حميد شباط زعيم حزب الاستقلال المغربي
الرباط ـ رضوان مبشور
تضاربت أراء الشارع السياسي المغربي بشأن السيناريوهات المحتملة بعد القرار المفاجئ الذي إتخذه المجلس الوطني لحزب "الإستقلال" الذي يتزعمه حميد شباط بالإنسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران وتداعيات ذلك على الصعيد المحلي خاصة الإقتصادي .وإثر انسحاب حزب "الإستقلال" أصبحت حكومة بنكيران دون أغلبية مطلقة
تساند قراراتها، وهو ما قد يهددها بالزوال في حالة عدم إجراء تعديل حكومي يلبي طلبات حزب حميد شباط، التي يعتبرها شرطا للاستمرار داخل حكومة بنكيران الإئتلافية .
وتنتظر كل مكونات المشهد السياسي المغربي عودة العاهل المغربي الملك محمد السادس من فرنسا، ، ومن ثم إتخاذ القرار الملكي المناسب للخروج من الأزمة الحكومية، التى طرأت منذ إنتخاب شباط رئيسا لحزب "الاستقلال".
ووقف موقع "العرب اليوم" على عدد من أراء الكثير من المحللين والسياسيين والأكاديميين والخبراء حول توقعاتهم بعد إنسحاب ثاني حزب من الحكومة المغربية وقالوا إن من أبرز السيناريوهات المحتملة، هي اللجوء إلى انتخابات مبكرة سابقة لأوانها، إذ ينص الفصل 47 من الدستور المغربي على أن "يحق للملك، بمبادرة منه وبعد إستشارة رئيس الحكومة، إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم، وكذلك لرئيس الحكومة الحق أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، بناءا على إستقالتهم الفردية أو الجماعية، على أن تواصل الحكومة مهام تصريف الأعمال إلى غاية تشكيل حكومة جديدة".
وأضاف المحللون والسياسيون والأكاديميون والخبراء إنه بعد حل مجلس النواب، يمكن الذهاب إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، من أجل إعادة ترتيب الخريطة السياسية، والبحث عن أغلبية حكومية جديدة بإمكانها تشكيل حكومة قوية متجانسة، بأغلبية مريحة في البرلمان.
لكن الكثير من المحللين يستبعدون هذا السيناريو، كون أن تنظيم الإنتخابات في هذه الظروف الإقتصادية يتطلب إمكانيات مادية كبيرة جدا لن تستطيع الدولة تحملها، كما أن أغلب الأحزاب السياسية بما فيها حزب "الاستقلال" يعتبرون أن الرابح الأكبر في تلك الانتخابات سيكون حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه بنكيران ، بحكم الشعبية الكبيرة التي مازال يتمتع بها، والتي تأكدت مع نتائج الانتخابات الجزئية التي جرت قبل شهرين، وتمكن الحزب الحاكم من الحصول على أغلب مقاعدها.
وقالوا إن السيناريو الثاني يتمثل بإعادة تشكيل حكومة جديدة حيث يمكن لحكومة عبد الإله بنكيران، المشكلة حاليا من ثلاث أحزاب فقط ، هي أحزاب "العدالة والتنمبة" و "الحركة الشعبية" و "التقدم والاشتراكية"، فقط بعد إنسحاب "الاستقلال" أن تشكل حكومة جديدة، وذلك بتطعيم الحكومة الحالية بحزب أو أحزاب جديدة لتعويض فريق حميد شباط، وتبدو أحزاب "الاتحاد الدستوري" أو "التجمع الوطني للأحرار"، الأقرب إلى التحالف مع بنكيران، بحكم صعوبة أو استحالة تحالف حزبي "الاتحاد الاشتراكي" أو "الأصالة والمعاصرة" مع الحكومة الحالية، بسبب الإختلاف الكبير في مرجعيتهم السياسية،.
وأعربوا عن الإعتقاد أن السيناريو الثالث يكمن في التحكيم الملكي إذ تقضي المادة 42 من الدستور المغربي على أن "الملك، رئيس الدولة،والحكم الأسمى بين مؤسساتها، ويسهر على إحترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الإختيار الديمقراطي"، يمكن أن يتخذ قرارا ، إما بإقناع حزب "الاستقلال" بالتراجع عن الانسحاب من الحكومة، نظرا لحساسية الظرفية الاقتصادية والسياسية التي يمر بها المغرب، أو بقبول استقالة الحزب واللجوء إلى خيارات بديلة.
السيناريو الرابع: تقديم حزب "الاستقلال" لملتمس رقابة من أجل إسقاط الحكومة داخل البرلمان.
ينص الفصل 105 من الدستور المغربي على أنه "يحق لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤولياتها، بالتصويت على ملتمس الرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعة على الأقل خمس الأعضاء الذي يتألف منهم المجلس. لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذي يتألف منهم. لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية".
وأشاروا إلى أن السيناريو الخامس يكمن في إستمرار الحكومة كحكومة أقلية ، التي ستصبح متكونة فقط من ثلاث أحزاب سياسية وهي "العدالة والتنمية" و "الحركة الشعبية" و "التقدم والاشتراكية" في العمل الحكومي بشكل عادي، وتعويض وزراء حزب الاستقلال بوزراء آخرين من مختلف الأحزاب السياسية المشكلة للإئتلاف الحاكم، وإعتبار الحكومة حكومة أقلية داخل قبة البرلمان، إلا أن عدة خبراء وباحثين وسياسيين يستبعدون هذا الخيار، على إعتبار أن الحكومة ستجد صعوبة كبيرة في تمرير مشاريعها بالبرلمان، خاصة مع المعارضة الشديدة التي تواجهها من طرف خصومها السياسة في البرلمان.
وفي سياق ذي صلة شكك القيادي البارز بحزب العدالة والتنمية الحاكم عبد العزيز أفتاتي، في تصريحات حميد شباط الأخيرة، وإتهمه بالكذب، بعد إدعائه بأن الملك محمد السادس إتصل به هاتفيا لحثه على إستمرار وزرائه في الحكومة لتجنب الفراغ الدستوري.
وقال أفتاتي إنه "ليس هناك أي بيان رسمي من الديوان الملكي يؤكد صحة ما إدعاه حميد شباط"، متسائلا عن الجهة أو الجهات التي "خولت له صلاحيات الحديث باسم الملك أو التبليغ عن ما دار بينهما أثناء المكالمة الهاتفية، إذا كانت هناك فعلا مكالمة هاتفية"، وإسترسل كلامه مهاجما خصمه السياسي حميد شباط بالقول "هذا الشخص كذب على الرسول عندما إدعى وجود حديث نبوي يتحدث عن مدينة فاس، فكيف له أن لا يكذب على الملك؟"
وما زالت أغلب قيادات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذين اتصلت بهم "العرب اليوم" يتحفظون من خلال تصريحاتهم على ما سوف يتخذه الحزب الحاكم في رده على خطوة حزب "الاستقلال"، حيث اكتفوا بالقول أن " يجب أن ننتظر ما ستسفر عنه الساعات القليلة القادمة"، أما زعيم الحزب ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، فرفض هو الآخر الإدلاء بأي تصريح في هذا الخصوص، باستثناء البلاغ المقتضب الذي أصدره وجاء فيه: "يعلن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أنه استنادا إلى مقتضيات النظام الأساسي للحزب، التي تخول له صفة الناطق الرسمي باسم الحزب، فإن أي تصريح لمسؤول أو عضو في الحزب بخصوص موقف المجلس الوطني لحزب الاستقلال) من الحكومة، يعتبر موقفا شخصيا ولا يعبر عن الموقف الرسمي للحزب".
وقال محمد الغالي أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاضي عياض في مراكش في معرض تعليقه على ما بدر من بنكيران أن "البلاغ تصرف قانوني من قبل رئيس الحكومة، الذي أجاب بصفته الحزبية جوابا قانونيا على قرار سياسي لم ينتج بعد آثاره القانونية".
وأصدر تيار عبد الواحد الفاسي، الذي يقود تيارا معارضا لحميد شباط داخل حزب "الاستقلال" بيانا عبر من خلاله عن رفضه القاطع لفكرة انسحاب الحزب من الحكومة، طاعنا في شرعية هذا القرار، مستنكرا ما وصفه ب "الخرق السافر لقوانين الحزب من خلال إدراج قضية اتخاذ قرار البقاء أو الخروج من الحكومة كقرار مصيري يهم مصلحة الحزب والوطن، دون أن تتم الإشارة إليه في جدول الأعمال".
وأضاف ذات البيان مهاجما قرار شباط بالقول "جاء هذا القرار وفق سيناريو مكشوف يجعل من المجلس الوطني مؤسسة صورية للمصادقة على قرارات معدة سلفا في الدهاليز". مضيفا أن شباط "إستبعد الآلية الديمقراطية في إتخاذ القرارات الحاسمة والمصيرية دون أي مسوغ قانوني أو أخلاقي، مما يجعل القرارات المتخذة في هذه الدورات باطلة بطلانا مطلقا".
واقترح تيار عبد الواحد الفاسي في البيان "إدراج قرار البقاء أو الخروج من الحكومة في دورة استثنائية للمجلس الوطني، يتم إعتماد التصويت فيها إلكترونيا وبمراقبة محايدة حتى يتسنى الوقوف على حقيقة المزايدات التي يتم اللجوء إليها لتصفية حسابات مزاجية أو لخدمة أجندات خارجية لا علاقة لها بالحزب".