عناصر من الامن الباكستاني
إسلام آباد ـ جمال السعدي
قامت مجموعة من "المتطرفين" الإسلاميين التابعين لـ "طالبان" باكستان بإطلاق سراح المئات من المساجين بعد أن شنّت هجومًا مثيرًا على سجن في مدينة ديرا إسماعيل خان التي تقع في الإقليم الغربي في باكستان، وبدأت المجموعة هجومها، قبل منتصف ليل الإثنين، بتفجير قنبلة كبيرة أدت إلى خلق فتحات في جدران السجن، ثم
أعقبت ذلك قصفًا بقذائف الهاون.
وحسب صحيفة "غارديان" البريطانية"، فقد اندفع بعد ذلك قرابة 70 رجلاً مسلحًا في زيّ رجال الشرطة من خلال تلك الفتحات، وقاموا بإلقاء القنابل اليدوية، وإطلاق صواريخ آر بي جي، مما أسفر عن مقتل ستة من رجال الشرطة، ثم قاموا بعد ذلك بفتح زنزانات المساجين، وأطلقوا سراح 250 سجينًا.
وتقول السلطات الباكستانية: إن المساجين الذين أطلق سراحهم كان من بينهم 24 سجينًا إرهابيًا.
وجاء الهجوم عشية التصويت لاختيار رئيس جديد، كما يؤكد الهجوم من جديد على مدى الضعف الذي تعاني منه الدولة في باكستان، وعدم قدرة المؤسسات الأمنية والقضائية على الحفاظ على الأمن في البلاد.
وتعرّض أحد المكاتب الرئيسية لوكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي"، الأسبوع الماضي، لهجوم، في حين أسفر هجوم آخر عن مقتل ما يزيد على 50 من المسلمين الشيعة، وخلال الهجوم الأخير على السجن، مساء الإثنين، لقي ستة من المساجين الشيعة حتفهم، والمعروف أن باكستان تسكنها غالبية سنيّة.
ويخضع السجن لحراسة شديدة، وهو يقع في منطقة ديرا إسماعيل خان، التي تقع بالقرب من المناطق القبلية الباكستانية الحصينة التي تتمتع بقدر من الاستقلال الذاتي.
وأعلن متحدث باسم حركة "طالبان" باكستان، التي تضم ائتلافًا من الجماعات المتطرفة المحلية، مسؤولية الحركة عن الهجوم، وقال عبر مكالمة هاتفية من مكان غير معلوم في تصريحات أدلى بها إلى وكالة "أسوشيتيد برس" الأميركية: إن ثمانية من المهاجمين كانوا يرتدون سترات انتحارية، وقام اثنان منهم بتفجير نفسيْهما.
وادّعت الحركة مسؤوليتها عن هجومين سابقين وقعَا خلال هذا الأسبوع، ومسؤوليتها عن إطلاق النار خلال الشهر الماضي على عشرة من متسلقي الجبال في مُخيّم في مرتفع نانغا باربات الشهير.
وأدّت تلك الهجمات إلى تبديد الآمال التي كانت معقودة على إنهاء العنف في أعقاب انتخاب نواز شريف رئيسًا للحكومة الباكستانية الجديدة.
وقال بعض المحلّلين "إن الموقف المتردّد الذي تتخذه النخبة السياسية تجاه حركة (طالبان باكستان) ربما يكون ساهم في تشجيع (طالبان) على شن تلك الهجمات".
وقال نجم الكريكيت الباكستاني الشهير عمران خان الذي كان مرشحًا لمنصب رئيس الوزراء من قبل "إن السبيل الوحيد لإنهاء العنف هو التفاوض مع المتطرّفين".
وكشفت تلك الهجمات عن وجود صلات وثيقة بين "طالبان" باكستان وجماعات طائفية محلية.
وقالت وسائل الإعلام المحلية "إن هناك ثمانية من المهاجمين على الأقل يرتدون زيّ الشرطة أثناء دخولهم السجن على متن دراجات نارية وهم يحملون أعلام (طالبان)، وكانوا يستخدمون مُكبّرات الصوت للنداء على مساجين بعينهم".
وقام المهاجمون أثناء الهجوم باحتلال منزل قريب من السجن، وقاموا باحتجاز عدد من سكان المنطقة كرهائن أثناء تبادل النيران مع الشرطة.
وكانت السلطات الباكستانية تلَقَّت خطاب تهديد بهجوم وشيك على السجن، ولكنها لم تتوقَّع أن يكون بمثل هذه السرعة.
وقال مُسلّحون بعد الهجوم إنهم تلقَّوا مساعدة من أفراد داخل أجهزة الأمن الباكستانية، فقد كشفت التحقيقات الأوّلية عن قلّة عدد الحرس أثناء الهجوم، بالإضافة إلى أنه لم تكن هناك ذخيرة كافية.
ويَتَرَدّد أن عدنان رشيد -الذي كتب في الآونة الأخيرة خطاب اعتذار للتلميذة مالالا- هو العقل المُدبّر للهجوم الأخير.