عنصر من "جبهة  النصرة" في سورية واشنطن ـ يوسف مكي فيما تتزايد أعداد الشباب المسلمين الذين يحملون جوازات سفر غربية والموجودين في سورية للقتال إلى جانب المقاومة السورية ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، والذين بلغ عددهم حسب تقديرات المخابرات 600 شخص، تتصاعد المخاوف في أوساط أجهزة الاستخبارات الأميركية والأوروبية من احتمالات وقوع هجوم إرهابي جديد في بلدانهم بعد عودة هؤلاء من سورية.
وتقول مصادر رسمية غربية "إن أعداد الغربيين الذين يقاتلون في سورية الآن يفوق أعداد هؤلاء الذين سبق وأن شاركوا في صراعات العراق أو أفغانستان أو الصومال أو اليمن، كما أنهم يتجهون إلى سورية بدوافع الرغبة في مساعدة الشعب السوري في معاناته عن طريق الإطاحة بحكومة الأسد، إلا أن عودتهم من سورية إلى بلدانهم الغربية وهم يحملون حماسة الجهاد وخبرات الانضباط العسكري ومهارات استخدام الأسلحة والمتفجرات تثير المخاوف من احتمالات تلقيهم أوامر من تنظيم "القاعدة" للقيام بهجمات إرهابية داخل بلدانهم.
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يقول مدير مركز مكافحة الإرهاب القومي في الولايات المتحدة ماثيو أولسين "إن سورية أصبحت ساحة المعارك الجهادية الحقيقية في العالم"، وأضاف أمام مؤتمر الأمن في أسبن في ولاية كولورادو أن "الخوف يكمن في تزايد تطرّف هؤلاء الشباب الذين ذهبوا إلى سورية، وفي زيادة خبراتهم التدريبية، وعودتهم إلى أوروبا الغربية وربما أميركا وهم يشكلون جزءًا من حركة جهادية عالمية".
وذكرت الصحيفة الأميركية أنه وفقًا لتقديرات استخباراتية سرية وأخرى حكومية غير سريّة فإن عدد المقاتلين من الشباب الغربي في سورية والقادمين من أميركا الشمالية وأستراليا منذ العام 2011 يزيد على 600 مقاتل، وهذا العدد يمثل نسبة 10 في المائة من إجمالي عدد المقاتلين الأجانب الذين توجهوا إلى سورية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذين يُقدَّر عددهم بحوالي ستة آلاف مقاتل.
ويقول خبراء الإرهاب "إن تشدد غالب هؤلاء الغربيين جاء من نابع ذاتي، وإن ذهابهم إلى تركيا جاء بمبادرات فردية، حيث يوجد جهات تُسهّل عمليات المشاركة في المقاومة السورية، وغالبًا ما ترتبط هذه الجهات بجماعات مُحدّدة، وقد التحق الكثير منهم بـ "جبهة النصرة" الموالية لتنظيم "القاعدة".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه لا يوجد حتى الآن وثائق تربط بين هؤلاء وبين مؤامرات إرهابية في أوروبا أو أميركيا بعد عودتهم من سورية، إلا أن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالاس وصف هذا التهديد بأنه "قنبلة زمنية موقوتة"، كما أن الأجهزة الأمنية في أوروبا تزيد من جهود المراقبة حاليًا، وتسعى لإيجاد سبل جديدة تُصعّب على هؤلاء المشتبه فيهم التوجه إلى سورية والتحوّل إلى جهاديين.
وتندفع أجهزة الاستخبارات الأميركية والأوروبية الآن نحو التعاون معًا لمراقبة هؤلاء الافراد الذين يسعون لعبور الحدود التركية إلى سورية، كما أعرب عدد من المسؤولين الأميركان عن استيائهم بسبب عدم قيام تركيا باتخاذ خطوات جديّة من أجل منع تدفّق هؤلاء الأوروبيين للقتال في سورية.
ويطالب وزير الداخلية الألماني بتسجيل واسع النطاق داخل الاتحاد الأوروبي لكل الأجانب الذين يدخلون هذه الكتلةـ كإجراء للمساعدة في تعقب هؤلاء "الراديكاليين" عند عودتهم إلى أوروبا، وهناك مَن يقول إن هذا الأجراء سوف يتطلب وقتًا طويلاً، إلا أن هذه المطالبة تعكس مدى مخاوف القيادات الأمنية الألمانية في هذا الشأن، وضرورة التعاون مع الشريك الأوروبي.
واتخذت السلطات الألمانية إجراءات لمنع هؤلاء المتشدّدين المشتبه فيهم من مغادرة البلاد والتوجه إلى سورية، غير أن هؤلاء يمكنهم السفر إلى دولة أوروبية أخرى، ومنها إلى تركيا، التي يستطيع الألمان دخولها بالبطاقة الشخصية ومنها إلى سورية.
وتقول السلطات الهولندية إنها في الوقت الذي لا تستطيع فيه منع المشتبه فيهم من مغادرة البلاد إلا أنها تستطيع أن تحارب انضامهم، باعتبار أن ذلك مخالف للقانون، وعقوبته السجن والغرامة.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن أعداد هؤلاء تبلغ 140 فرنسيًا و100 بريطاني، و75 إسبانيًا، و60 ألمانيًا، بالإضافة إلى عدد من كندا وأستراليا والنمسا وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وأيرلندا وإيطاليا والنرويج والسويد وهولندا، وهناك ما يقرب من عشرة أميركان في سورية، وفقًا لتقارير المخابرات الأميركية.
ويوجد من بين هؤلاء من أسقط طائرة مروحية سورية، واستطاع أن ينهب ما فيها من مُعدّات "إنتل" وأسلحة، كما تعرّض عدد من العائدين الفرنسيين من سورية لاستجوابات استخباراتية مطوّلة، وفقًا لقانون يَسمح بمحاكمة من يُغادر البلاد وينضم إلى معسكرات تدريب إرهابية، أو القتال في مناطق قتالية إلى جانب جماعات إرهابية.
ولفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن هناك مَن عاد بسبب عدم قدرته على الوصول إلى جبهة القتال، أو عدم توفر السلاح أو التدريب اللازم للمشارك، وهناك من رفضه الجيش السوري الحر، وقد أنهي عدد منهم علاقته مع "جبهة النصرة" بسبب التقسيمات داخلها إلى جماعات وفقًا للجنسيّة.
وقامت السلطات الهولندية باعتقال فتاة شابة يُشتبه في أنها قامت بتجنيد شباب مسلم هولندي للانضمام إلى جماعات إسلامية متطرفة في سورية، وقامت السلطات البلجيكية بإجراءات مشابهة.