غزة – محمد حبيب أفادت دراسة إستراتيجية أعدها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في غزة إنه لا تقتصر انعكاسات "الانقلاب العسكري" في مصر على مجرد مخاوف الحكومة التي تقودها حماس نتيجة عزل رئيس ينتمي للتيار الإسلامي الذي تنتمي إليه حماس، إذ ترافق الانقلاب مع حملة غير مسبوقة في تدمير الأنفاق بين قطاع غزة ومصر، وإجراءات تشديد الحصار على القطاع، كما ترافق مع حملة تحريض واسعة في الإعلام المصري (المؤيد للانقلاب) ضد حماس .
ولفتت الدراسة التي وصل "العرب اليوم" نسخة عنها، إلى أنه إذا ما تولت الحكم، بدعم من العسكر، اتجاهات مرتبطة بفلول النظام السابق، أو ملتزمين بالرؤية الغربية للمسار الديمقراطي والسياسي في العالم العربي، فليس من المستبعد أن يتعرض قطاع غزة إلى مزيد من الحصار والتضييق بهدف إفشال وإسقاط الحكومة التي تديرها حماس في القطاع، وبهدف دعم السلطة في رام الله وتشجيع مسار التسوية السلمية، غير أن ذلك قد تكون له تداعياته السلبية المباشرة على المصالحة الفلسطينية، وعلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
وتابعت الدراسة قائلةً انعكاسات "الانقلاب المصري" على القطاع تجلت في الأمور التالية: شروع معظم وسائل الإعلام المصرية المنحازة للانقلاب، في توجيه سيلٍ من الاتهامات لبعض الجهات في قطاع غزة، وتحديداً حماس، بالتدخل في شؤون مصر الداخلية، وقف شبه كامل للاتصالات السياسية والأمنية بين حكومة تسيير الأعمال في غزة والسلطات المصرية، استغلال السلطة الفلسطينية للتحولات المصرية، بمطالبة حماس بالعودة للمصالحة، وكأنها كانت الطرف المنتصر في الملف المصري، فيما حماس هي الخاسرة، بسبب إسقاط مرسي، وهو ما أثار من جديد حالة من تبادل الاتهامات بين الجانبين، أدت إلى تعكير الأجواء الهادئة نسبيًا، إغلاق شبه محكم لمعبر رفح، عملية متواصلة من هدم الأنفاق بصورة غير مسبوقة، لم يشهدها فترة حكم مبارك في ذروة خصومته مع حماس، خلال سنوات الحصار الأولى.
وهو ما أدى إلى هدم نحو ألف نفق، وخسارة مادية تُقدر بحوالي 230 مليون دولار، تحليق جوي غير مسبوق للطيران المصري في سماء مدن قطاع غزة الجنوبية، وتحديداً مدينتي رفح وخان يونس، دون أن يتم اعتراضها من الطيران الإسرائيلي، وهو ما فهم على أنه منسق بين الجانبين، وبالتزامن مع الانقلاب، والترحيب الإسرائيلي به، صدرت من بعض الضباط والوزراء فيها، تصريحات متلاحقة بتنامي قوة حماس العسكرية، وتصنيعها للسلاح بديلاً عن التهريب الذي توقف عبر الأنفاق، مما أوجد لدى حماس قلقاً ولو مؤقتاً بإمكانية أن تستغل إسرائيل هذا الانقلاب لاستكمال حربها الأخيرة، التي كان وجود مرسي أحد كوابح استمرارها حتى النهاية.
وتطرقت الدراسة إلى سيناريوهات الحالة المصرية، وانعكاسها على القطاع، قائلةً إنه لا شك أن ما يحصل من حالة المغالبة التي تطغى على الأحداث المصرية، ورغبة طرف الانقلاب بتثبيت ما حصل، وجهود مؤيدي الرئيس المعزول بإعادته للقصر الجمهوري، تنعكس بصورة مباشرة على قطاع غزة. ويمكن هنا استعراض جملة من السيناريوهات المتوقعة في المدى القريب:
عودة مرسي للرئاسة، إذا عاد ستكون أجندته الرسمية مليئة بملفات تبدأ ولا تنتهي، ولن تكون غزة ضمن أولوياتها، ما يعني أن أقصى ما سيقوم به، إنْ تمكن، هو التخفيف من حدة إجراءات الحصار، ووضع حد لحالة التحريض الداخلي ضد الفلسطينيين.
أما السيناريو الثاني: بقاء حالة الاستقطاب الداخلي: وهذا سيكون له أثر سلبي في تشديد الضغط على قطاع غزة، وإغلاق القاهرة في وجه حماس، نظراً لعدم تفرغ العسكر لهذا الملف، واتساقهم مع السياسات الأمريكية وبعض سياسات الدول العربية التي باتت تناصب الحركة عداءً واضحا.
والسيناريو الثالث: نجاح خريطة المستقبل التي وضعها قادة الانقلاب، وهنا يجري الحديث عن نهاية الفترة الانتقالية في مصر، بعد بضعة أشهر، وحصول انتخابات رئاسية، سيفوز بها على الأرجح مرشح مدعوم من الجيش، وقد يكون من فلول النظام السابق أو من القوى الليبرالية. وهنا ستكون حماس على موعد مع استنساخ لنظام مبارك، أقل قليلاً أو أكثر كثيراً، لكنها ستراوح في هذه الدائرة، من حيث اقتصار التعامل المصري معها على البعد الأمني فقط.
وخلصت الدراسة إلى القول إنه ربما يكون السيناريو المحبذ لقطاع غزة وحكومته هو عودة الشرعية الدستورية في مصر، غير أن هذا الاحتمال لا يبدو مرجحاً تماماً في الوقت الراهن. وعلى الحكومة التي تديرها حماس في القطاع أن تضع في اعتبارها وجود حكم غير ودي تجاهها في الأشهر القادمة، وإذا ما استمرت الحملة ضد الإخوان المسلمين، فإن حماس ستأخذ نصيبها من هذه الحملة بسبب ارتباطها بالإخوان.
كما أن هناك أطرافاً عربية ودولية ستدفع باتجاه مزيد من التضييق على حماس وتشويه صورتها، ليس فقط بسبب الوضع في مصر، وإنما بسبب موقف حماس المُعتَمِد لبرنامج المقاومة والرافض لمسار التسوية، وكذلك بسبب سيطرتها على قطاع غزة. وبالتالي، فإن بعض القوى قد تسعى لاستغلال الوضع لدفع نظام الحكم في مصر لاتخاذ إجراءات قاسية تجاه قطاع غزة وصولاً إلى محاولة إسقاط حكم حماس للقطاع، تحت ذرائع محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي المصري وغيرها.
واقترحت الدراسة ما يلي: تفويت الفرصة على إسرائيل في استغلال الانشغال المصري والعربي والعالمي بأحداث مصر، وشن عدوان عسكري قاس، من خلال إجراء قوى المقاومة في غزة لمشاورات مكثفة، وتوحيد قرار التصعيد أو التهدئة بما يخدم الكل الفلسطيني، وتجنيب غزة ما قد يدبر لها إسرائيليًا، وقيام حكومة حماس بحالة من التحشيد الشعبي والاصطفاف الجماهيري حولها، حتى لا تقع في حالة من العزلة التي يراد فرضها عليها من قبل خصوم الداخل والخارج.
عدم وقوف حكومة حماس في حالة الدفاع عن النفس أمام حملة الشحن والتحريض، التي تمارس عليها وعلى الفلسطينيين في غزة من قبل بعض وسائل الإعلام المصرية، بل المبادرة إلى شن حملة مضادة تبرز حرصها على الأمن المصري، وجمع تواقيع من الداخل المصري لتبرئة ساحتها، ورفع دعاوى قضائية ضد من يُشهر بها، ويتهمها من غير سند قانوني، وأخيرا، مطالبة بعض الأطراف الفلسطينية في رام الله، والتي سعت لاستغلال الانقلاب في مصر في تقديم تقارير مشوهة وكاذبة حول حماس والقطاع، بالكف عن ذلك، لما له من انعكاسات سلبية على ملف المصالحة، وعلى الشعب الفلسطيني في القطاع، كما قالت الدراسة.
في سياق متصل نقلت القناة الثانية في تلفزيون الاحتلال عن محلل عسكري بارز, أن الجيش الاسرائيلي قد يكون مضطرا في الوقت القريب لاحتلال صحراء سيناء المصرية وذلك بزعم الحفاظ على أمنه وتخوفه من سيطرة الجهاديين عليها.
وقال المحلل العسكري روني دانيال للقناة , إن الجيش سيكون مضطرا لإعادة احتلال سيناء وذلك في حال تردي الأوضاع الأمنية فيها.
وتشهد سيناء هجمات دموية يومية تستهدف الجيش والشرطة المصرية أودت بحياة ما يزيد عن 30 جندياً منذ عزل الرئيس محمد مرسي بداية شهر تموز/يوليو الماضي.
كما أطلقت عناصر مسلحة عدة صواريخ على مدينة إيلات الاسرائيلية لم تسفر عن إصابات خلال نفس الفترة.