قائد الفرقة السابعة عشرة في الجيش العراقي
بغداد ـ نجلاء صلاح الدين
طالب رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، الأجهزة الأمنية بإعادة النظر في الإجراءات الأمنية التي أثبتت عدم فعاليتها في الحد من الخروقات المتكررة التي كبدت العراق خسائر جسيمة. جاء ذلك خلال هروب عدد من السجناء ومقتل آخرين بينهم قادة في تنظيم القاعدة في عملية الهجوم المسلح ومحاولة
الاقتحام التي حدثت مساء الأحد في سجني التاجي وبغداد المركزي [أبو غريب سابقا] شمال وغرب العاصمة بغداد.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي الاثنين إن "بعض السجناء من قادة القاعدة في سجن أبي غريب تمكنوا من الهروب فيما قتل سجناء آخرون أثناء محاولتهم الهروب من قبل القوات الأمنية ولكن لم نعرف عددهم لحد الآن وهناك تكتم من قبل إدارة السجن على الأمر ونحن على اتصال دائم معهم"، مشيرا إلى أنه "تمت السيطرة على السجنين".
وأضاف أن "عمليات حرق وشغب حصلت في سجن أبي غريب صاحبتها إجراءات ضعيفة في حماية السجن وسيطر بعض النزلاء على مشاجب الأسلحة واتضح فيما بعد أن هؤلاء كانوا يمتلكون أسلحة ورمانات يدوية"، متسائلا "كيف حصل السجناء على الأسلحة إن لم يكن هناك تواطؤ واضح من قبل ادارة السجن ومسؤوليها".
وأشار عضو لجنة الدفاع النيابية إلى "وجود تواطؤ واضح في العملية من قبل بعض المسؤولين على إدارة السجون الذين لديهم القدرة على تهريب قيادات تنظيم القاعدة إما بالترغيب أو الترهيب"، مبينا أن "بعض الإجراءات لا تتخذ بشكل جيد في حماية السجون منها وضع المشاجب والأسلحة قريبة من السجناء، وبعد حدوث أي أعمال الشغب يسيطر عليها السجناء كما حصل الأحد في سجني التاجي وأبي غريب، رافقتها أعمال شغب وحرق".
وأضاف أن "هذه العملية لم ولن تكون الأخيرة في تهريب السجناء التي أصبحت مألوفة ومتكررة وأمرا واقعا، وللأسف إن إدارة السجون لم تكن بالمستوى المطلوب".
وعد الزاملي العملية بأنها "رسالة واضحة بأن التنظيمات المسلحة لديها القدرة والتأثير حتى إن تم إلقاء القبض على أحد قادة المجاميع المسلحة فبإمكانهم تهريبه وتحريره وكذلك تنفيذهم لعمليات إرهابية يبين أن لهم سطوة ووجود في العراق وهذه تعطي رسالة مخطوءة ومشؤومة للشعب بأن للجماعات المسلحة وجودا وهيمنة".
وتابع المصدر أن "الهجوم كان منسقا بشكل كبير، وبدأ بتوقيت واحد من خلال قصف السجنين بقذائف الهاون، بعدها قام ستة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة بمهاجمة بوابات السجنين بمعدل ثلاثة انتحاريين لكل سجن وسط غطاء من إطلاق نار كثيف من أسلحة رشاشة متوسطة وخفيفة".
وأضاف أن "الهجوم رافقته عملية هروب للسجناء من سجن أبي غريب لم تعرف أعدادهم بعد، فيما لم تحدث عملية هروب من سجن التاجي، مبينا أن القوات الأمنية شددت من إجراءاتها في محيط السجنين وبدأت عملية تفتيش بحثا عن السجناء الهاربين".
يذكر أن سجني التاجي وأبي غريب قد تعرضا في أكثر من هجوم مسلح وشهدا مرات عدة هروبا للسجناء إضافة إلى إحباط العديد من المحاولات الفاشلة".
فيما كشفت مصادر أمنية ونيابية، الاثنين، هروب قرابة 500 إلى 1000 نزيل من سجن أبي غريب المركزي في العملية التي تعرض لها المعتقل قبل أقل من 24 ساعة، مؤكدة أن معظمهم من عناصر تنظيم القاعدة.
وكان قائد الفرقة السابعة عشرة في الجيش اللواء الركن ناصر الغنام استقالته من منصبه لوجود تدخلات سياسية في عمله الأمني، وعزا في اعلان استقالته إلى "القرارات والأوامر غير المهنية والتي تسببت وتسبب هذه الفوضى والإرباك في الملف الأمني، وجاءت الساعة التي يجب اتخاذ القرار المناسب فيها، ألا وهو الاستقالة من الخدمة في القوات المسلحة لكي لا نسأل أمام الله وشعبنا على ما يحدث بحق أهلنا ومنتسبي قواتنا المسلحة من قتل عشوائي بسبب السياسات الخاطئة للقيادات العسكرية العليا والمزاجية والعشوائية في اتخاذ القرارات، تاركين موقعنا ونحن في قمة العطاء".
وقال الزاملي إن "الغنام هو واحد من القيادات الأمنية المساهمة والمؤثرة في حفظ الأمن وكان من الضباط الحازمين على الرغم من وجود أخطاء إدارية لديه، والشدة في التعامل احيانا".
وأضاف أن "الغنام كان من الضباط الذين لهم دور بارز في حفظ الأمن في المناطق المشرف عليها كاللطيفية وصولا إلى حدود قاطع أبي غريب واستقالته جاءت بعد اعتقاده بوجود بعض الأوامر التي تعطى له من بعض السياسيين، ولكن الرضوخ لهذه المطاليب سيؤثر على سير العمل العسكري في تلك المناطق".
يشار إلى أنه وبعد اعلان الغنام استقالته من منصبه أعلنت وزارة الدفاع إيقاف الإجراءات القانونية بحق العسكريين من مرتكبي جرائم الغياب والهروب والمستقيلين من منتسبي قيادة فرقة المشاة السابعة عشرة التي يترأسها الغنام.
ودعت الوزارة بحسب بيان لها تلقت "عرب اليوم "نسخة منه "المشمولين بالقرار الى الالتحاق بوحداتهم خلال مدة أسبوع اعتباراً من 22 من الشهر الجاري".
وتعرض سجنا الحوت في قضاء التاجي شمالي بغداد وسجن بغداد المركزي في قضاء ابو غريب غربي العاصمة، مساء أمس الأحد إلى قصف بقذائف الهاون وتفجيرات انتحارية، أعقبه هجوم مسلح واشتباك مع حراس السجنين في محاولة لاقتحامهما، ما أدى إلى سقوط تسعة قتلى و17 مصابا جميعهم من حراس سجن الحوت، و11 قتيلا و27 جريحا بينهم حراس سجن بغداد المركزي وعناصر في الشرطة الاتحادية.
وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حامد المطلك، الأحد، أن العملية السياسية أصبحت فاشلة لأن الحكومة لا تمتلك منهجا علميا للأجهزة الأمنية والوزارات، داعيا السياسيين جميعا إلى الاستقالة.
وقال المطلك في حديث "عرب اليوم" إن "مسلسل القتل مستمر منذ 2003، ولا أتوقع انتهاءه، لأننا لم نستطع أن نقدم منهجا تسير عليه الحكومة"، مؤكدا وجود "ميليشيات تسرح وتمرح وتقتل كيفما أرادت".
وأضاف المطلك أنه "في السابق كنا نقول بأن هناك قتلا بين السنة والشيعة والعرب والكرد، لكن الآن القتل يستهدف الإنسان ووحدة العراق، ولا يميز بين الملهى والجامع والمقهى"، معدا أن "الحكومة تقف عاجزة بسبب عدم قدرتها على تطبيق القانون، لذا فقد عجزت عن المعالجة".
وأشار المطلك إلى أن "الحكومة لا تمتلك منهجا علميا للأجهزة الأمنية والوزارات لتعمل عليه، وبالتالي أدى هذا إلى فشل العملية السياسية"، موضحا بأن "السبب هو انشغال الجميع بالمكاسب والصراعات السياسية والانقياد وراء الإملاءات الخارجية".
وشدد المطلك بالقول "إننا فشلنا وعلينا جميعا أن نستقيل، لكن كيف نستقيل ونترك البلد في الفوضى، علينا أن نجد حلولا للمعالجة، وأن الحل الأمثل هو استعمال القانون بالعدل بين الناس، وإقامة الحساب والحد على المسيء"، مشيرا إلى أنه "عند ذلك لا يستطيع القوي الاستقواء على الضعيف، وسيشعر الضعيف بالأمان من الظالم".
وقال جواد الشهيلي عضو اللجنة النيابية في البرلمان العراقي "عرب اليوم "، إن "المؤسسة الأمنية لا ترتقي إلى مستوى الطموح"، مشيرا إلى أنها " أصبحت تمول الإرهاب من خلال الفساد الموجود فيها".
وأوضح أن "بيع المناصب في وزارتي الدفاع والداخلية وصلت إلى حد غير معقول، حيث تباع بمبالغ مالية طائلة، ويتم ذلك بالاتفاق عليها من قبل القيادات العليا".
ويرى عضو لجنة النزاهة ان "من غير المعقول ان لا تستطيع مؤسسة أمنية فيها 1.2 مليون عنصر موجودين على الأرض، ان تفرض سيطرتها على متر واحد فيها، لذلك هي بحاجة الى غربلة والمجيء بأشخاص ذوي عقول نيرة ولديهم حرص على وطنهم".
وشهدت العاصمة بغداد في الأيام الماضية سلسة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة أسفرت عن مقتل وإصابة المئات غالبيتهم من المدنيين بهجمات تعد هي الأعنف منذ أعوام في العراق.
من جهتها نشرت شبكة حنين "الجهادية" في بيان على موقعها اطلعت عليه "العرب اليوم"، أن "سجن أبي غريب سيء الصيت يتحول إلى خبر كان".
وأضاف البيان أن "الإخوة المعتقلين داخل السجن كان لهم الفضل، في اقتحام السجن حيث بدأوا بالقيام بأعمال شغب في السجن أسفرت عن السيطرة على بعض أسلحة الحراس مما أسهم في تسهيل اقتحام الأخوة للسجن من الخارج".
وتابع البيان أنه "بلغنا وصول آلاف الإخوة خارج أسوار سجن التاجي".
وتكررت في العراق عمليات مماثلة أكبرها الهروب الجماعي في سجن تكريت الذي كان يضم العشرات من المدانين بقضايا "إرهاب".
وتشهد العاصمة بغداد تردياً ملحوظاً في الأوضاع الأمنية، وقتل 65 شخصاً وأصيب 190 آخرون بجروح بانفجار 12 سيارة مفخخة وعبوتين ناسفتين ضربت مناطق متفرقة في العاصمة بغداد الأحد. وبحث رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم مع رئيس ائتلاف العراقية الأمين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي إياد علاوي الأوضاع السياسية التي يشهدها العراق.
وذكر بيان لرئيس ائتلاف العراقية تلقت "العرب اليوم "نسخة منه الاثنين أن "الحكيم التقى علاوي في مكتب الأخير، وجرى خلال اللقاء استعراض الأوضاع السياسية التي يشهدها العراق وضرورة تكاتف الجهود لمعالجة تلكؤ العملية السياسية وانعكاستها على قطاعات الحياة كافة، وبخاصة الأوضاع الأمنية وضرورة الحفاظ على أرواح العراقيين من الخروقات الأمنية المتكررة التي تشهدها محافظات العراق، وبخاصة تفجيرات بغداد الأخيرة".