جانب من أعمال الدورة الثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب
بيروت ـ جورج شاهين
أكد وزير الداخلية والبلديات اللبناني العميد مروان شربل أن النداء الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين، منذ بداية الأحداث في سورية، يحمل في طياته تغليب الحكمة، ويتقاطع مع الموقف الرسمي اللبناني، القاضي باعتماد الحوار في حل الأزمة السورية، وتطبيق سياسة "الحياد" المرتكزة إلى إعلان بعبدا. جاء ذلك
أثناء افتتاح أعمال الدورة الثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب، المنعقد في الرياض، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وحضره 21 وزيرًا للداخلية من دول أعضاء المجلس، وممثلين عن الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحاد المغرب العربي.
وشدد شربل على أن الحكومة الحكومة اللبنانية ملتزمة بدعم العائلات السورية النازحة، ضمن الامكانات المتاحة، دون تمييز أو تفرقة، معتبرًا أن هذه الامكانات وصلت إلى حدودها القصوى، وبات من الضروري أن يحصل لبنان على مساعدات عاجلة، حتى يتمكن من القيام بواجبه الإنساني تجاه النازحين، الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، حتى بلغوا المليون، الأمر الذي يستدعي ملاقاة هذا الرقم بالحد الأدنى من الدعم العربي والدولي، لافتًا إلى أن الوضع وصل إلى مستويات خطيرة، لا يستطيع معها لبنان التعامل بمفرده، سيما وأن هذا الوضع، إذا استمر وطال، سيؤدي إلى توترات وصراعات، من شأنها أن تؤثر على السلم الأهلي اللبناني.
وأشار شربل إلى أن "لبنان يعول على الأشقاء العرب في دعم جهود الحكومة اللبنانية، لإغاثة النازحين، حفاظًا على الأمن والاستقرار الداخلي اللبناني، وبالتالي للتخفيف من مأساتهم حتى عودتهم إلى ديارهم"، معربًا عن تقديره لما قدمته بعض الدول العربية، سيما دول الخليج العربي.
وشكر شربل المملكة العربية السعودية على استضافتها، ونقل تحية وتقدير لبنان رئيسًا وحكومة وشعبًا، مقرونة بتمنياتهم لإنجاح أعمال مجلس وزراء الداخلية العرب، سيما وأنه ينعقد في ضوء ظروف بالغة الدقة تعيشها بعض دول المنطقة، وتتطلب بذل الجهود لتعزيز التعاون، بغية توفير الأمن والاستقرار، الذي هو بوابة العبور إلى التطور والتنمية، حيث قال "يطيب لنا أن نعبّر عن سرورنا لوجودنا في المملكة العربية السعودية، الحاضنة للبنان، والمساندة له، منذ تأسيسها وحتى اليوم، ولا يمكن أن ننسى مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز تجاه وطننا، ووقوفه دائمًا إلى جانبه في الأزمات الصعبة، سيما وقفته في العام 2006، ومساعدته للخروج من كل المحن التي تعرّض لها، وهو الدور التقليدي في العلاقات التاريخية بين المملكة ولبنان، الذي لا ينسى أبدًا أنها كانت الراعية لسلمه الأهلي عندما وضعت اتفاق الطائف خاتمة حرب مريرة وطويلة، ولن ينسى أيضًا وقوف الأشقاء العرب إلى جانبه في أحلك الظروف، سيما في الحروب التي شنتها إسرائيل، ودور دول الخليج في إعادة الإعمار، وإزالة آثار العدوان".
وأضاف شربل قائلاً "لا يمكننا أن ننسى النداء الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين، منذ بداية الأحداث في سورية، لإيقاف سفك الدماء، والعمل على إحلال الود والإخاء، بدل العنف والشقاق، لتكون سورية الوطن العربي الأبي، وهذا ما ذكّرت به كلمة المغفور له الأمير نايف بن عبد العزيز في حفل افتتاح أعمال الدورة السابقة، وهذا النداء الذي يحمل في طياته تغليب الحكمة، يتقاطع مع الموقف الرسمي اللبناني القاضي باعتماد الحوار في حل الأزمة السورية، وتطبيق سياسة الحياد المرتكزة إلى إعلان بعبدا، الذي أطلقه الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، لتجنب انعكاساتها وتداعياتها، وتبنته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والتزمته طاولة الحوار".
وتابع شربل في معرض كلمته قائلاً "هذا النداء بات حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى، لتوفير الأمن والاستقرار والرفاهية لمجتمعات المنطقة، سيما وأنه يجسد كل المعاني السامية، التي تجمع الأخوة في العروبة، والإنسانية، إن تمنياتنا أن يعم الاستقرار والأمن في سورية، وفي كل البلدان العربية، التي تشهد تحولات، أظهرت مدى الحاجة إلى السلم الأهلي، باعتباره شرطًا أساسيًا لكل مسار تنموي، وإلى احترام مدوّنة قواعد سلوك رجل الأمن العربي، المتضمنة جملة من الأسس والقواعد الواجب اتباعها عند تنفيذ القوانين، ولا سيما على مستوى احترام حقوق الإنسان".
ولفت شربل إلى أن لبنان يثمن إنجاز مجلس وزراء الداخلية العرب الاتفاق العربي لمكافحة "الإرهاب"، لمواجهة هذه الظاهرة ومخاطرها، قبل غيره من الهيئات والمنظمات الدولية المماثلة، ويؤيد رفض المجلس إلصاق تهمة "الإرهاب" بأي عرق أو دين، حيث قال "نشير إلى أن الأجهزة الأمنية اللبنانية فخورة من خلال استخدامها التكنولوجيا المتطورة والتقنيات الحديثة في كشف الجرائم، لاسيما تفكيك شبكات تجسس العدو الإسرائيلي، والمنظمات الإرهابية، والجرائم المتسلسلة، وقامت بإتلاف الزراعات الممنوعة من حشيشة الكيف والأفيون، ونشطت في مكافحة شبكات تهريب المخدرات والسيارات وتزييف العملات، ما أدى إلى انخفاض هذه الجرائم إلى حد كبير".
وثمن شربل التعاون الإيجابي بين الأجهزة الأمنية اللبنانية وبعض الدول العربية الشقيقة، حيث قال "نثني على ما تساهم به جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، في رفع المستوى العلمي لرجال الأمن في الدول العربية كافة، لاسيما لبنان، وتوفر لهم ما يحتاجونه من تدريب ومؤتمرات وتبادل للخبرات، التي تهدف إلى خدمة مجتمعاتنا العربية".
وكانت أعمال الدورة قد افتتحت بكلمة خادم الحرمين الشريفين المللك عبدالله بن عبد العزيز، التي ألقاها نيابة عنه وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف عبد العزيز، الذي أشار إلى أن مواجهة التحديات المحيطة بالأمن العربي تتطلب تشخيصًا دقيقًا للتحديات، وصولاً إلى صياغة رؤية أمنية عربية شاملة، في ضوء مواجهة تتسم بالحكمة السياسية والالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية، وتقوية التماسك الاجتماعي، وإدراك الأجهزة الإعلامية العربية خطورة بث روح الفرقة والانقسام، وأن لهذه الوسائل دور مهم في الوحدة العربية، في ضوء القيم الخالدة والتاريخ المشترك والمصير الواحد الذي يجمع بين العرب.
وشدد الوزير السعودي على أن المملكة ساندت كل جهد عربي أو إقليمي أو دولي يهدف إلى مكافحة الجريمة، وفي مقدمتها جريمة "الإرهاب".
من جانبه، ركز الأمين العام للمجلس الدكتور محمد كومان على أن "تصور للعملية الأمنية خارج نطاق شراكة متينة بين رجل الأمن والمواطن، وبين الشرطة والمجتمع، لا بد أن تؤول إلى الفشل الذريع، وأن الوسيلة المثلى لإقامة هذه الشراكة تقوم على مد جسور الثقة بين الجانبين، وإزالة ركام من الريبة والتوجس، عبر احترام حقوق الإنسان وكرامته"، لافتًا إلى "إن انتشار الفكر المنحرف المتشدد، والفتاوي الضالة، بفعل الانفلات الإعلامي، كان له انعكاس كبير على ظاهرة الإرهاب، حيث شهدنا زيادة ملحوظة في الأعمال الإرهابية، والاغتيالات السياسية، والنزاعات الطائفية"، موضحًا أن مواجهة هذا الفكر هي "بالتركيز على خطاب تصحيحي، يفند الفكر الضال، وينقذ المغرر بهم من درك الغواية إلى برّ الأمان".