دمشق، القاهرة ـ جورج الشامي، أكرم علي التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الإثنين، رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب، ورئيس الحكومة المنشق رياض حجاب، للبحث في مبادرة الحوار مع حكومة دمشق من أجل تنفيذها في أقرب وقت، والتي تشترط إجراء الحوار في شمال البلاد على الأراضي الخاضعة لسيطرة الجيش الحر "المعارض"، حيث طالب حجاب الجامعة العربية بـ"دعم الائتلاف" ليأخذ مكان سورية في الجامعة العربية ويكون ممثلاً في الهيئات والمنظمات الدولية، فيما استمرت الاشتباكات في العاصمة التي وصلت إلى محيط القصر الجمهوري في حي المهاجرين، في حين أعلنت المعارضة سيطرت مسلحوها على مدينة الطبقة في محافظة الرقة بشكل كامل بما فيها سد الفرات والمخابرات الجوية، وسط قلق إسرائيلي من نقل أنظمة الدفاع الجوي من لبنان إلى سورية.
وقال ناشطون سوريون إن الجيش الحر قتل عددًا من جنود القوات الحكومية، وأسر آخرين أثناء سيطرته على ثكنة الموسيقى في جوبر في دمشق، وسط استمرار قصف الحي براجمات الصواريخ وقذائف الهاون، فيما تعرضت زملكا في دمشق أيضًا لقصف من المدفعية الثقيلة والدبابات، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور على المتحلق الجنوبي بالقرب من جسر زملكا، وفي مخيم اليرموك جرت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية على مدخل المخيم، فيما شهدت دمشق يومًا مشتعلاً، بانفجارات في ساحة عرنوس وقرب البنك المركزي، وإغلاق الطرق الرئيسة والساحات العمومية، وسط حملة اعتقالات واسعة"، في حين تحدث المركز الإعلامي السوري عن اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش السوري وعناصر الحر في حي المهاجرين بالقرب من القصر الرئاسي، وأن اشتباكات عنيفة دارت بالقرب من سوق الهال في الزبلطاني في دمشق، وأن الجيش الحر سيطر الأحد على سد الفرات، ومقرات الشرطة العسكرية والمخابرات الجوية وشعبة التجنيد في الطبقة في ريف الرقة، فيما وثقت لجان التنسيق المحلية الأحد 126 شهيدًا بينهم تسعة أطفال وأحد عشر سيدة سيدات، منهم 38 في دمشق وريفها، 33 في حلب، 24 في دير الزور معظمهم أُعدموا ميدانيًا في حي الجبيلة، 9 في حمص، 12 في درعا، 5 في حماة، 4 في إدلب، وقتيل في الرقة.
وأعرب رئيس الائتلاف الوطني السوري، معاذ الخطيب، عن استعداده للحوار مع دمشق في المناطق الشمالية من البلاد التي يسيطر عليها الثوار، وذلك تزامنًا مع انتهاء المهلة التي حددها الخطيب للحكومة لقبول مبادرته من دون رد من الأخيرة. وقال الخطيب في مؤتمر صحافي من القاهرة، "هناك محاولات لزعزعة المعارضة وتفتيت لحمة الشعب السوري، وإنه على الرغم من عدم ثقته في نظام يقتل الشعب ويقصف المخابز، إلا أنه قبل بالتفاوض من أجل رحيل النظام حقنًا لمزيد من الدماء والخراب، وتنبع مبادرتي من وحي معاناة الشعب السوري وإذا كانت ستؤثر على صيرورة الثورة سنوقفها، وتابع إن مبادرته لم تتطرق لأي أمر عسكري أو سياسي لإيجاد أرضية تفاوضية مشتركة، غير أن الحكومة فوتت هذه الفرصة النادرة، مرسلة رسالة سلبية جدًا إلى الداخل والخارج، وفي حال لم يستجيب النظام لهذه المبادرة الجديدة لن يتم التردد في الدعوة إلى تدخل عسكري خارجي لإنهاء معاناة السوريين، وفالحكومة السورية استغبت الشعب والمجتمع الدولي وهيئات حقوق الإنسان عندما طلبت قوائم بأسماء المعتقلين"، مقترحًا على النظام أن يقوم بتقديم كشف بأسماء القتلى والسجناء إلى المجتمع الدولي، ووصف تعاملَ حكومة الأسد مع ملف المعتقلين بـ"غير الإنساني بالمرة"، وقال إنه "كلف الهيئة السياسية الموقتة بدراسة المبادرة، ثم تقديم توصيتها إلى الهيئة العمومية في ضوء إشارات النظام".
وقد التقى رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وبحث معه مبادرة الجلوس مع الحكومة السورية من أجل تنفيذها في أقرب وقت، حيث قال الخطيب في تصريحات للصحافيين فور انتهاء الاجتماع، إن "المعارضة السورية ترفض التدخل العسكري الأجنبي، وتعتبر أن النظام عاقلاً أما إذا كان النظام سيظل يتعنت ويذبح الشعب السوري، فإن كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب السوري الذي لم يعد يستطيع أن يتحمل ذلك، وليس لدينا مانع متابعة الثورة حتى نفنى جميعًا وتتحرر سورية"، موجهًا كلمة لحكومة الرئيس بشار الأسد قائلاً "أيها النظام السوري كن عاقلاً ولو لمرة واحدة من أجل مصلحة الشعب".
وأكد الخطيب أن "عرضه لمبادرة التفاوض مع دمشق ليست ضعفً وإنما محاولة لإزاحة المعاناة عن الشعب السوري، وأن كل المبادرات التي قدمتها المعارضة السورية لم يعطي النظام إجابة واضحة عليها، بل كافئ عليها بمزيد من الاعتقالات والقتل"، فيما نفى ترتيب أي لقاء أو اتصالات مباشرة مع النظام حتى الآن".
وعن المبادرة الأميركية لحل الأزمة السورية، قال معاذ "أوجه رسالة للشعب السورى كله، أن الأزمة السورية لن يحلها غير السوريين، فكونوا يدًا واحدة، فهذا الذي سيعطينا الانتصار ولا تتفرقوا، نحن كسياسيين وعسكريين عربًا وأكرادًا ودروز، كلنا يد واحدة ضد الظلم، هناك محاولة لدق الأسافين والزج بالشعب السوري"، مؤكدًا أن "المبادرة لم تقسم المعارضة السورية، وأن ذلك من قبيل الديمقراطية الثورية، وهذا أمر صحي، كلنا متفقون على رحيل النظام، وكان هناك تحفظات لدى البعض حول الطريقة المناسبة، ولكن إذا كان هناك حل واضح يضمن توفير الدماء والخراب، ما في أحد يعترض على ذلك"، كاشفًا عن "اجتماع للهيئة السياسية خلال أيام لبحث الوضع بشكل واقعي بعيدًا عن العنتريات"، مشددًا في ما يتعلق بالموقف الإيراني، على "ضرورة وقف الاستقطاب وعدم الانزلاق إلى صراع سني شيعي في المنطقة".
كما استقبل الأمين العام للجامعة العربية، الإثنين، رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية الحاكمة ورشحته بعض قوى المعارضة لتولي رئاسة الحكومة في المنفى، حيث طالب حجاب، خلال لقائه العربي، الجامعة العربية بـ"دعم الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، ليأخذ مكان سورية في الجامعة العربية، ويكون ممثلاً في الهيئات والمنظمات الدولية"، داعيًا المجتمع الدولي إلى "ضمان حق دفاع الشعب السوري عن نفسه بالأسلحة القادرة على إحداث فرق نوعي في تسليحه، لإنهاء مأساة الشعب السوري، وإسقاط الرئيس بشار الأسد".
وقال رئيس الحكومة المنشق، في تصريحات صحافية فور اللقاء، إنه "طلب من الجامعة العربية أن تكون عند مسؤوليتها هي وكل الدول العربية كافة ودول العالم، إزاء المذابح التي تقوم بها القوات الحكومية، ويجب أن يكون هناك موقف فاعل لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ودول العالم، لإنهاء هذه المأساة التي يعيشها الشعب السوري، وطي هذه الصفحة الدموية التي تركها بشار الأسد ضد أبناء سورية"، داعيًا إلى أن تعمل الحكومة الانتقالية المُقترح تشكيلها في المناطق السورية المحررة من سيطرة حكومة الأسد"، مضيفًا أن "تلك المناطق ليس بها حماية من الطائرات السورية، ووسائل القتل التي يستخدمها الأسد، مع ضرورة وجود اعتراف دولي بالحكومة ودعم مادي، حتى تتمكن من القيام بواجباتها تجاه الشعب السوري".
وأكد حجاب عدم وجود خلافات بين المعارضة حول مبادرة معاذ الخطيب، التي تقتضي إجراء حوار مباشر بين ممثلي الحكومة والمعارضة السورية، وأنه لا توجد اختلافات بين المعارضة حول ضرورة سقوط النظام ورحيله، ومبادرة الخطيب تسعى إلى رحيل النظام، ولا يمكن أن يكون هناك أي حوار إلا لإسقاط هذا النظام، وبدء أي حوار يجب أن يكون هناك ضمانات له من مجلس الأمن والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لإنهاء النظام قبل بدء أي حوار بين أي أطراف"، فيما أعلن رفضه الحوار مع إيران باعتبارها "شريكة في القتل".
وتعليقًا على المبادرة الجديدة، قال المعارض السوري نبيل المالح، إن رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، يقدم مبادرته بحسن نية، وباعتبار أن الحكومة السورية جهة عاقلة ممكن أن تحاور وأن تصل معها إلى حل، فيما اعتبر المعارض كمال اللبواني أن "تصريحات الخطيب تضعف المعارضة، وأنه على المعارضة ألا تقوم بأي مبادرة للحوار، فهي لا تحاور القتلة، وأن عدم السماح بتسليح المعارضة من الجانب الأوروبي جاء بشكل واضح على لسان الرئيس الفرنسي أنه في حال كان هناك مجال للحل السياسي فإن التسليح مؤجل، والخطيب بمبادرته يطرح من جديد الحل السياسي، ويؤجل التسليح".
وكشف رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، عن أنه أبدى تأييده لفكرة تسليح مقاتلي المعارضة في سورية أثناء مناقشات جرت داخل إدارة الرئيس باراك أوباما بشأن كيفية المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية الدائرة هناك، غير أنه نفى أن تكون هناك خطة محددة قيد البحث، وقال إنه "يعتقد أن تسليح مقاتلي المعارضة قد يساعد في إنهاء الأزمة بشكل أسرع، ويؤدي إلى تفادي انهيار مؤسسات الدولة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح سورية دولة فاشلة"، وذلك تزامنًا مع توصية وكالة المخابرات ووزارة الخارجية الأميركيتين بتسليح المعارضين العام الماضي، ولكن أوباما اتخذ في نهاية الأمر قرارًا ضد أتباع هذا الخيار.
فيما أكد محللون لبنانيون وإسرائيليون، أن "الضربة الأخيرة التي وجهتها إسرائيل إلى مركز للأبحاث قرب دمشق، قد تكون خطوة أولى على درب حرب طويلة تستهدف عمليات نقل الأسلحة بين سورية ولبنان"، وحدد خبير إسرائيلي لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، "أربعة أنواع من الأسلحة تخشى إسرائيل انتقالها أكثر من غيرها، وهذه الأسلحة هي أنظمة الدفاع الجوية، وصواريخ بالستية، بالإضافة إلى صواريخ بر- بحر، وأخيرًا الأسلحة الكيميائية، وأن إسرائيل جاهزة لإطلاق هجمات كلّما شككت بعملية انتقال أسلحة من الأنواع المذكورة، وأن قرارها شنّ هجمات مماثلة أسهل في الوقت الراهن بسبب ضعف موقف (حزب الله) جراء انهماك النظام السوري بصدّ الثورة داخل أراضيه".
وتُقدّر إسرائيل أن يكون "حزب الله" قد جمّع منذ حرب تموز/يوليو 2006, 60 ألف صاروخ منها صواريخ "سكود" يتعدى مداها 600 كيلومتر، ويعترف إسرائيليون بأن ترسانة الحزب الحالية يمكن أن تصل إلى أي نقطة في إسرائيل، فيما أضافت الصحيفة الأميركية أن "إسرائيل تخشى أيضًا نقل أنظمة أسلحة روسية بحرية من سورية إلى حزب الله، وبخاصة صواريخ "ياخونت"، التي تحمل رأسًا مدمرًا يوجه عن طريق الرادار، ويستطيع إصابة أهداف عن بعد 300 كيلومتر، وهي مزودة بنظام تكنولوجي عال يسمح لها بأن تكون غير مرئية للرادارات، وهذا يعني أن تلك الصواريخ لا تهدد فقط السفن الإسرائيلية، وإنما كذلك منصات التنقيب الإسرائيلية في البحر المتوسط