الجزائر ـ خالد علواش يشهد حزب "جبهة التحرير الوطني" الجزائري، أزمة جديدة في مؤسساته، بعد تجدد الصراع داخل المكتب السياسي بين مجموعة وزراء الحزب من جهة، ومنسق الحزب عبدالرحمن بلعياط والقيادي عبدالحميد سي عفيف من جهة أخرى، وذلك بالتزامن مع عودة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (الرئيس الشرفي للحزب) إلى أرض الوطن، مما يؤكد أن أزمة الحزب ستشهد مخاضًا جديدًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
واتهم أنصار بلعياط، وزراء الحزب المعروف باسم "الأفلان"، بمحاولة "انقلاب جديدة" على قرارات الدورة الأخيرة للجنة المركزية نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، في الوقت الذي ردّ معارضوه باتهامه بالانفراد بقرارات الحزب، فيما أكد منسق المكتب السياسي للحزب، الإثنين، في الجزائر العاصمة، أن "الوقت غير ملائم لطلب تدخل الرئيس الشرفي للحزب بوتفليقة، وأنه لن يتنازل عن المهمة التي أوكلتها له الدورة العادية للجنة المركزية للحزب والمتمثلة في التنسيق بين هياكل الحزب حتى تنظيم دورة استثنائية لانتخاب خليفة عبدالعزيز بلخادم، وأنه لا يملك أي طموح لقيادة الحزب خلال المرحلة المقبلة.
وقال بلعياط، في تصريح إلى لـ"العرب اليوم"، إن اجتماع الأعضاء التسعة للحزب قبل يومين هو اجتماع أملته معطيات جديدة منها عودة الرئيس بوتفليقة إلى أرض الوطن، بعد فترة علاج في فرنسا، ومحاولات "ابتزاز" بعد قرارات المكتب السياسي في ما يخص تجديد هياكل الحزب داخل البرلمان الذي يمثل غالبيته، مجددًا رفضه لكل ما ترتب عن هذا الاجتماع.
وخلّف اجتماع أعضاء من المكتب السياسي لـ"الأفلان"، في مقر الحزب بحيدرة، ردود فعل واسعة داخل الحزب العتيد، لا سيما في ما تعلق بقرارات المكتب السياسي بضرورة اتخاذها بشكل جماعي، في اتهام واضح إلى عبد الرحمن بلعياط وعضو المكتب السياسي الموالي له عبدالحميد سي عفيف بالانفراد بقرارات الحزب، فيما فجرّت التعيينات التي قام بها بلعياط داخل كتلة الحزب في إطار عملية تجديد هياكل البرلمان، أزمة جديدة في بيت "الأفلان"، حيث اتهم نواب الحزب بلعياط بالانفراد برفقة سي عفيف في اتخاذ قرارات التعيين، في وقت طالبوه باعتماد صيغة الانتخاب بدل التعيين، لكن بلعياط أكد أنه استشار كلّ أعضاء المكتب السياسي للحزب.
وأظهر الانقسام الجديد داخل المكتب السياسي لـ"لأفلان" بين مؤيدي بلعياط ومنتقديه، أن عودة الرئيس بوتفليقة كان لها تأثيرها الكبير على عودة ملف ضرورة الإسراع في استخلاف بلخادم، واعتبر الطرف المناوئ لبلعياط أنه من غير المعقول أن يبقى الحزب العتيد طيلة 6 أشهر من دون أمين عام بعد تنحية بلخادم نهاية كانون الثاني/يناير الماضي.
ويرفض الطرف الموالي لـ بلعياط داخل المكتب السياسي أي اجتماع يعقد من دون موافقة أو دعوة المنسق، باعتباره الوحيد المخول وفق ما تؤكد عليه لوائح الحزب في الدعوة إلى انعقاد اجتماع المكتب السياسي، أما مسألة سحب الثقة من بلعياط فليس لها سند قانوني وفقهم، على اعتبار أنه لا توجد مادة قانونية تنص على سحب الثقة من المنسق الذي يعتبر مسيرًا موقتًا للحزب وليس أمينه العام.
واتهم القيادي في "جبهة التحرير الوطني" وعضو مكتبه السياسي عبدالحميد سي عفيف، في تصريح صحافي الأحد، وزراء الحزب في حكومة عبدالمالك سلال بـ"العمالة"، مقللاً في السياق ذاته من قيمة اجتماع المكتب السياسي ووصفه بـ"اللاحدث"، مضيفًا أن "أطرافًا داخل المكتب السياسي تحاول العودة بالحزب إلى نقطة الصفر"، في إشارة إلى وزراء الحزب (حراوبية، لوح، تو وزياري)، مؤكدًا أن "سيناريو محاولة الإطاحة ببلعياط شبيه بما حدث خلال الدورة الأخيرة للجنة المركزية لـ(الأفلان)، حين انقلب الوزراء على بلخادم وكانوا طرفًا فاعلاً في سحب الثقة منه".
وكشف سي عفيف، عن سلسلة اجتماعات قادت منسق الحزب عبد الرحمن بلعياط إلى مكتبي وزيري الصحة والنقل ( زياري وعمار تو) للمشاورة بشأن قائمة التعيين، مفندًا ما صرحت به جهات داخل الحزب بالانفراد في قراراته، مشيرًا إلى أن "قرارات بلعياط بشأن تجديد هياكل الحزب في البرلمان، لا تزال سارية المفعول، ولن يتمكن الوزراء من تنحيته كما يدّعون".
وأمام هذا الانسداد التام الذي بات يميز مؤسسات الحزب الجزائري، ويهدد بإضعافه قبل الرئاسيات المقبلة، أصبح الكثير من مناضلي الحزب يتساءلون عن جدوى هذا الصراع في الحصول على مكاسب ضيقة، في وقت تسعى أحزاب المعارضة إلى التوافق على مرشح واحد، في الوقت الذي يرى محللون سياسيون أن "أزمة الحزب العتيد ستشهد انفراجًا قريبًا مع اقتراب موعد رئاسيات ربيع 2014، وعودة الرئيس من رحلة علاجه من فرنسا الأسبوع الماضي".