تونس ـ أزهار الجربوعي أعلن مصدر طبي وآخر مقرب من التيار السلفي إلى "العرب اليوم" وفاة أحد عناصر أنصار الشريعة، مساء الأحد، يُدعى معز الدهماني (26 عاما)، جراء الاختناق بالغاز المسيل للدموع وإصابته في المواجهات التي اندلعت بين قوات الأمن وأنصار التيار السلفي في ضاحية حي التضامن في العاصمة التونسية. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية، في بيان لها عن إصابة 11 مساعد أمن أحدهم إصابته خطيرة وجرح  3 محتجين.
  وأكدت الداخلية التونسية أن الحالة الأمنية في منطقة حي التضامن، عادت إلى الهدوء النسبي بعد أن حاول بعض المتشددين دينيّاً اقتحام مقر إقليم الحرس الوطني ومحاولة حرق مُدرّعة والاعتداء على عناصر الأمن باستعمال الزجاجات الحارقة والأسلحة البيضاء (سكاكين وسيوف ومواد صلبة)، مشيرة إلى أن عدد المحتجين قُدّر بقرابة 700 شخص.
ونفى المُتحدّث الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي أن تكون وزارة الداخلية قد أعلنت منطقة حي التضامن منطقة أمنية مغلقة، مُستبعداً إمكانية إعلان حظر التجوّل بهذه المنطقة خلال الساعات المقبلة.
وأكد شهود عيان وبعض أهالي حي التضامن لـ"العرب اليوم" أن عددا من المُندسين استغلوا حالة الاحتقان والتوتر في منطقة حي التضامن ومدينة القيروان وقاموا بحرق المقرات الأمنية، مشيرين إلى أن المسؤولين عن عمليات التخريب والحرق ليست بعناصر سلفية أو تابعة لأنصار الشريعة.
وأكدت المصادر نفسها أن السلفيين استجابوا لدعوة تنظيم أنصار الشريعة وقرروا الانسحاب من المواجهات.
 فيما أصدر شيوخ السلفية في تونس، المتكون من 9 من أكبر علماء ومنظري التيار السلفي، بياناً طالبوا فيه الحكومة بـ "التعقّل والقطع مع أسلوب القمع والتّمييز في تعاملها مع شباب الصّحوة الإسلامية"، داعياً أنصار الشّريعة إلى تأجيل مؤتمرهم للأسبوع المقبل أو الذي بعده، استجابة لوعود حكوميّة بانعقاد هذا اللّقاء بصفة رسميّة و "حفاظا على سلامة العباد والبلاد، وحقنا لدماء شباب الصّحوة الاسلامية.
  وطالب شيوخ السلفية أنصارهم بالانسحاب التدريجي والهادئ من مدينة القيروان دون احتكاك بالشّرطة والجيش، وأن يبقوا معتكفين في المساجد حتّى تنسحب تلك القوّات.
  وشدد شيوخ السلفية على أنّ تحكيم الشّريعة هو مطلب شعبيّ عامّ وجب على الحكومة أن تستجيب له.
 واستجاب أنصار الشريعة لدعوى شيوخ السلفية، بتأجيل ملتقاه السنوي الثالث الذي كان مقررا الأحد 19 أيار/مايو  في القيروان بعد تلقيهم وعوداً من بعض أعضاء الحكومة بالوصول إلى حل توافقي بين الإطراف كافة من أجل تنظيم المؤتمر في وقت لاحق.
  وأمّنت قوات الأمن التونسي تسهيل عملية خروج أتباع تيار أنصار الشريعة السلفي الذين تحصنوا داخل جوامع مدينة القيروان، وذلك استجابة للدعوة التي أطلقها رئيس الجمعية الشرعية للعاملين بالقرآن والسُّنة محمد خليف بتسيير بتسهيل عملية خروجهم من المدينة دون التعرض للاستفزاز أو الاعتقال في الحواجز الأمنية.
وشهدت منطقة حي التضامن في العاصمة التونسية، مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وعناصر منضوية تحت لواء التيار السلفي، بعد أن قرر تيار "أنصار الشريعة" تغيير مكان عقد مؤتمره السنوي إلى العاصمة، فيما طالب السلفيون بإطلاق سراح المتحدث الرسمي باسم التيار، سيف الدين الرايس، الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية مساء السبت، لتهمة تهديد الإعلاميين بالقتل وإهدار دم رجال الأمن.
 واستعملت الوحدات الأمنية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، في محاولة لتفريق هذه المجموعات، ولا تزال الاشتبكات متواصلة في عمليات كر وفر متواصلة، حتى هذه اللحظة.
ويعيش حي تضامن حالة من الرعب والفزع، بعد حرق مركز الحرس الوطني، مما أدى إلى انفلات أمني ودوي كثيف لإطلاق الرصاص، في الوقت الذي حشدت فيه مجموعات من تيار "أنصار الشريعية" أنصارها في المنطقة، لعقد اجتماع غير مرخص له من قبل وزارة الداخلية، التي قررت حظر الأنشطة الدعوية والتجمعات السلفية من دون الحصول على إذن قانوني مسبق، وهو ما استدعى تدخل وحدات الأمن لتفريقهم باستعمال كثيف لقنابل الغاز المسيل للدموع .
ودعا السلفيون المحتجون إلى إطلاق سراح المتحدث الرسمي لتيار "أنصار الشريعة" سيف الدين الرايس، الذي تم اعتقاله، مساء السبت في مدينة القيروان وسط البلاد، لتهمة التحريض على القتل وإهدار دم الاعلاميين ورجال الأمن، فيما اعتقلت أجهزة الأمن 4 عناصر، قالت إنهم من المتشددين دينيًا مطلوبين في قضايا حق عام منها استهلاك المخدرات.
وقال الوزير المعتمد لدى رئيس الحكومـة نور الدين البحيري، أن ملتقى "أنصار الشريعة" لن ينعقد نظراً لمخالفته للقانون، ولن نسمح بعقد المؤتمر ليس من أجل الرغبة في رفض طرف معين أو جهـة معينـة، وإنما من أجل أن تكون تونس للجميع، ولقد اخترنا تطبيق القانون على الجميع، وكل من سيتجرأ على المس بأمن الدولـة سيُعاقب.
واعتبر البحيري هذا التجمع السلفي الضخم "غير قانوني ويهدد أمن الناس ومصالحهم، كونه لا يخضع لشروط احترام القانون، وأنه ملتقى جاء لفرض نوع من التسلط وإجبار الدولـة على الخضوع ".
وأكد مصدر تونسي، في وقت سابق الأحد، في تصريح خاص لـ"العرب اليوم"، أن تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي قرر تغيير مكان عقد مؤتمره السنوي إلى ضاحية حي التضامن في العاصمة، بعد أن كان مقررًا في مدينة القيروان وسط البلاد (300 كم جنوب العاصمة تونس)، وتأتي هذه الخطوة ردًا على التجييش الأمني المرافق لقرار وزارة الداخلية بمنع انعقاد ملتقى "الشريعة" بدعوى عدم الحصول على إذن قانوني.
وأفاد المصدر نفسه، أن تيار "أنصار الشريعة" وجه دعوة لأنصاره بالعودة إلى العاصمة، حيث من المنتظر أن يعقد مؤتمره السنوي الثالث في ضاحية حي التضامن، أحد أكبر معاقل التيار السلفي في تونس، بعد أن رفعت الحكومة حالة الاستنفار الأمني في مدينة القيروان إلى درجاته القصوى، رافقته حواجز أمنية وحملات تفتيش وإيقاف واسعة، تم خلالها مصادرة المئات من رايات التوحيد الجهادية واعتقال العشرات، ممن قالت أجهزة الأمن إنهم "متشددون دينياً" .
وأفاد مصدر أمني، أن محافظة القيروان تشهد في هذه اللحظات انتشار أكثر من 12 ألف رجل أمن تونسي بين شرطة وحرس وطني ووحدات مكافحة الارهاب المختصة، تحت  إشراف قيادات أمنية عليا.
وصرح رئيس الحكومة التونسية، علي العريض، الذي يزور قطر خلال هذه الفترة، أن تنظيم "أنصار الشريعة" غير قانوني، وأنه يمارس العنف وله علاقة بالإرهاب، وأن الدولة لن تسمح بعقد مؤتمر "أنصار الشريعة" في القيروان، الأحد، وأن الإصرار على عقده فيه يُعتبر، تعدّياً صارخاً على مؤسسات الدولة.
ونفت وزارة الداخلية ما تردد بشأن تفاوضها مع قيادات التيار السلفي، وأكدت تمسكها بقرارها القاضي بمنع مؤتمر "أنصار الشريعة"، مشيرة إلى أنّها لم تتفاوض مع أيّ جهة كانت، وأنّ التصريحات كلها في وسائل الإعلام لا تلزم إلاّ أصحابها، ما لم تكن صادرة عنها، وأنّها ملتزمة بالحيادية وتطبيق القانون.
واعتبر مراقبون أن "أنصار الشريعة" نجح في مراوغة وزارة الداخلية، وسحبوا البساط من الحكومة التي جيّشت قواتها الأمنية في القيروان لمنع أكبر تجمع جماهيري لأنصار التيار السلفي الجهادي والدعوي في البلاد، الذي كان يتوقع أن يبلغ عدد المشاركين فيه 40 ألف شخص، في حين حذروا من دخول تونس في سيناريو عنف متجدد، قد يُعيد إحكام القبضة الأمنية على البلاد، التي كانت سلاح نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وسر بقائه في السلطة طيلة 23 عامًا، وأن حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة انخرطت في لعبة "الإرهاب الدولية" حتى تنال رضا الأنظمة الغربية، وهو ما يفسر التقارب الحاصل بين إسلاميي تونس وفرنسا، التي قاطعتهم فور وصولهم إلى الحكم، في حين يذهب شق آخر، إلى أن التيار السلفي في البلاد يُشكل امتدادًا لتنظيم "القاعدة" المحظور دوليًا، والمتهم بالإرهاب، معربين عن خشيتهم من إعادة استنساخ وتشكيل سيناريوهات "الصوملة" و"حرب العشرية السوداء الجزائرية" في تونس.