنهاء المهمة والعودة من جديد إلى الانتخابات. لم تستطع أي من هذه البلدان تغيير دستورها بسلاسة. وبغض النظر عن الضغوطات والعقبات التي تعرضنا لها خلال العام 2012، إلا أن الواقع الآن يثبت أننا سلكنا الطريق الصحيح. إنها عملية مستمرة تسير خطوة خطوة ، وكما أشرت فإن التحدي الصعب أمامنا اليوم هو بناء ثقافة الأحزاب السياسية بحيث نصل خلال أربع سنوات إلى طيف سياسي يتكون من يمين ويسار ووسط. أفاجأ في بعض الأحيان من بعض المراكز الفكرية الغربية وبعض السفراء الأوروبيين في الأردن الذي يقولون إن هذه العملية ستكون شاقة. هي فعلاً عملية صعبة، وتنطوي على تحد كبير لا يمكن معالجته بعصًا سحرية، بل يلزمنا عمل جاد من أجل بناء الأحزاب والبرامج والمبادئ السياسية، بحيث يصوت المواطنون في الانتخابات القادمة لمرشحين حزبيين على أساس مواقفهم من قضايا اجتماعية محددة كيمين ويسار ووسط. والتحدي الرئيسي هو بناء ثقافة الأحزاب السياسية. إن ما أنجزناه في الأردن يعد بداية الطريق فقط، ورغم ذلك فإننا نتفوق على الكثير من الدول في الشرق الأوسط. لا شك أن العملية ستكون صعبة علينا جميعًا، ولكنها السبيل الوحيد للمضي قدما.