وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون
واشنطن ـ يوسف مكي
دعت إلى زيادة حجم التدخل العسكري والسياسي الأميركي في شمال أفريقيا، وحذرت كلينتون من صعوبة هذا الصراع وقالت إنه سيستغرق وقتا ولكنه ضرروي من أجل الحد من "انتشار الخطر الجهادي" في المنطقة، وطالبت بقيادة أميركية للحرب على الإرهاب في هذه
المنطقة، مشددة على أن ضعف دول شمال أفريقيا وحكوماتها الثورية جعل المنطقة أكثر عرضة للهجوم الأمر الذي يتطلب دعمًا أميركيًا.
كما وصفت كلينتون التدخل الفرنسي ضد "الإسلاميين" المسلحين في مالي بأنه أكثر الأزمات إلحاحا، ولكنها قالت بأن تنظيم القاعدة في المنطقة الذي تسلح من جديد وازداد قوة ونشاطًا في أعقاب الثورات العربية، بات يهدد أيضا حلفاء لأميركا مثل نيجيريا الغنية بالنفط وكذلك الحكومة الناشئة في ليبيا.
وقالت كلينتون فى استجواب أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن "الجهاديين" في شمال أفريقيا يشكلون تهديدًا مباشرة للولايات المتحدة، وطالبت بدور أكبر لقيادتها العسكرية الخاصة بأفريقيا والتي تتخذ من ألمانيا قاعدة لها والمعروفة باسم أفريكوم كما طالبت بتزويد الحكومات في المنطقة بما يساعدها على الدفاع عن نفسها.
كما قالت "نحن نواجه الآن خطر انتشار التهديد الجهادي لكن لقد نجحنا في إخراج الكثيرين من أعضاء تنظيم القاعدة من أفغانستان وباكستان وقتلنا العديد منهم بمن فيهم بن لادن لكننا أدركنا أن هذا التنظيم حركة عالمية".
ووصفت كلينتون تنظيم القاعد في شمال أفريقيا بأنه "ليس فقط تنظيم إرهابي وإنما أيضا مؤسسة إجرامية" وحذرت من الاعتقاد بأنهم طالما كانوا في شمال أفريقيا ولم يهاجموا الأراضي الأميركية فإنهم لا يشكلون خطرا على الولايات المتحدة. وقالت إن ما ينبغي أن تدركه أميركا هو أنها في صراع طويل الأمد.
وفي أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع الأسبوع الماضي على منشأة الغاز الجزائرية والتي أسفرت عن مقتل 37 أجنبي وجزائري، قالت بريطانيا أنها سوف تتحول من مجرد التركيز على أفغانستان وباكستان والشرق الأوسط إلى ما أسماه ديفيد كاميرون بـ"صراع الأجيال" ضد تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا.
وأشارت كلينتون في ذلك السياق إلى مالي حيث تقوم القوات الأميركية هناك بتقديم الدعم اللوجيستي للقوات الفرنسية التي تحارب الجماعات الإسلامية التي تسيطر على شمال مالي.
وحذرت كلينتون من أن ما يحدث في مالي قد ينعكس في أفغانستان وذلك في ضوء حجم تلك القوات الإسلامية في مالي وفي ضوء جغرافية الأرض حيث تقول بأنها ليس مجرد صحراء وإنما كهوف أيضا. وأكدت على ضرورة عدم السماح لأن يصبح شمال مالي ملاذ آمن لهؤلاء.
وقالت كلينتون إن ضعف دول شمال أفريقيا وحكوماتها الثورية جعل المنطقة أكثر عرضة للهجوم الأمر الذي يتطلب دعمًا أميركيًا.
واعربت عن الاعتقاد أن أميركا تعمل على تطوير الأمن في المناطق المحيطة بمالي وأن الجزائر هي الوحيد التي تتوافر فيها قدرات أمنية حقيقية أما أغلب البلدان الأخرى المحيطة بمالي لا تملك تلك المقدرة.
وقالت أيضا إن أميركا تحاول الآن حشد قوة أفريقية من دول الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حتى يمكن أن يكون الجنود الأفارقة هم الجبهة الأمامية في هذا الصراع.
وأضافت كلينتون أن الاستراتيجية الأميركية تحسنت وأنها تأمل في ألا تقتصر على تمكين تلك الحكومات من الدفاع عن نفسها حتى يدرك الناس أن هؤلاء الإرهابيون لا يعبرون عنهم وعن قيمهم، وإنما تأمل كذلك على زيادة دعم الديموقراطية وإتاحة الفرصة الحقيقية للثوارات العربية كي تنجح.
لكن صحيفة غارديان البريطانية تعتبر أن الصورة التي تعكسها كلينتون لا تنطبق على مالي في ضوء أن الحكومة العسكرية في مالي كانت قد قامت بالإطاحة بحكومة ديموقراطية عندما تولت السلطة.
وتستشهد كلينتون بالصومال كمثال نموذجي للدعم العسكري والدبلوماسي الذي يمكن أن تتبعه الولايات المتحدة في إبعاد خطر الإرهابيين، حيث كانت جماعة الشباب "قبل أربع سنوات واحدة من أكبر مصادر التهديد ليس فقط لشرق أفريقيا وإنما للولايات المتحدة ذاتها".
وقالت كلينتون أن قيام الولايات المتحدة بتدريب القوات الأوغندية والبورندية للتدخل في الصومال وقيامها بتقديم الدعم المالي والخبرات، قد ساهم في تغيير المعادلة في الصومال وتراجع خطر جماعة الشباب. مؤكدة أن أميركا سوف تكرر ذلك النموذج في شمال أفريقيا.
وعللت كلينتون حالة عدم الاستقرار إلى تدفق الأسلحة على المنطقة من عدة دول شرق أوسطية وشمال أفريقيا وخاصة من ليبيا بعد سقوط تظام القذافي الذي تعرضت ترسانته العسكرية للنهب والسلب. وأكدت على أن الارهابيين الجزائريين قد حصلوا على اسلحتهم من ليبيا وكذلك الحال بالنسبة للإرهابيين في مالي.
وقالت أيضا إن الولايات المتحدة بحاجة إلى أعادة النظر في دور قيادتها العسكرية الخاصة بأفريقيا والتي تتخذ من ألمانيا قاعدة لها والمعروفة باسم أفريكوم.
وكانت كلينتون قد وقفت أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ كي تدلي بشهادتها حول الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في بنغازي وأسفر آنذاك عن مقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة أميركيين آخرين. وقد بدت بصفة عامة واثقة من نفسها وهي تدلي بشهادتها كما اعترفت بالقصور الأمنى وأكدت على أن وزارة الخارجية الأميركية تواجه مخاطر أمنية في ذلك الوقت بداية من القاهرة وحتى الهند بسبب الفيلم المعادي للإسلام الذي قام رجل مسيحي بإنتاجه في كاليفورنيا . كما أنكرت أنها تجاهلت شخصيا طلب بزيادة الأمن في بنغازي.