الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح
صنعاء ـ علي ربيع
عاد للظهور مجددًا كعادته في لفت الأنظار، لكن هذه المرة من باب الواقع الافتراضي على شبكة الإنترنت، إذ قام بإنشاء صفحة شخصية على موقع التواصل الاجتماعي" فيسبوك"، أثارت جدلًا واسعًا بين الناشطين من أنصاره ومعارضيه، فيما رحب صالح بخوض أي نقاش
يخلو من الشتائم.
وفيما اعتبر مؤيدوه التسارع غير المسبوق في عدد زوار الصفحة ومعجبيها، دليلًا قاطعًا على شعبية صالح، سخر خصومه من إنشائها، وتداعى بعضهم لإنشاء صفحات مماثلة باسم صالح لتضليل الباحثين عن الصفحة الأصلية، مع إبداء تعليقات تصفه بـ"المخلوع"، وتؤكد أنه انتهى من حياة اليمنيين.
وكان ناشطون مقربون من الرئيس اليمني السباق أعلنوا، الخميس، في المواقع الإخبارية على الإنترنت، وعلى صفحاتهم في مواقع التواصل، تدشين صالح صفحة شخصية باسمه على "فيسبوك" داعين أنصاره ومحبيه للانضمام إليها، ما جعل عدد زوارها يتسارع بشكل غير مسبوق يمنيًا، إذ بلغ عدد من أبدوا إعجابهم نحو 20 ألف شخص في اليوم الأول من إطلاق الصفحة.
وفيما تحمل الصفحة اسم" علي عبدالله صالح"، وتعرفه بأنه الرئيس اليمني السابق، رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، وتسرد سيرة حياته الرسمية، استهل صالح أول منشوراتها برسالة وجهها إلى من وصفهم بـ"أبنائه وبناته شباب الفيس بوك"،مؤكدًا لهم أن "العصر عصر التقنية والسرعة"، وخاطبهم بقوله"من خلالكم، لكل زوار هذه الشبكة، الفاعلة، التي يقولون إن عدد مستخدميها يعد واحدة من أكبر المجموعات البشرية على وجه الأرض أفتتح صفحتي الرسمية، لأكون معكم، في مساحة اليمن بشكل عام، ومساحة المؤتمر الشعبي العام"حزبه" بشكل خاص على هذه الشبكة".
وبرر صالح لإنشاء صفحته على "فيسبوك"، معتبرًا أنها "نوع من الشكر" للشباب الذين ساندوه إبان الانتفاضة العارمة ضد نظام حكمه ابتداء من العام 2011، والتي أجبرته على التخلي عن الحكم وفقًا لاتفاق تسوية سياسية قدمته دول الخليج، كما أنها "نوع من الشكر لأعضاء حزبه "المؤتمر الشعبي" وحلفائه، وجميع فئات الشعب والمستقلين الذين قال إنهم "صمدوا خلال فترة أزمة عاصفة، أرادت أن تقتلع العمل الحزبي، وتعيد اليمن إلى ما قبل التعددية، وهي لا تزال تحاول جر البلاد خارج مشروع الوحدة والديمقراطية".بحسب تعبيره. في إشارة منه إلى خصومه من المعارضة التقليدية الذين كانوا قد ساندوا الاحتجاجات وقادوها لإسقاط نظامه.
وأكد صالح في ختام رسالته، أنه "أصبح مواطنًا في شعبه"، وقال"إن الأوطان، ليست كراسي حكم، ولكنها هوية وشعب وأرض، ونحن نتمنى أن نواصل خدمة هذه البلاد، مواطنين فيها كما خدمناها رؤساء، نحميها، بمزيد من التمسك بالحرية، والديمقراطية، وبالوحدة، وبالحوار طريقًا وحيدًا للاختلاف، وبالانتخابات وسيلة لحماية المشروعية الوطنية للحكم".
وفي حين يظهر صالح في واجهة صفحته على"فيسبوك" وهو يتصفح شاشة جهاز محمول، هنأ في منشور ثانٍ الجمعة، الشباب رواد "الفيسبوك" لمناسبة الجمعة، وأعلن عن استعداده للخوض في أي نقاشات إيجابية والأخذ والرد حولها، شريطة "عدم تبادل الشتائم" على حد قوله.
وكان صالح قد عقد لقاء في منزله، في صنعاء، قبل أيام مع مئات من أنصاره ومؤيديه الشباب مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، في التفاتة منه إلى أهمية الفضاء الافتراضي الرقمي وأهميته في توصيل الرسالة السياسية.
وحكم صالح اليمن طيلة 33 عامًا، حتى أجبرته انتفاضة 2011 على التنحي عن الحكم وفقًا لخارطة طريق تقدمت بها دول الخليج ووافقت عليها الأطراف السياسية اليمنية، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2011، وانتخب نائبه عبدربه منصور هادي توافقيًا خلفًا له، في شباط/فبراير من العام 2012، لمدة عامين انتقاليين.
وبخلاف مصير الزعماء العرب الذين عصفت بهم موجة "ثورات الربيع العربي" فقتلوا أو حبسوا أو فروا، بقي صالح رئيسًا لحزبه على الرغم من تنحيه عن الحكم. واستطاع فوق ذلك أن يحصل على حصانة من الملاحقة القضائية عن طيلة سنوات حكمه هو ومن عمل معه.
ولم ينص اتفاق التسوية السياسية المعروف بـ"المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية" على ترك صالح للعمل السياسي. إضافة إلى أن نجله العميد أحمد علي صالح لا يزال يقود نحو 12 لواء عسكريًا من قوات "الحرس الجمهوري التي لم تطلها قرارات هيكلة الجيش التي أصدرها الرئيس هادي.
من ناحية أخرى، تمكن حزب صالح"المؤتمرالشعبي"من البقاء متماسكًا على الرغم من عدد من القيادات التي انشقت عنه، إبان الانتفاضة، التي رافقتها أحداث عنف طالت المحتجين، وانشقاقات عصفت بالجيش كادت أن تودي باليمن إلى حرب أهلية. كما حاز الحزب بموجب اتفاق التسوية على نصف مقاعد حكومة الوفاق الوطني مع حلفائه، ويشارك حاليًا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ولديه فعليًا نحو 150 مقعدًا من إجمالي مقاعد الحوار الـ565، وهي مقاعد كافية لجعله لاعبًا رئيسيا في تحديد مستقبل اليمن.
وعلى الرغم من الشد والجذب بين صالح وخلفه الرئيس هادي بشأن عدم تخلي الأول عن رئاسة الحزب الذي يشغل فيه الثاني منصب النائب الأول والأمين العام، لكن ذلك لم يفقد صالح ولاءات قيادات الحزب، كما جعله أيضًا يربح المعركة مع معارضيه الذين كانوا يصرون على تركه السياسية ومغادرة البلاد قبل الدخول في أي حوار وطني.
واحتفل في الـ21 من آذار/ مارس الجاري بعيد ميلاده الـ 71 في منزله الواقع في أشهر أحياء العاصمة صنعاء في معية كبار قيادات حزبه وأقاربه، كما أدلى بتصريحات، بشأن مستقبل البلاد، أكد فيها رفضه للفيدرالية المطروحة كحل لمشكلة شكل الدولة في اليمن، واعتبرها مقدمة لفصل الجنوب عن الشمال، وسيناريو لتفتيت وحدة البلاد.
وعلى الرغم من أن آخر بيان رئاسي أصدره مجلس الأمن الدولي، أشار إلى اسم صالح صراحة بجانب نائبه الأسبق علي سالم البيض، باعتبارهما معرقلين للعملية الانتقالية، لكن صالح وحزبه رفضا ما ورد في البيان من اتهامات، وطالبا بأدلة تثبت تورط صالح في إعاقة عملية انتقال السلطة.
يذكر أن صالح كان قد نجا من موت محقق، إثر تفجير استهدفه مع عدد من قيادات الدولة أثناء صلاتهم الجمعة، في مسجد تابع للقصر الرئاسي، في حزيران/يونيو من العام 2011. وخضع جراء الحروق التي التهمت جسده للعلاج في المملكة السعودية نحو ثلاثة أشهر، أجرى خلالها نحو 20 عملية جراحية، قبل أن يعود إلى صنعاء ليواصل مشوار التفاوض مع خصومه حول إيجاد مخرج لإنهاء الأزمة التي عصفت بالبلاد.